طوَّر باحثون من جامعة نورث وسترن الأميركية إسفنجة متخصصة قادرة على إزالة الملوثات، مثل النفط والفوسفات والمعادن من المياه، مع إمكانية إعادة استخدامها، واستخراج الموارد ذات القيمة التي تم جمعها.
ويمكن أن يوفر هذا الابتكار حلاً فعالاً ومنخفض التكلفة لمشكلة تلوث المياه، خاصة في المناطق التي تعاني من تصريف النفايات الصناعية والزراعية، وجرى تصميم الإسفنجة لتكون قادرة على امتصاص الملوثات بشكل انتقائي، ثم إطلاقها عند تعريضها لظروف كيميائية محددة.
وفي الدراسة المنشورة في دورية "إنڤيرونمينتال ساينس آند تكنولوجي" Environmental Science & Technology، أظهر الباحثون أن الإسفنجة نجحت في خفض تركيز الملوثات في المياه من 0.8 جزء في المليون إلى مستويات غير قابلة للكشف، كما أظهروا إمكانية إعادة استخدام الإسفنجة لعدة دورات دون فقدان كفاءتها.
امتصاص الملوثات
تتكون الإسفنجة من مادة السليلوز، وهي مادة طبيعية قابلة للتحلل وذات مسامية عالية، وهذه المسامية توفر مساحة سطح كبيرة تسمح بامتصاص كميات كبيرة من الملوثات، كما أنها مغطاة بجزيئات نانوية مصممة خصيصاً لجذب أنواع معينة من الملوثات، كالمعادن مثل النحاس والزنك والفوسفات، إذ إن لهذه الجزيئات النانوية تقارب كيميائي مع الملوثات المستهدفة، ما يعني أنها ترتبط بها بشكل انتقائي.
وعند وضع الإسفنجة في الماء الملوَّث، تقوم الجزيئات النانوية على سطحها بالارتباط بالملوثات الموجودة في الماء.
على سبيل المثال، ترتبط الجزيئات المخصصة للمعادن بأيونات النحاس والزنك، بينما ترتبط الجزيئات المخصصة للفوسفات بأيونات الفوسفات، وبفضل المسام الكثيرة في الإسفنجة، يتم امتصاص الملوثات بسرعة وكفاءة، ما يقلل من تركيزها في الماء إلى مستويات غير قابلة للكشف في بعض الحالات.
بعد امتصاص الملوثات، يمكن إطلاقها من الإسفنجة عن طريق تغيير الظروف الكيميائية المحيطة بها، ويتم ذلك من خلال تعديل درجة الحموضة للمحلول الذي توضع فيه الإسفنجة.
وعند خفض درجة الحموضة يتم إطلاق المعادن مثل النحاس والزنك، وعند رفع درجة الحموضة يتم إطلاق الفوسفات، وتسمح هذه العملية باستعادة الملوثات بشكل انتقائي، مما يتيح إعادة استخدامها كموارد ذات قيمة بدلاً من التخلص منها.
ويقول الباحثون إن أحد الجوانب المهمة لهذا الابتكار قدرته على استعادة المعادن والفوسفات، إذ يمكن إعادة استخدامها بدلاً من فقدانها في البيئة.
ومن خلال تغيير درجة الحموضة، تمكَّن الباحثون من إطلاق النحاس والزنك أولاً، ثم الفوسفات لاحقاً إذ تسمح هذه العملية بفصل الملوثات واستعادتها بشكل انتقائي، ما يفتح الباب أمام إعادة استخدامها في الصناعات المختلفة.
الحفاظ على الموارد الطبيعية
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، فيناياك درافيد، إن هذه التقنية يمكن أن تكون بمثابة "سكين سويسري قادر على التكيّف مع أنواع مختلفة من الملوثات وإمكانية إعادة استخدامها مراراً وتكراراً".
وبعد النجاح في المختبر، يخطط الفريق لتطبيق التقنية في سيناريوهات واقعية، إذ تختلف تركيزات الملوثات بشكل كبير. ومن شأن هذا مساعدتهم على تحديد السعة القصوى للإسفنجة، وفعاليتها في البيئات الطبيعية، كما يعتزم الفريق التعاون مع باحثين آخرين في جامعة نورث وسترن لتعزيز جهود تنظيف المسطحات المائية.
ولا يقدم هذا الابتكار حلاً لتلوث المياه فحسب، بل يساهم أيضاً في الحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال استعادة المعادن والفوسفات، التي تُعد موارد محدودة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانية إعادة استخدام الإسفنجة تجعلها خياراً اقتصادياً مقارنة بالتقنيات الحالية التي تكون غالباً باهظة التكلفة، ولا يمكن استخدامها إلا مرة واحدة.
وتقول المؤلفة الأولى للدراسة، كيلي ماتوسزيفسكي، الباحثة في جامعة نورث وسترن: "لا يمكننا الاستمرار في التخلص من هذه المعادن الثمينة.. نحتاج إلى فهم كيفية تفاعلها وإيجاد طرق لاستخدامها بشكل فعَّال".