كشفت دراسة علمية نُشرت، الأربعاء، في دورية "نيتشر"، عن موقع أثري جديد في منطقة "شيامابي" الصينية عاش فيه البشر قبل 40 ألف سنة.
ويقع موقع "شيامابي" في حوض "نيهيوان" في الصين وهو أحد أهم المناطق لفهم التطور البشري على المدى الطويل. إذ يحتوي على مواقع أثرية شهيرة تعود إلى نحو 1.7 مليون سنة مضت.
وعثر الباحثون على بقايا لمجموعة من الأدوات الحجرية المتميزة الشبيهة بالشفرات، وأحجار ملونة تم مُعالجتها بأكاسيد الحديد.
وتُعد تلك الأحجار أقدم دليل معروف على استخدام أكاسيد الحديد في التلوين بمنطقة شرق آسيا.
ويقول الباحثون إن اكتشاف تلك الثقافة الجديدة والفريدة يؤكد أن البشر "ابتكروا" أدوات لتسهيل حياتهم في فترة "التهجين الجيني والثقافي". وهي الفترة التي تفاعل فيها الإنسان العاقل "هوموسابينس" مع المجموعات البشرية القديمة قبل 40 ألف سنة، مثل والنياندرتال والدينيسوفان.
اكتشافات مهمة
وقال أستاذ علوم التطور البشري وما قبل التاريخ بمعهد ماكس بلانك "مايكل بيتراجليا"، وهو المؤلف المشارك في دراسة الموقع المكتشف حديثاً، إنه "كان في حالة جيدة للغاية" مشيراً في تصريحات لـ"الشرق" أن الفريق عثر على مجموعة كبيرة للغاية من الأدوات الحجرية وعظام الحيوانات وموقد وأكاسيد الرصاص" وهذا يدل على حدوث نشاط بشري كبير في ذلك الموقع".
ومن السمات الثقافية المهمة الموجودة في شيامابي، الاستخدام المكثّف لأكاسيد الحديد في عملية التلوين كما يتضح من المصنوعات اليدوية المستخدمة لمعالجة كميات كبيرة من الصباغ.
وتشتمل القطع الأثرية على قطعتين من الحجر بتركيبات معدنية مختلفة، و"بلاطة" مطولة من الحجر الجيري مع مناطق ناعمة تحمل بقع الصباغ.
وتمثل الأدوات الحجرية في شيامابي تكيّفاً ثقافياً جديداً لشمال الصين منذ 40 ألف عام.
ونظراً لأنه لا يُعرف الكثير عن صناعات الأدوات الحجرية في شرق آسيا حتى أصبحت صناعة الشفرات الحجرية هي التكنولوجيا السائدة منذ حوالي 29000 عام، فإن اكتشافات شيامابي توفر رؤى مهمة في صناعة الأدوات خلال فترة انتقالية رئيسية.
ويشير التحليل الوظيفي والمخلفات إلى استخدام أدوات للتثقيب، وإخفاء الكشط، وتقطير المواد النباتية وقطع المواد الحيوانية الرخوة.
"الصباغ الأحمر"
وصنع سكان الموقع أدوات متعددة الأغراض، مما يدل على نظام تقني معقد لتحويل المواد الخام التي لم تُشاهد في المواقع القديمة أو الأحدث قليلاً.
ويُظهر السجل الناشئ من شرق آسيا أن مجموعة متنوعة من التكيفات كانت تحدث عندما دخل الإنسان الحديث المنطقة منذ ما يقرب من 40 ألف عام.
وأضاف "بيتراجليا" أن الفريق حدد ثقافة جديدة لم يتم الكشف عنها في الأبحاث الأثرية السابقة في شرق آسيا، "فهناك مزيج فريد من السمات الثقافية مع بعض الابتكارات الثقافية التي لم يتم تحديدها من قبل من قبل علماء الآثار مثل ميزة معالجة أكاسيد الحديد وهي واحدة من أقدم الميزات من نوعها".
وجرى اختيار أكاسيد الحديد من قبل سكان الموقع ومعالجتها بشكل منهجي لاستخراج الصبغات الحمراء، وفق "بيتراجليا" الذي أشار "لسنا متأكدين من الهدف وراء استخدام الصبغات الحمراء ولكن في أجزاء أخرى من العالم أحياناً تستخدم هذه الصبغة لأغراض رمزية مثل تزيين الجسم".
وأكد "بيتراجليا " أن الآثار المترتبة على هذا العمل كبيرة، مرجحاً أن سكّان الموقع "كانوا من الإنسان العاقل حيث توجد حفريات لجنسنا في المناطق المجاورة" ومع ذلك، نعلم أنه كان هناك تزاوج بين الإنسان العاقل والنياندرتال والدينيسوفان.
وأضاف: "لذلك، يبدو أن لدينا موجة مبكرة من البشر المعاصرين في شيامابي، ربما كانت فريدة من نوعها من الناحية البيولوجية والثقافية. ربما لم ينج هؤلاء السكان الأوائل ولكن تم استبدالهم بمجموعات مهاجرة لاحقة".
وأشار "بيتراجليا" إلى أن التطور البيولوجي والثقافي لأنواعنا كان أكثر تعقيداً مما كان يُفهم سابقاً في آسيا.
اقرأ أيضاً: