ترقب وصول الروبوت "برسفيرانس" إلى المريخ بحثاً عن آثار حياة

مركبة المريخ برسفيرانس - ناسا - AFP
مركبة المريخ برسفيرانس - ناسا - AFP
واشنطن-أ ف ب

من المقرر أن يهبط، الخميس، الروبوت الجوال "برسفيرانس" التابع لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" على سطح المريخ، بعد رحلة فضائية استمرت 7 أشهر.

وللمرة الأولى، يكون الهدف العلني للمهمة الفضائية الأميركية إيجاد آثار لحياة سابقة على الكوكب الأحمر عن طريق جمع نحو 30 عينة صخرية على مدى سنوات.

وقال توماس زوربوشن، معاون مدير "ناسا" لشؤون العلوم، إنه "سيتعين نقل الأنابيب المختومة إلى الأرض عبر مهمة لاحقة في العقد المقبل، بهدف تحليلها وربما إيجاد جواب لأحد الأسئلة التي تؤرق العلماء منذ قرون، وهو: هل نحن وحدنا في العالم؟".

ومهمة الروبوت، تنطوي على مجازفة كبيرة في أخطر موقع هبوط على الإطلاق بسبب تضاريسه وهو فوهة "جيزيرو".

وقال آلن تشن، المسؤول عن عملية الهبوط الخطرة، خلال مؤتمر صحافي نقلته وكالة "فرانس برس"، إن "السماء تبدو صافية للهبوط لكن مع ذلك يبقى الهبوط الجزء الأخطر من المهمة، ولا نستطيع ضمان نجاحها".

وإذا ما وصل مسبار "برسيفرانس" سليماً، فإنه سيتمكن من إرسال أولى صوره بعد فترة وجيزة.

وستدخل العربة الفضائية الغلاف الجوي للمريخ بسرعة 20 ألف كيلومتر في الساعة، مع حماية من درعها الحرارية التي لن تلقى سوى بعد فتح مظلة أسرع من الصوت.

كما أن 8 محركات موجهة صوب سطح الكوكب ستبطئ حركته قبل نشر إطاراته الـ6 تمهيداً للنزول عبر أسلاك معلقة من طبقة الهبوط حتى الاحتكاك بالسطح.

وتشكل "برسيفرانس"، أضخم مركبة تُرسل إلى المريخ وأكثرها تعقيداً، إذ صُنعت في مختبر "جت بروبلشن" الشهير في كاليفورنيا ويقرب وزنها من طن، وجُهزت بذراع آلية يفوق طولها المترين إضافة إلى 19 كاميرا.

وفي دليل على أن المهمة أتت نتيجة تعاون دولي، سيتابع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي صممت بلاده أحد الأدوات العلمية الكثيرة في المسبار، مجريات الهبوط من مقر "المركز الوطني للدراسات الفضائية في باريس".

"ضربة حظ"

ويرى الباحثون أن فوهة "جيزيرو" كانت تضم قبل أكثر من 3 مليارات ونصف مليار سنة، بحيرة عميقة بعرض يقرب من 50 كيلومتراً.

وقال كن ويليفورد، المسؤول المساعد في المهمة: "لدينا أدلة قوية جداً على أن المريخ كان يضم حياة في ماضٍ سحيق"، مضيفاً: "السؤال هو: هل الحياة على الأرض هي بسبب خطأ ما أو ضربة حظ؟

ومن المقرر البدء بسحب أولى العينات هذا الصيف، ويمكن اعتماد مسارات عدة للحفر في أوساط مختلفة، بينها النهر والبحيرة القديمة والدلتا المشكّلة من النهر الذي كان يصب فيها.

وأشارت ماري فويتك، مديرة علم الأحياء الفلكي في "ناسا"، إلى أن العلماء "يبحثون عما يسمونه بصمات حيوية، وهي آثار لحياة جرثومية قد تتخذ أشكالاً شتى، بينها مثلاً أشكال كيميائية أو تغييرات في البيئة".

وأبدت فويتك حماستها الكبيرة إزاء المهمة قائلة: "نحن خبراء علم الأحياء الفلكي نحلم بهذه المهمة منذ عقود".

وعدّد العالم المشارك في المشروع كن فارلي الاحتمالات المتوقعة لنتائج المهمة، قائلاً: "إما أن نجد آثار حياة وسيكون ذلك اكتشافاً استثنائياً، أو لا يحصل ذلك، ما سيؤشر إلى أن كل البيئات القابلة للسكن ليست مأهولة، وسيتعين تالياً البحث في مواضيع أخرى".

وأشار إلى أن الأعضاء المشرفين على هذه المرحلة والبالغ عددهم حوالي 450 شخصاً، سيعملون في ظروف استثنائية بسبب فيروس كورونا.

وأوضح أن أعضاء الفريق سينفذون المهام الموكلة إليهم من غرف جلوس منازلهم في أقطار العالم كافة.

طوافة وآلة أوكسجين 

ولن تكون الأشهر الأولى من المهمة مخصصة لهذا الهدف الأول، إذ من المقرر إجراء تجارب موازية.

وتسعى "ناسا"، إلى أن تثبت أن من الممكن تسيير مركبة تعمل بمحركات إلى كوكب آخر. ومن المفترض أن تنجح المروحية المسماة "إنجينوينيتي" في الارتفاع في هواء توازي سماكته 1% من تلك الموجودة في الغلاف الجوي الأرضي.

كما سيتمكن ميكروفونان للمرة الأولى من تسجيل الصوت على المريخ. ويتمثل الهدف الآخر في الإعداد لمهام بشرية مستقبلية، من خلال تجربة إنتاج غاز الأوكسجين مباشرة في الموقع، بواسطة جهاز سميّ "موكسي". 

ومن المفترض أن يكون هذا الجهاز، وهو بحجم بطارية سيارة، قادراً على إنتاج نحو 10 غرامات من الأوكسجين في ساعة واحدة، عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي للمريخ، على غرار ما تفعل النباتات.

وهذا الأكسجين سيمكّن مستوطنين بشريين مستقبلاً من التنفس، وسيُستخدَم كذلك وقوداً.

واستثمرت "ناسا" نحو 2.4 مليار دولار لبناء وإطلاق مهمة "مارس 2020". وتقدر كلفة الهبوط والعمليات في الموقع مبدئياً بـ 300 مليون دولار.

وسيكون "برسيفرانس" خامس مسبار يسير على سطح المريخ، وكلها أميركية منذ أول مهمة سنة 1997، كما أن أحدها وهو المسبار "كوريوسيتي" لا يزال نشطاً.

غير أن الصين وضعت أخيراً مركبتها "تيانوين-1" التي تحوي روبوتاً مسيّراً من المتوقع هبوطه على سطح المريخ مايو المقبل، في مدار الكوكب الأحمر.