سجل عدد من علماء الفلك حدثاً غير عادي يمثل أسرع "نوفا" في التاريخ. والنوفا هو انفجار مفاجئ لضوء ساطع يحدث في الأنظمة الثنائية (نظام يتكون من نجمتين).
وتنتج النوفا بواسطة بقايا نجم كثيف للغاية، قزم أبيض، ونجم مرافق له. بمرور الوقت يسحب القزم الأبيض الغازات من رفيقه النجم الأخر، ويقوم بتسخين تلك الغازات ما يتسبب في حدوث سلسلة من التفاعلات التي تُطلق كميات هائلة من الطاقة، في صورة ضوء مرئي يُمكن ملاحظته من مسافات شاسعة.
وعادة ما تتلاشى تلك "النوفا" بعد أسبوعين أو أكثر، إلا أن النوفا التي أطلقها نظام ثنائي يُسمى "هرقل V1674" كانت شديد السطوع، لدرجة أنها كانت مرئية بالعين المجردة، ولكن خلال يوم واحد فقط انطفأت "النوفا".
يقول الباحثون في تلك الدراسة إن الأمر يُشبه "كما لو أن شخصاً قام بتشغيل وإطفاء مصباح يدوي".
واكتشف تلك النوفا عالم فلك هاوي من اليابان، يسمى "سيدجي أويدا" وأبلغ عنها علماء الفلك.
ولفت هذا الحدث غير العادي انتباه العلماء إلى ذلك النجم الغريب، وأثناء دراستهم له قد يجدون إجابات ليس فقط لسمات النوفا العديدة المحيرة، ولكن على أسئلة أكبر بشأن كيمياء النظام الشمسي، وموت النجوم وتطور الكون.
ونُشرت الدراسة، الثلاثاء، في دورية تابعة للجمعية الفلكية الأميركية، ويقول الباحثون إن سرعة تلك "النوفا" النادرة تجعلها موضوعاً "ثميناً للدراسة".
ويرى الباحثون أن أسرع نوفا تم تسجيلها سابقاً استمرت 3 أيام كاملة، ورُصدت في عام 1991.
"الجرس المتردد"
ووجد باحثون آخرون أن السرعة لم تكن السمة غير العادية الوحيدة في تلك النوفا، فالضوء والطاقة التي يرسلها ينبضان أيضاً مثل صوت الجرس المتردد.
وكل 501 ثانية، هناك تذبذب يمكن للمراقبين رؤيته في كل من موجات الضوء المرئية والأشعة السينية.
وبعد مرور عام على انفجاره، لا تزال النوفا تظهر هذا التذبذب، ويبدو أنها مستمرة لفترة أطول، وحتى الآن يستمر الباحثون في دراسة هذا الظاهرة الشاذة.
والشيء الأكثر غرابة هو أن هذا التذبذب قد شوهد قبل الانفجار، لكنه كان واضحاً أيضاً عندما كان النجم أكثر سطوعاً بمقدار 10 درجات.
ويقول الباحثون إن دراسة المستعرات الجديدة يمكنها إخبارنا بمعلومات مهمة بشأن نظامنا الشمسي وحتى الكون ككل.
ويجمع القزم الأبيض المادة ويغيرها، ثم يطلقها إلى الفضاء المحيط بتركيبة جديدة أثناء انفجار نوفا.
وتُعد تلك العملية جزءاً مهماً من دورة المادة في الفضاء، إذ ستشكل المواد التي طردتها المستعرات في النهاية أنظمة نجمية جديدة، وقد ساعدت مثل هذه الأحداث في تكوين نظامنا الشمسي أيضاً.
ولأن العلماء يحاولون دائماً كشف كيفية تشكل النظام الشمسي ومن أين أتت العناصر الكيميائية فيه، فإن أحد الأشياء التي سنتعلمها من هذا المستعر هو على سبيل المثال، كمية الليثيوم التي أنتجها هذا الانفجار.
وقال الباحثون في بيان صحافي تلقت "الشرق" نسخة منه: "نحن الآن على يقين من أن جزءاً كبيراً من الليثيوم الموجود على الأرض نتج عن هذه الأنواع من الانفجارات".
وفي بعض الأحيان، لا يفقد النجم القزم الأبيض كل مادته المجمعة أثناء انفجار النوفا، لذلك يكتسب كتلة مع كل دورة، ويؤدي ذلك في النهاية إلى جعله غير مستقر، ويمكن للقزم الأبيض أن يولد مستعراً أعظم من نوع أخر أكثر سطوعاً يُعرف باسم الشموع القياسية.
والشموع القياسية شديدة السطوع، بحيث يمكن رؤيتها على مسافات بعيدة عبر الكون. ومن خلال النظر في كيفية تغير سطوع الضوء، يمكن طرح أسئلة عن كيفية تسارع الكون أو عن الهيكل العام ثلاثي الأبعاد له.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستعرات أن تخبرنا بالمزيد عن كيفية تطور النجوم في الأنظمة الثنائية حتى وفاتها، وهي عملية غير مفهومة جيداً.
كما أنها تعمل كمختبرات حية، حيث يمكن للعلماء رؤية الفيزياء النووية أثناء العمل واختبار المفاهيم النظرية.