لا تزال مهارة الروبوت تقليداً باهتاً للبراعة البشرية، فبينما تمكنت أجهزة الكمبيوتر من التغلب على أفضل لاعبي الشطرنج في العالم لعقود من الزمن، فإن الروبوتات غير قادرة على تحريك القطع بدقة من رقعة إلى أخرى.
ويعرف العلماء أن حاسة اللمس البشرية ضرورية ومهمة كحاسة من حواسنا البشرية الخمس، فمن الأعمال المنزلية العادية إلى صنع الأدوات نحتاج إلى استخدام تلك الحاسة باستمرار.
ومنذ عقود، يُحاول العلماء العمل على العديد من التقنيات المختلفة لتطوير حاسة اللمس الروبوتية، لكن بلا جدوى فعلية.
لكن ذلك بات ممكناً. وبحسب دراستين نُشرتا الأربعاء في "الدورية الملكية لعلوم الواجهات"، نجح باحثون في طباعة "إصبع" باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد، يُظهر إشارات تُشبه إلى حد كبير الإشارات العصبية الواردة من طرف إصبع الإنسان.
قاد البحث أستاذ الروبوتات والذكاء الصناعي ناثان ليبورا، الباحث في قسم الرياضيات الهندسية بمختبر الروبوتات بجامعة بريستول في بريطانيا.
وقال ليبورا، في تصريحات لـ"الشرق"، إنه "من حيث المبدأ يمكن لليد الروبوتية المكونة من تلك الأصابع أن تعمل ببراعة اليد البشرية للقيام بأي من الوظائف الجسدية أو حتى الأعمال المنزلية من غسل الأطباق إلى فرز النفايات وإعادة التدوير".
تفتقر إلى البراعة
لكن ليبورا أشار إلى أنه "لا بد من العمل على الكثير من الأمور قبل أن يصبح هذا حقيقة بالواقع، إلا أن هناك طلباً كبيراً في الوقت الحالي من الصناعات اللوجستية والغذائية على الروبوتات التي يمكنها تعبئة البضائع والتعامل معها تلقائياً، إذ لا يزال البشر يفعلون الكثير لأن الروبوتات تفتقر إلى البراعة المطلوبة".
وتُعد حاسة اللمس لدى البشر جزءاً لا يتجزأ تماماً من الاستخدام الحاذق للأيدي والأقدام. ومن ثم، لا يُمكن لليد الآلية القيام بالأعمال إن لم يكن لديها حاسة لمس متطورة.
لذا ابتكر الباحثون حاسة اللمس في الإصبع الصناعي باستخدام شبكة مطبوعة ثلاثية الأبعاد من الحليمات التي تشبه الدبوس توضع على الجانب السفلي من الجلد المتوافق.
وتحاكي تلك الحليمات الجلدية الموجودة بين طبقة البشرة الخارجية وطبقات الجلد الداخلية لبشرة الإنسان الملموسة.
وتصنع باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد متقدمة يمكنها مزج المواد اللينة والصلبة لإنشاء هياكل معقدة مثل تلك الموجودة في الجلد.
ويقول ليبورا إن الإشارات التي تخرج من طرف الإصبع تتطابق مع تلك التي تم تسجيلها من أطراف الأصابع الحقيقية.
نمط معقد
قبل نحو 40 عاماً، تمكن الباحثون من قياس الإشارات العصبية التي تخرج من الأصابع البشرية حين يتم ضغط طرف الإصبع على حواف الأشكال الهندسية.
وتُشكل تلك الإشارات نمطاً معقداً يعتمد على مكان ضغط الإصبع على الشكل. في الدراسة، وجد الباحثون نمطاً مشابهاً جداً للنشاط العصبي الصناعي من الجلد المطبوع ثلاثي الأبعاد.
وبحسب ما ورد في الدراسة، فإن أحد القيود يتمثل في أن الجلد الصناعي المطبوع لم يكن حساساً للتفاصيل الدقيقة مثل طرف الإصبع الحقيقي.
وأوضح ليبورا أنه "يمكن أن يشعر الجلد المطبوع بالفجوات بين النتوءات بنحو 1-2 مم، في حين أن البشر يمكن أن يشعروا بفجوات أقل من ملليمتر لذلك نود تحسين تصميم الجلد الصناعي ليصبح حساساً أو ربما أكثر حساسية من جلد الإنسان".
وأضاف: "نعتقد أنه يمكن القيام بذلك عن طريق الطباعة ثلاثية الأبعاد لهياكل أدق على الجلد الصناعي، لكننا لم نجرب بعد".
ويأمل ليبورا أن يبتكر مع فريقه جلداً صناعياً لا يحاكي جلد الإنسان فحسب، بل يتفوق عليه في حاسة اللمس.
واختتم حديثه لـ"الشرق" قائلاً: "قد نستطيع مستقبلاً استخدام ذلك الجلد في الأجهزة التعويضية المُخصصة لهؤلاء الذين فقدوا أطرافهم، لكن الطريق لا يزال في بدايته وهناك الكثير من العمل لإنجازه".
اقرأ أيضاً: