واجهت جميع الولايات الأميركية تقريباً درجات حرارة فوق المعتاد خلال الأسبوع الماضي، مع توقعات بطقس أكثر حرارة، في وقت شهدت أوروبا موجة قياسية أدَّت إلى وفاة المئات إن لم يكن الآلاف، كما تسببت في حرائق الغابات.
وفيما يلي شرح للأسباب الكامنة وراء موجات الحر، بحسب ما يقول العلماء.
ما هي موجة الحر؟
ليس هناك تعريف علمي موحَّد لموجة الحر. فاعتماداً على مناخ المنطقة، يمكن تحديد موجة الحر طبقاً لعدد معين من الأيام التي تشهد درجات حرارة أعلى من درجة حرارة معينة، أو المعدَّلات المعتادة.
وتزداد حرارة المنطقة القطبية الشمالية بمعدَّل أسرع بثلاث أو أربع مرات من العالم ككل، ما يعني أنَّ الفرق الآن أصبح أقل بين درجات الحرارة في المناطق الشمالية، ودرجات الحرارة في تلك المناطق الأقرب لخط الاستواء.
ووفقاً لجنيفر فرانسيس، كبيرة العلماء في "مركز وودويل لأبحاث المناخ"، أدى هذا إلى تقلبات في التيار النفاث لشمال الأطلسي، مما أفضى بدوره إلى ظواهر مناخية حادَّة، مثل موجات الحر، والفيضانات.
القباب الحرارية
وتسهم المحيطات الأكثر دفئاً في ما يعرف بظاهرة القباب الحرارية، التي تؤدي إلى حبس الحر فوق مناطق جغرافية واسعة. في نهاية هذا الأسبوع، تمتد قبة الحر من السهول الجنوبية لمنطقة أوكلاهوما/أركنساس، وحتى الساحل الشرقي، وذلك بحسب ما ذكرته خدمة الأرصاد الجوية الأميركية.
وخلص العلماء إلى أنَّ السبب الرئيس للقباب الحرارية هو التغير القوي في درجات حرارة المحيط، من الغرب إلى الشرق في المحيط الهادئ الاستوائي خلال الشتاء السابق.
وفي الولايات المتحدة، قالت "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" على موقعها الإلكتروني إنه "مع نقل الرياح السائدة، للهواء الحار باتجاه الشرق، تقوم التقلبات الشمالية للتيار النفاث بحبس الهواء ودفعه منخفضاً باتجاه الأرض، مما يؤدي إلى موجات حرارة".
النينيو والنينيا
كل بضع سنوات، تحدث الظاهرتان المناخيتان المعروفتان بـ"النينيو"، وبصورة أقل تكراراً، "النينيا". يجلب "النينيو" معه المياه الدافئة من المحيط الهادئ الاستوائي، وصولاً إلى الساحل الغربي لأميركا الشمالية، فيما تجلب "النينيا" معها المياه الباردة.
في الوقت الحاضر، ظاهرة "النينيا" هي السائدة. ونظراً لأنَّ درجات الحرارة في الصيف تتجه نحو الانخفاض خلال هذه الظاهرة، فإنَّ علماء المناخ قلقون بشأن الشكل الذي ستبدو عليه الموجة الحارة الخطيرة خلال ظاهرة "النينيو" القادمة، إذ يمكن توقع طقس صيفي أكثر حرارة.
العوامل الإنسانية
ويرى العلماء أنَّ الاحتباس الحراري الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري هو ظاهرة عالمية؛ تلعب بالتأكيد دوراً في ما تمر به الولايات المتحدة والعالم.
وقال دانيال سوين، عالم المناخ في جامعة كاليفورنيا الأميركية إن "تغير المناخ يجعل الظواهر الحرارية الشديدة وغير المسبوقة أكثر حدة وأكثر شيوعاً، إلى حد كبير في جميع أنحاء العالم".
وأضاف: "ربما تكون موجات الحر أكثر أنواع الكوارث المحتملة التي يتم التقليل من شأنها، لأنها تقتل كثيراً من الناس بشكل روتيني. نحن لا نسمع عنها لأنها لا تقتلهم بطرق أكثر دراماتيكية، فليست هناك جثث في الشارع".
وذكرت فرانسيس، من مركز "وودويل لأبحاث المناخ"، أنه مع تغير المناخ يشهد العالم تغيراً في أنماط الرياح وأنظمة الطقس "بطرق تجعل موجات الحر هذه، كما نراها الآن، أكثر حدة، وأكثر ثباتاً، وتغطي مناطق لم تشهد من قبل موجات حر".
وأشار أليكس روان، الباحث في "معهد جودارد لدراسات الفضاء" التابع لوكالة "ناسا"، إلى أنَّه مع ارتفاع درجة حرارة العالم "فمن المرجح أننا سنحصل على أكثر من موجة حر في واقت واحد. نشهد هذا في الولايات المتحدة".