تتمتع العديد من الحشرات والعناكب بقدرتها الخارقة على تسلق الجدران والمشي رأساً على عقب على الأسقف بمساعدة وسادات قدم لاصقة مخصصة تسمح لها بالالتصاق بالأسطح في الأماكن التي لا يستطيع أيّ حيوان آخر تسلقها.
واستخدم المهندسون في جامعة كاليفورنيا بيركلي، هذا المبدأ الكامن وراء بعض وسادات الأقدام هذه، والذي يُطلق عليه اسم الالتصاق الكهروستاتيكي، لتصميم روبوت بحجم الحشرات يمكنه الانحراف والدوران بخفة، ما يمنحه القدرة على اجتياز التضاريس المعقدة وتخطي العقبات غير المتوقعة.
تصميم بسيط
وتعد الميزة الرئيسية في ذلك الروبوت، الذي يُشبه الصرصور، هو قوته الفائقة وصلابته الكبيرة التي تجعل من الصعب تحطميه بدعسة قدم.
ويتكون الروبوت من مادة رقيقة ذات طبقات تنحني وتتقلص عند تطبيق جهد كهربائي.
وفي ورقة بحثية صدرت عام 2019، أوضح فريق البحث أن هذا التصميم البسيط يمكن استخدامه لإنشاء روبوت بحجم الصرصور يمكنه الانطلاق بسرعة عبر سطح مستوٍ بمعدل 20 ضعف طول جسمه في الثانية، أو نحو 3 كيلومترات في الساعة وهي تقريباً سرعة الصراصير الحية نفسها، وأسرع من أيّ روبوت آخر بحجم الحشرات.
وفي دراسة جديدة نشرت في دورية "ساينس أدفانسس"، أضاف فريق البحث وسادتي قدم إلكتروستاتيكيتين إلى الروبوت، إذ تمنح وسادتا القدم المشغلين تحكماً كاملاً في مسار الروبوت، وتسمح للروبوت بالانعطاف بسرعة تتجاوز تسارع معظم الحشرات.
تحكم كامل
ويمكن لمعظم الروبوت التحرك بسرعة كبيرة، لكن المعضلة الأساسية التحكم في مسار الروبوت يساراً أو يميناً. ففي كثير من الأحيان يتحرك الروبوت بشكل عشوائي بسبب الاختلافات الطفيفة في عملية التصنيع.
وفي هذا العمل، كان الابتكار الرئيسي هو إضافة وسادات القدم التي تسمح لها بإجراء منعطفات سريعة جداً يُمكن التحكم فيها.
ولإثبات خفة حركة الروبوت، صوّر فريق البحث الروبوت, وهو يتنقل في متاهات الليغو حاملاً مستشعر غاز صغيراً وينحرف لتجنب سقوط الحطام.
وبسبب تصميمه البسيط وتصنيعه من مادة تتحمل الإجهاد، يمكن للروبوت، الذي يبلغ وزنه أقل من عُشر الغرام، النجاة من "دوس قدم" إنسان يبلغ وزنه 54 كيلوغراماً.
ويُمكن أن تكون الروبوتات الصغيرة القوية مثالية لإجراء عمليات البحث والإنقاذ أو التحقيق في المواقف الخطرة الأخرى، مثل اكتشاف تسرب الغاز المحتمل.
مواد كهروضغطية
ويستطيع الروبوت الاستمرار في العمل على طاقة البطارية الصغيرة المدمجة لمدة 19 دقيقة، ويُمكن تشغيله لمدة أطول بكثير عن طريق سلك كهربائي متصل بجسمه.
ويُعد التحدي الأكبر هو تصميم روبوتات صغيرة الحجم مع الحفاظ على إمكانية التحكم بها مثل الروبوتات الكبيرة.
فالروبوتات الكبيرة الحجم، يُمكنها حمل بطارية كبيرة ونظام تحكم، لكن حين يُحاول الباحثون تقليص حجم الروبوت يصبح من الصعب للغاية دمج وحدات تحكم أو بطارية تضمن تشغيل الروبوت بسرعة وكفاءة.
كما أن معظم الروبوتات ذات الحجم الصغير، هشة للغاية، ولا تستطيع العمل في البيئات المعقدة والخطيرة، لذا فذلك الروبوت يُعد نقلة نوعية في عمليات تصميم وتصنيع روبوتات بحجم الحشرات.
ويتكون الروبوت، الذي يبلغ حجمه حجم طابع بريدي كبير، من صفيحة رقيقة من مادة كهروضغطية، تولد الكهرباء عن طريق الضغط والحرارة الكامنة، تسمى "فلوريد البولي فينيلدين" أو PVDF.
وتعتبر المواد الكهروضغطية فريدة من نوعها، حيث يؤدي تطبيق الجهد الكهربائي عليها إلى تمدد المواد أو تقلصها.
وقام الباحثون بتغليف تلك المادة بطبقة من البوليمر المرن، ما يجعلها قابلة للثني بأكملها بدلاً من التمدد أو الانكماش، ثم أضافوا ساقاً أمامية بحيث، تدفع التذبذبات للأمام في حركة على شكل "قفزة"، مع ثني المادة وتقويمها تحت مجال كهربائي.
ويمكن للروبوت المرور عبر الأنابيب، وتسلق المنحدرات الصغيرة وحمل الأحمال الصغيرة، مثل حبة الفول السوداني.