"هيدروجيل" جديد.. لإصلاح القلوب التالفة والأحبال الصوتية

 يقول الباحثون إن مادة هيدروجيل يُمكنها إصلاح القلوب التالفة والأحبال الصوتية - AFP
يقول الباحثون إن مادة هيدروجيل يُمكنها إصلاح القلوب التالفة والأحبال الصوتية - AFP
القاهرة-محمد منصور

في عام 1894 ظهر مصطلح "الهيدروجيل" لأول مرة، ليتم وصفه بأنه مادة هلامية مبتكرة ذات قوام داخلي مائي، إلا أنه بدأ استخدامها لصناعة كمادات الجروح في عام 1960. والآن وبعد أكثر من 127 عاماً على ظهور المصطلح؛ يقول الباحثون إن هذه المادة يُمكن استخدامها في إصلاح القلوب التالفة، والأحبال الصوتية.

حين يُصاب المريض بالسكتة القلبية، تضعف عضلة القلب نتيجة تلف بعض الخلايا فيها. ومنذ عقود يحاول الأطباء حقن العديد من المواد التي يُمكن أن تعوض ذلك التلف، وترفع من كفاءة القلب.

لكن المشكلة التي واجهتهم أن معظم المواد المحقونة تتضرر بشدة، فالقلب عضلة لها طبيعة خاصة، إذ تنقبض وتنبسط على مدار العمر، ولا تستطيع أيُّ مادة تحمل قوة الانقباضات بشكل دائم. ونتيجة تلك الضغوط، تتكسر المواد المحقونة وتتسرَّب خارج القلب مُسببة أضراراً إضافية.

والأمر ذاته بالنسبة للأحبال الصوتية، فالمصابون بسرطان الحنجرة تتضرر أحبالهم الصوتية، ويفقد بعضهم القدرة على الحديث. ولا يستطيع الأطباء ترميم تلك الأحبال بكفاءة للسبب ذاته الذي يمنعهم من ترميم خلايا القلب. فالأحبال الصوتية تهتز على مدار الوقت، وتضع ضغوطاً على المواد المختلفة وتُفككها وتحللها إلى جزيئات صغيرة، قد تُسبب هي الأخرى أضراراً بالغة.

الحل في الهيدروجيل

لوك مونجو المتخصص في الميكانيكا الحيوية بجامعة "مكجيل" الكندية، وجد حلاً لتفكك المواد المحقونة وتحللها.

وقال مونجو في تصريحات لـ"الشرق"، إن "الحل هو في تغيير المواد بمواد أكثر ملائمة، هيدروجيل مصنَّع خصيصاً لذلك الغرض".

ويمتلك الهيدروجيل بشكل عام خصائص فريدة، تجعله مادة "مُحببة للأطباء"، إذ إنها غير سامة؛ وتتكون من بوليمرات مترابطة ذات مظهر صلب، كما يُمكنها امتصاص السوائل بسهولة؛ لكنها غير قابلة للذوبان، والأهم "أنها قابلة للحقن عن طريق الإبرة"، وفق مونجو.

وفي الدراسة المنشورة في دورية "ساينس أدفانسس"، تمكن الباحثون من حقن الهيدروجيل في أجهزة تحاكي الأعضاء الحيوية داخل المعمل، وأصلحت المادة تلك الأجهزة بكفاءة عالية؛ وتحمّلت الضغوط "بشكل مثير للإعجاب والدهشة"، بحسب مونجو.

ويختلف الهيدروجيل الجديد، والمُصنع بتقنية خاصة رتب فيها الخبراء ذراته بشكل خاص بعمليات تصنيعية معقدة، عن المواد الأخرى القابلة للحقن، والتي يُمكنها إصلاح الأعضاء المتضررة. فبعض المواد المحقونة داخل الأعضاء تتسرب إلى الأوعية الدموية الدقيقة، وتمنع مرور الدم وتؤدي إلى تلفها.

كما أنها أيضاً لا تستطيع تحمل التشوهات الكبيرة الناتجة عن الإجهاد والضغوط خصوصاً في بيئة الأنسجة الديناميكية، أي التي تتحرك باستمرار كالأحبال الصوتية وعضلة القلب.  

فمثلاً، تتعرض الغرسات المزروعة في الأحبال الصوتية إلى التفتت باستمرار، ما يجعل المريض عُرضه لحقنها عدة مرات خلال العام الواحد بسبب قصر عمرها.

قابلية الحقن

على النقيض من ذلك، فإن العديد من الأنسجة المتوافقة بيولوجياً مع الجسم والمصنوعة من ذلك النوع من الهيدروجيل تتحمل الضغوط الميكانيكية الناجمة عن اهتزاز الأحبال الصوتية بدرجة أكبر بكثير.

وقال مونجو: "في تجربتنا حافظت المادة على متانتها رغم تعرضها للاهتزاز بمعدل 120 مرة في الثانية الواحدة لأكثر من 6 ملايين دورة اهتزاز"، مشيراً إلى أن تلك الخاصية تجعل المادة "أقوى مئات المرات من نظائرها المستخدمة الآن".

وبالتالي، تسد تلك المادة فجوة مهمة للغاية في عمليات إصلاح الأعضاء الحيوية. تتميز المادة أيضاً بقابليتها للحقن من خلال إبر صغيرة الحجم. على عكس المواد الأخرى التي تتطلب استخدام إبر كبيرة الحجم.

كما أنها أيضاً مصنوعة من مواد ذات نفاذية عالية، وبالتالي تسمح بمرور الدم منها للعضو المُصاب ما يدعم وظيفة الخلايا الطبيعية غير المُصابة ويمنع تلف العضو بالكامل.

كما تتميز المادة الجديدة بأنها متوافقة خلوياً مع الأنسجة الحية؛ ولا تُسبب أيّ ردود فعل مناعية "داخل بيئات الخلايا في المعمل" حسبما يقول مونجو، الذي يُشير إلى أن الفريق بصدد البدء في تجربة على فئران التجارب لمعرفة مدى أمان المادة بعد حقنها في البيئات الحية.

اقرأ أيضاً: