خروج محطة الفضاء الدولية من الخدمة يشعل السباق.. ولا خطة لدى واشنطن

تنافس بين الصين وروسيا على محطات فضائية نشطة في مدار منخفض

صورة بالقمر الاصطناعي تظهر محطة الفضاء الدولية أثناء اتصال مركبة الفضاء ستارلاينر بها. 7 يونيو 2024 - Reuters
صورة بالقمر الاصطناعي تظهر محطة الفضاء الدولية أثناء اتصال مركبة الفضاء ستارلاينر بها. 7 يونيو 2024 - Reuters
دبي-الشرق

توقعت تقارير دولية أن تمتلك الصين، وربما روسيا أيضاً، محطات فضائية نشطة في مدار أرضي منخفض، بعد خروج محطة الفضاء الدولية من الخدمة، لكن الولايات المتحدة ربما لا تسير على النهج نفسه.

ولطالما كانت محطة الفضاء الدولية (ISS) محور رحلات الفضاء الأميركية البشرية على مدار 25 عاماً، على الرغم من الانتقاد الذي وجهه البعض لمحطات الفضاء الدولية، إذ حوّلت موارد ضرورية للغاية بعيداً عن مشروعات رحلات الفضاء البشرية الأكثر ربحية، مثل العودة إلى القمر أو الهبوط على المريخ، وأبقت رواد الفضاء الأميركيين محصورين داخل حدود مدار الأرض الآمنة، بحسب مجلة The National Interest.

ومع ذلك، حافظت محطة الفضاء الدولية على استمرار برنامج رحلات الفضاء المأهولة الأميركي، منذ إلغاء برنامج مكوك الفضاء قبل أكثر من عقد.

نهاية محطة الفضاء الدولية

تواجه وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، بغض النظر عما قد ترغب واشنطن في فعله، احتمال انتهاء صلاحية محطة الفضاء الدولية، لأن المحطة تقترب من نهاية عمرها الافتراضي، وستحتاج إلى إيقاف تشغيلها لأسباب تتعلق بالسلامة.

وربما تتمكن "ناسا" من إجبار محطة الفضاء الدولية على البقاء لبضع سنوات أخرى، لكن في النهاية، أيام المحطة معدودة.

ولا توجد حتى الآن خطة جادة بشأن كيفية حفاظ الأميركيين على وجودهم شبه الدائم في مدار الأرض، ما يعتبر مشكلة لواشنطن.

وعلى عكس الأميركيين، يمتلك الصينيون الآن محطة فضائية معيارية متطورة ذات وجود شبه دائم في المدار، ما يسمح لبرنامجهم الفضائي بالصمود بعد إيقاف تشغيل محطة الفضاء الدولية.

علاوة على ذلك، تزعم موسكو أنه بحلول عام 2030، سيكون لديها محطة فضائية معيارية خاصة بها في مدار قطبي عالي الميل حول الأرض.

وفي الوقت نفسه، ليس لدى الأميركيين أي خطط حقيقية للحفاظ على وجود استراتيجي في مدار الأرض، فضلاً عن الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك.

وتكهن البعض بأن الأميركيين سيبتعدون عن نموذج رحلات الفضاء البشرية الذي تعتمده "ناسا"، ويتجهون نحو نموذج تجاري، خاصة في ما يتعلق بعمليات محطات الفضاء.

وستكون هذه محطات تُبنى وتُشغل من قِبل القطاع الخاص، وتستأجرها ناسا فقط من شركات الفضاء الخاصة التي تبنيها.

هل يمكن خصخصة المدار الأرضي؟

تتنافس العديد من شركات الفضاء الخاصة على صدارة هذا الاقتصاد الفضائي الجديد في مدار أرضي منخفض (LEO)، ومن بينها محطة أكسيوم الفضائية، التي ستتضمن ربط وحدات أولية بمحطة الفضاء الدولية، وتحويل وحدات أكسيوم هذه في نهاية المطاف إلى محطة فضائية مستقلة بمجرد تقاعد محطة الفضاء الدولية رسمياً.

 

وتحتفظ شركة blue origin، المملوكة لجيف بيزوس، بخطة لما تصفه بـ"مجمع أعمال فضائي"، يُعرف باسم Orbital Reef، وهي محطة لن تدعم blue origin فحسب، بل ستتعاون مع شركات مثل Boeing وSierra Space لإنشاء موطئ قدم دائم خاص في مدار الأرض.

كما تحالفت شركات Lockheed Martin وAirbus وVoyager space لبناء محطة فضاء تجارية أحادية الإطلاق، مصممة لأغراض علمية وسياحية، تُعرف باسم Starlab.

وتكمن المشكلة، إذا حدث أي تأخير في إطلاق هذه المحطات الفضائية الخاصة، وهو أمر مرجح الحدوث، في مواجهة الولايات المتحدة صعوبة في الحفاظ على ميزتها التنافسية في مدار الأرض.

وربما يؤدي تأخر وجود الولايات المتحدة في المدار الأرضي المنخفض (LEO) المأهول إلى تأخير برنامج رحلات الفضاء المأهولة لسنوات، في وقت تتقدم فيه برامج رحلات الفضاء لمنافسيها بسرعة فائقة، محاولين اللحاق بالأميركيين في الفضاء ذي الأهمية الاستراتيجية.

تركيز ناسا على القمر والمريخ 

تُحوّل "ناسا" تركيز رحلاتها الفضائية المأهولة من المدار الأرضي المنخفض (LEO) إلى القمر والمريخ.

وتخطط الوكالة حالياً لمهام عودة مأهولة إلى القمر، وبناء قاعدة قمرية لدعم استعمار سطحه، فضلاً عن الحديث حول محطة بوابة القمر المُهدرة.

وفي الوقت نفسه، تزعم "ناسا" أنها في خضم التحضير لمهمة مأهولة إلى المريخ. لذا، تُعيد تخصيص مواردها المحدودة لإنشاء أنظمة دعم حياة طويلة الأمد، وأبحاث الإشعاع، وتقنيات دفع جديدة.

وكانت محطة الفضاء الدولية تستهلك نصف ميزانية "ناسا" المخصصة لرحلات الفضاء المأهولة، ولولاها لعملت الوكالة على تحويل مليارات الدولارات إلى رحلات الفضاء السحيق.

 

وتعتمد معظم خطط "ناسا" بشكل كبير على شركات الفضاء الناشئة الخاصة، مثل سبيس إكس، لإعادتها إلى القمر أو إرسال رواد فضاء إلى المريخ.

تعزيز نفوذ الصين

ويُعد تجاوز المدار الأرضي المنخفض (LEO) تركيزاً جديراً بالثناء على "ناسا"، لكن التخلي عنه تماماً، في وقت يتسارع فيه الصينيون والروس للسيطرة على المرتفعات الاستراتيجية، يُعد تقصيراً في النظر من ناحية استراتيجية.

وفي حال توقف محطة الفضاء الدولية عن العمل، وفي حال حدوث أي تأخير في أي من محطات الفضاء الخاصة المقترحة، فإن ذلك يجعل محطة تيانجونج الفضائية الصينية المحطة الفضائية السيادية الوحيدة التي تديرها الحكومة في المدار.

وعلاوة على ذلك، تعتزم بكين أن تستضيف دول أخرى في قاعدة تيانجونج، وهو ما من شأنه أن يعزز نفوذ الصين ومكانتها في العمليات الفضائية.

وتعتبر نهاية محطة الفضاء الدولية هي نهاية حقبة بالفعل، وعندما بُنيت في التسعينيات، كانت في أوج العلاقات الروسية الأميركية. وبعد أكثر من عقدين من الزمن، وبينما تواجه نهاية دورة حياتها التاريخية، وصلت تلك العلاقات إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.

وسيؤدي رحيل محطة الفضاء الدولية إلى اعتماد "ناسا" بشكل دائم على شركات الفضاء الخاصة المتقلبة.

وفي فبراير الماضي، أوصى إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس"، بإنهاء عمل محطة الفضاء الدولية، وأشار إلى ضرورة إخراج معمل الأبحاث عن مداره خلال عامين بدلاً من مدة السنوات الخمس المقررة حالياً.

شاركت وكالات الفضاء الكندية والأوروبية واليابانية والروسية في بناء محطة الفضاء الدولية، التي تعد عنصراً رئيسياً في مبادرات "ناسا" لرحلات الفضاء المأهولة خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث تعمل كموقع رئيسي يعيش فيه رواد الفضاء، ويجرون أبحاثهم في المدار، ومنذ نوفمبر 2000، يتواجد دوماً طاقم واحد على الأقل على متن المحطة في جميع الأوقات.

تصنيفات

قصص قد تهمك