طوّر باحثون صينيون تقنية مبتكرة لاستخلاص بروتين الألبومين البشري، من الأرز عبر الهندسة الوراثية، بعد أكثر من 20 عاماً من الأبحاث، ليصبح أول خط إنتاج عالمي للألبومين البشري المستخلص من النباتات.
وبروتين الألبومين مكوّن أساسي في بلازما الدم، يجري تصنيعه في الكبد، ويلعب دورًا حيويًا في نقل المواد كالهرمونات والأدوية، والحفاظ على توازن السوائل داخل الأوعية الدموية ومنع تسربها، وهو أساسي لوظائف الجسم الطبيعية، ويُستخدم مستواه في الدم كمؤشر لصحة الكبد والكلى والتغذية، ويُستخدم في علاج المرضى الذين يعانون من فقدان كميات كبيرة من الدم.
وأوضحت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، الاثنين، أن الفكرة تعتمد على ما يُعرف إعلامياً بـ"إنتاج الدم من الأرز"، أي تعديل بذور الأرز وراثياً من خلال حقنها بجينات بشرية، حتى تنتج بروتين الألبومين.
وقال قائد فريق البحث، يانج داي تشانج، الأستاذ بجامعة ووهان، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الصينية: "كمية الألبومين المستخرجة من 5 كيلوجرامات من الأرز تعادل ما يوجد في لتر واحد من بلازما الدم، ولا زلنا نحقق اختراقات إضافية في هذه التقنية".
ومع محدودية المتبرعين بالدم، والتحديات التي تواجه القطاع الصحي في توفير الألبومين المستخلص من البلازما البشرية لعلاج تليّف الكبد، والحروق، والحالات الحرجة، تستهدف الصين إنتاجاً سنوياً قدره 12 مليون حقنة، وهو ما يمكن أن يغطي نحو ربع وارداتها من الألبومين البشري، بعدما كانت تستورد أكثر من 60% من احتياجاتها من الخارج.
استخلاص الألبومين من الأرز
ذكر موقع مدينة ووهان، أن الهيئة الوطنية للأدوية أعلنت في يوليو 2025 موافقتها على بيع أول منتج لحقن الألبومين البشري ذي المصدر النباتي تحت الاسم التجاري "أوفومين"، ليصبح هذا المنتج البيولوجي الجديد ضمن مجال المستحضرات الصيدلانية الحيوية عالمياً، من إنتاج شركة ووهان هيلثجن للتكنولوجيا الحيوية Wuhan Healthgen Biotechnology.
وفي تصريح نقلته وكالة الأنباء الصينية شينخوا عن دونج ليانج ليانج، المدير الرفيع لمشروعات البحث والتطوير في الشركة، قال: "لا نُنتج الدم فعلياً داخل الأرز، بل نستخدم الهندسة الوراثية لجعل بذور الأرز بمثابة ورشة إنتاج للبروتينات، لتصنيع الألبومين بدلاً من كبد الإنسان".
وعن مزايا الأرز في الصناعة الدوائية، أوضح يانج داي تشانج: "إنتاج الألبومين من الأرز يتمتع بمزايا واضحة مقارنة بالطريقة التقليدية؛ فالبروتينات الدوائية النباتية تقضي من الأساس على مخاطر التلوث بالفيروسات البشرية، كما أن زراعة الأرز غير مقيّدة بالزمان والمكان، وعملية الإنتاج أكثر أماناً وقابلية للتحكم".
رحلة البحث والتطوير
بدأت فكرة إنتاج الألبومين البشري من الأرز في الصين عام 2005، حين أطلق فريق بقيادة البروفيسور يانج داي تشانج مشروعاً بحثياً طموحًا في جامعة ووهان. اعتمدت التقنية على الهندسة الوراثية لتعديل بذور الأرز بحيث تصبح مصانع بروتينية لإنتاج الألبومين، وهو بروتين أساسي في بلازما الدم.
وعلى مدار أكثر من 20 عاماً، مر المشروع بمراحل دقيقة من التجارب المخبرية، وتحسين معدلات الاستخلاص.
الاختبارات السريرية
بعد سنوات من التطوير، حصلت التقنية على موافقة لإجراء التجارب السريرية عام 2017، وخضعت لعدة مراحل من التقييم لضمان السلامة والفاعلية.
وفي خطوة رمزية، كان يانج داي تشانج أول من تلقى الحقنة التجريبية، ما عزز الثقة في المنتج.
واستمرت الاختبارات حتى أثبتت أن الألبومين المستخلص من الأرز يتمتع بنفس الخصائص العلاجية للألبومين البشري التقليدي، مع ميزة إضافية تتمثل في خلوه من أخطار التلوث الفيروسي، وهو ما مهّد الطريق لاعتماد المنتج رسمياً.










