توصي معظم الأبحاث العلمية بالنوم لفترة لا تقل عن 7 ساعات يومياً، إذ تشير إلى أنَّ هذه الفترة تعد أمراً جوهرياً للحفاظ على الجسد، والاستيقاظ بنشاط، وممارسة المهام اليومية المُرهقة.
لكن بعض البشر، وفقاً لدراسة جديدة نُشرت في دورية "أي ساينس"، يستطيعون النوم لفترات أقصر تُقدَّر بنحو نصف الفترة الموصى بها، والاستيقاظ بنشاط وممارسة مهامهم اليومية، كما لو أنهم حصلوا على قسط "وافر" من النوم، وذلك بفضل جينات معينة.
وبحسب الدراسة، فإن هذه الجينات لا تُمكن "النخبة النائمة" من الحصول على فوائد النوم كاملة في فترات أقصر؛ لكن تجعلهم أيضاً أكثر مرونة في مقاومة حالات التنكس العصبي والإصابة بأمراض الزهايمر والشلل الرعاش؛ مما يجعل دراسة تلك الجينات بصورة أكبر وسيلة قد تنجح في درء الأمراض العصبية.
النوم والجينات
ويرى الباحثون أنَّ هناك عقيدة في المجال البحثي العلمي فيما يتعلق بالنوم؛ مفادها أنَّ كلَّ شخص يحتاج إلى 8 ساعات من النوم، لكن هذا العمل حتى الآن، يؤكد أنَّ مقدار النوم الذي يحتاجه الناس يختلف بناءً على الجينات.
لأكثر من عقد من الزمان درس الباحثون في جامعة كاليفورنيا-سان دييجو الأشخاص الذين يعانون من نوم قصير طبيعي عائلي مع القدرة على العمل بشكل كامل في ساعات اليوم.
وحدد الباحثون 5 جينات تلعب دوراً في تمكين هذا النوم الفعَّال. وقالوا إنه لا يزال هناك العديد من جينات هذه "النخبة النائمة" التي يجب العمل والعثور عليها في المستقبل.
واختبرت هذه الدراسة فرضية تقول إن نوم النخبة يمكن أن يكون درعاً ضد الأمراض التنكسية العصبية. وتتناقض أفكار هذه الفرضية مع التفكير الحالي القائل بأن قلة النوم، بالنسبة للعديد من الناس، يمكن أن تسرع من التنكس العصبي.
جودة النوم
ويقول الباحثون إن جينات "النخبة النائمة" تجعل أدمغتهم "تنجز مهام النوم في وقت أقصر"، أو بمعنى قد لا يعني قضاء وقت أقل في النوم اضمحلال في جودة النوم.
وأجرى الباحثون تجارب على نماذج الفئران المصابة بمرض الزهايمر، إذ قاموا بتربية فئران لديها المجموعة الجينية المسؤولة عن قصر فترة النوم، ليجدوا أنَّ أدمغتهم طورت عدداً أقل بكثير من التجمعات المميزة المرتبطة بالخرف.
ويعتقد الباحثون أنَّ التحقيقات المماثلة لحالات الدماغ الأخرى، ستظهر أنَّ جينات النوم الفعَّالة تمنح حماية مماثلة. وقالوا إن تحسين نوم الناس يمكن أن يؤخر تطور المرض عبر مجموعة كاملة من الظروف.
مشاكل النوم
وتُعد مشاكل النوم شائعة في جميع أمراض الدماغ، وهو أمر منطقي لأنَّ النوم نشاط معقَّد. إذ يجب أن تعمل أجزاء كثيرة من دماغك معاً حتى تنام وتستيقظ. عندما تتلف هذه الأجزاء من الدماغ، يصبح من الصعب النوم أو الحصول على نوم جيد.
ويمكن أن يساعد فهم الأسس البيولوجية لتنظيم النوم في تحديد أهداف دوائية قد تساعد في درء مشاكل اضطرابات النوم.
وإضافة إلى ذلك، قال الباحثون إن تحسين النوم لدى الأشخاص الأصحاء قد يحافظ على الرفاهية ويحسن نوعية النوم.
على الرغم من الطريق الطويل لمحاولة الكشف عن الجينات التي تسهم في نوم "النخبة النائمة"، إلا أنَّ هناك بعض الأمل في بعض الجينات القليلة التي تم تحديدها.
ويمكن استهداف واحد على الأقل من هذه الجينات بالأدوية الحالية. ويأمل الباحثون أنه في غضون العقد القادم سيكونون قد ساعدوا في تسهيل العلاجات الجديدة التي تسمح للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الدماغ بالحصول على راحة ليلية أفضل.
اقرأ أيضاً: