في دراسة ثورية.. باحثون يسمون نوعاً جديداً من أسلاف الإنسان

صورة توضيحية للنوع المكتشف حديثاً من أسلاف الإنسان - Ettore Mazza
صورة توضيحية للنوع المكتشف حديثاً من أسلاف الإنسان - Ettore Mazza
القاهرة-محمد منصور

أعلن فريق دولي من الباحثين، بقيادة عالمة الحفريات البشرية بجامعة وينيبيج الكندية الدكتورة ميريانا روكسانديك، عن تسمية نوع جديد من أسلاف الإنسان.

وأطلق الباحثون على النوع الجديد اسم "هومو بودونيسيس- Homo bodoensis"، وقد عاش هذه النوع في إفريقيا خلال العصر البليستوسيني الأوسط، أي قبل حوالي نصف مليون سنة وكان السلف المباشر للإنسان الحديث، بحسب هؤلاء الباحثين.

وفي مفاجأة كبيرة، قالت الدراسة إن نوعين من أسلاف البشر المكتشفين سابقاً - إنسان هايدلبيرج وإنسان روديسيا - لا يُشكلان نوعاً منفصلاً بذاته؛ فكلاهما ينتمي إلى نوع إنسان النياندرتال.

شجرة الأنساب

ويصف عالم الحفريات المصري الدكتور هشام سلام تلك النتائج بـ"الجريئة"، إذ يقول في تصريحات لـ"الشرق" إن ذلك البحث "الثوري" قام بـ"تقليم شجرة الأنساب بعد أن حل مشكلة استمرت لعقود".

خلال السنوات الماضية؛ تزايد الجدل بين علماء الحفريات بخصوص إنسان هايدلبيرج وإنسان روديسيا، فالأول، اكتشفت أحافيره في ألمانيا وفرنسا وبضع دول أوروبية أخري منذ أكثر من قرن من الزمان.

وعاش إنسان هايدلبيرج قبل حوالي 500 ألف سنة في أوروبا في الوقت نفسه الذي عاش فيه إنسان النياندرتال هناك. وعلى الرغم من وجود اختلافات طفيفة بينه وبين إنسان روديسيا إلا أن العلماء فضلوا تسميته كنوع جديد بعد اكتشافه مباشرة.

أما إنسان روديسيا؛ فتعود أقدم حفرياته إلى نحو 600 ألف سنة؛ ويقول العلماء إنه عاش في قارة إفريقيا واعتبروه الحلقة الوسيطة بين الإنسان المنتصب "هومو أريكتوس" والإنسان العاقل "هومو سابين" على الرغم أيضاً من عدم وجود اختلافات ذات معنى بينه وبين إنسان النياندرتال.

ثم جاءت تلك الدراسة المنشورة في الدورية العلمية الشهيرة قضايا الأنثروبولوجيا التطورية لتنسف ذلك الفهم من الأساس.

إنسان النياندرتال

وتقول المؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة ميريانا روكسانديك في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، إن الأدلة تثبت "أن كلا النوعين ينتمي إلى إنسان النياندرتال دون أيّ شك".. فكلاهما "لا يتمتع بصفات تشريحية أو بيولوجية منفصلة تؤهله لأن يكون نوعاً منفصلاً في شجرة تطور الإنسان".

وعلى العكس تماماً؛ يختلف النوع المُسمى حديثاً "هومو بودونيسيس" عن إنسان النياندرتال تشريحياً وبيولوجياً.

واكتشف العلماء الحفرية التي توصف بالنوع الجديد بالقرب من منطقة "بودو دار" الإثيوبية في سبعينات القرن الماضي.

ويقول الباحثون في تلك الدراسة إن ذلك النوع انفصل عن أشباه البشر الذين رحلوا إلى أوراسيا (الكتلة القارية المُكونة لآسيا وأوروبا) وتطوَّر بشكل منفصل في إفريقيا.

"عندما رحل أسلاف البشر قبل مئات الألوف من السنوات إلى قارتي آسيا وأوروبا ظلَّ أحدهم في إفريقيا" تقول روكسانديك في تصريحاتها لـ"الشرق".

وتطوَّر الراحلون إلى أوراسيا وانفصلوا لنوعين هما إنسان النياندرتال وإنسان الدينوسوفان؛ أمَّا ذلك الذي بقي في إفريقيا فتطور ليكون الإنسان المكتشف حديثاً والمعروف باسم إنسان بودونيسيس.

وتقول "روكسانديك" في تصريحاتها لـ"الشرق" إن التطور خلال العصر البليستوسيني الأوسط في إفريقيا تحديداً "ظل لغزاً كبيراً" فأسلاف الإنسان المعاصر في إفريقيا "غير معروفين على وجه الدقة" لذا؛ تأتي تسمية النوع الجديد بميزة كبيرة "إذ تضفي بعض الوضوح على تلك الأسلاف في إفريقيا".

وتؤكد روكسانديك أن "التطور مذهل ومستمر"، وأن الاكتشافات الجديدة "أكثر روعة بالنسبة لنا كبشر لأنها تتحدث عن جوهرنا وعمَّا يجعلنا بشراً"، موضحة أن الدراسة الجديدة والدراسات السابقة "جعلتنا ندرك أن 7.5 مليار شخص يعيشون اليوم يشتركون في أصول مشتركة حديثة جداً وأن اختلافاتنا لا تذكر".

ويعتمد العلم على أبحاث ومعرفة الأجيال السابقة، ولا يعمل العلماء في معزل عن بعضهم البعض. وقال عالم الحفريات المصري هشام سلام، إن التغييرات العلمية الكبيرة "تحدث عندما يحين الوقت" فعندما تتعارض المعرفة المتراكمة مع الأراء السائدة ويطرح شخص ما تفسيراً جديداً "لا يُمكن أن يعارضه العلماء" فـ"العلم قائم على الأدلة التي توجه العلماء للاستنتاجات.. فنحن لا نُفصّل العلم حسب أهوائنا".

ويرى سلام أن الأدلة التي تعرضها تلك الدراسة "قوية للغاية" لدرجة أن المجتمع العلمي "وافق على حذف نوعين وإضافة نوع جديد لشجرة أنساب البشر". 

اقرأ أيضاً: