انتهت الرحلة الأولى للجيل الجديد من صاروخ (تشوتشيه-3) الذي تصنعه شركة لاندسبيس، بالفشل، الأربعاء، ما بدد آمال الشركة الصينية في أن تصبح ثالث شركة بعد سبيس إكس، التابعة لإيلون ماسك، وبلو أوريجن، التابعة لجيف بيزوس، تختبر بنجاح صاروخاً قابلا لإعادة الاستخدام.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الصاروخ لم يتمكن من إكمال الهبوط الحاسم الخاضع للتحكم بعد الإطلاق الأولي.
وقالت الوكالة: "وقع حدث احتراق غير طبيعي أثناء العملية، ما حال دون الهبوط السلس على منصة الاستعادة.. فشل اختبار هبوط الصاروخ، ولا يزال سبب ذلك يخضع للتحليل والتحقيق".
ويسلط فشل الرحلة الأولى لصاروخ تشوتشيه-3 الضوء على صعوبة تطوير صاروخ يمكن إعادته إلى المنصة، وإعادة استخدامه بعد إطلاقه إلى المدار.
وقالت لاندسبيس، في بيان، إنها ستستخدم البيانات التي جُمعت خلال الرحلة لتحسين عملية استعادة الصاروخ.
الصين وسباق الفضاء
وسيؤدي إدخال أول صاروخ مداري قابل لإعادة الاستخدام يُطوَّر محلياً في الصين، إن تم طرحه بنجاح، إلى تسريع نمو بكين في مجال الفضاء، عبر زيادة وتيرة المهام وخفض تكاليف الإطلاق، فيما تسعى البلاد لنشر مجموعات ضخمة من الأقمار الاصطناعية لمنافسة شبكة "ستارلينك" التابعة لسبيس إكس.
وقالت لاندسبيس: "مع تسارع نشر مجموعات الأقمار الاصطناعية في المدارات المنخفضة، سيواصل تشوتشيه-3 التدرج من عروض الاستعادة إلى إعادة الاستخدام الروتينية، وصولاً إلى وتيرة تشغيلية مشابهة لقطاع الطيران، بما يسهم في أهداف الصين لتكون قوة فضائية."
مطاردة سبيس إكس
وأطلقت "سبيس إكس" ثورة في إعادة استخدام الصواريخ قبل نحو عقد من خلال صاروخها "فالكون 9"، الذي قلب صناعة الإطلاق الأميركية القائمة آنذاك على معززات تُستخدم مرة واحدة، وتُرمى في البحر، أو تبقى في الفضاء بعد انتهاء مهمتها.
وأتاح المعزز القابل لإعادة الاستخدام لفالكون 9 للشركة بدء إطلاق أقمار "ستارلينك" في عام 2019 بوتيرة أسرع بكثير من منافسيها، لتصبح أكبر مشغّل في العالم في العام التالي، وتعيد تشكيل صناعة الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية.
وفي أكتوبر، أشاد ماسك بتصميم تشوتشيه-3، قائلاً على منصة X إن الصاروخ الصيني ربما يتفوق حتى على فالكون 9.
وقالت لاندسبيس، الأربعاء، إن تشوتشيه-3، بعد نضجه، يمكن إعادة استخدامه ما لا يقل عن 20 مرة، ويمكنه حمل عدة أقمار اصطناعية بوزن يصل إلى 18 طناً.
لكن الفجوة لا تزال كبيرة، وليس هناك ضمان بأن لاندسبيس ستلحق بالركب، إذ حققت سبيس إكس أول هبوط ناجح لمعزز فالكون في عام 2015 بعد محاولتين فاشلتين، ومنذ ذلك الحين، بدأت معظم شركات الصواريخ حول العالم في محاولة تقليد نموذج إعادة الاستخدام الذي تتبعه الشركة.
ومع ذلك، يمنح الإطلاق الأول لصاروخ تشوتشيه-3 شركة لاندسبيس تقدماً على منافسيها المحليين مثل iSpace وGalactic Energy وDeep Blue Aerospace، الذين يعملون على أنظمة أصغر، أو أقل نضجاً.
وتمثل هذه التجربة أول مرة تقترب فيها شركة صينية من إنتاج مركبة قابلة لإعادة الاستخدام من فئة فالكون 9.
الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام
تتطلب الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام مناورات معقّدة وعالية الطاقة، ولم تتمكن أي شركة حتى الآن من تنفيذها بشكل روتيني سوى سبيس إكس، فبعد فصل المرحلة الأولى، يجب أن يستدير المعزّز في الفضاء، ويشغّل محرّكاته لتخفيف سرعته، ويتحمل سقوطاً فوق صوتي عبر الهواء الساخن، ثم يعيد تشغيل محرّكاته قبل ثوانٍ فقط من ملامسة الماء، أو منصة الهبوط.
ويجب توقيت تشغيل المحركات ضمن أجزاء من الألف من الثانية، بواسطة برمجيات على متن الصاروخ، تعمل باستمرار على تصحيح مساره.
ويمكن لأخطاء بسيطة في زاوية الصاروخ، أو توقيت تشغيل المحركات، أن تتسبب في فقدان السيطرة عليه، أو انحرافه عن موقع الهبوط، أو احتراقه في أثناء الهبوط.
تنافس دولي
وعلى الرغم من هذه التعقيدات، لا تزال سبيس إكس الشركة الوحيدة التي أثبتت نجاح نموذج الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام بالكامل؛ إذ تهبط معززات فالكون 9، وتُعاد للطيران مرات عديدة.
ومنحها أكثر من عقد من عمليات الهبوط، وعشرات المعززات التي طارت حتى 20 مرة، شبه احتكار لعمليات الإطلاق المدارية القابلة لإعادة الاستخدام، وكذلك أعلى معدل إطلاق سنوي في العالم.
وتشكل الفجوة في الخبرة والبيانات عقبة كبرى أمام المنافسين المحتملين.
وتعمل شركات في الصين وأوروبا والهند والولايات المتحدة على تطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، لكنها لا تزال متأخرة عن سجل رحلات سبيس إكس وقدرتها التصنيعية التي تراكمت على مدى مئات عمليات الإطلاق، ما يترك الشركة في موقع مهيمن ضمن سوق المهام المتوسطة والثقيلة.









