"بلح البحر" تحت مجهر العلماء لتحسين تصميم الأجهزة القابلة للطي

صور بالأشعة المقطعية توضح الخواص الميكانيكية والهيكلية لصدفة بلح البحر.
صور بالأشعة المقطعية توضح الخواص الميكانيكية والهيكلية لصدفة بلح البحر.
القاهرة-محمد منصور

يقوم مجموعة من العلماء بالتدقيق داخل دراسات مُفصلة عن أصداف بلح البحر، بهدف الوصول إلى تصميم أمثل لأجهزة ذكية قابلة للطي، والتي تحتاج إلى مكونات تعمل بشكل متكرر من دون حدوث أي أعطال.

وحسب ما نُشر في دورية "ساينس"، كشفت الملاحظات المجهرية للعلماء، أن الهيكل المفصلي لبلح البحر يشبه مروحة قابلة للطي، وتتكون ضلوعها من أسلاك متناهية الصغر من الأراجونيت الحيوي (معدن من الكربونات)، في حين أن الطيّات مصنوعة من مصفوفات عضوية أكثر ليونة.

وتوفر أسلاك الأراجونيت النانوية صلابة للمفصل، وتساعد في توزيع الضغط باتجاه المحيط أثناء عملية الفتح والإغلاق. كما يتم تقوية هذه الأسلاك عن طريق هياكل نانوية تتواجد داخل بلورات الأراجونيت المعدنية.

ويتصل المفصل بأربطة مصنوعة من مادة بروتينية مرنة، الإيلاستين (بروتين يسهم في المحافظة على مرونة بعض تراكيب الجسم، مثل الجلد والأوعية الدموية)، والتي يمكنها التمدد والانكماش، مما يمكّن الصدفة من القيام بعملية الفتح والإغلاق بسلاسة.

كما أن قشرة الصدفة نفسها مكونة من طبقات من معادن كربونات الكالسيوم، وخاصة الأراجونيت.

وأثناء عملية تكوين الصدفتين، يدمج المصراع ذو الصدفتين الجزيئات العضوية التي تؤثر على نمو البلورات، مما ينتج عنه بنية هرمية بمستويات مختلفة من الصلابة والمرونة.

صور بالأشعة المقطعية توضح الخواص الميكانيكية والهيكلية لصدفة بلح البحر.
صور بالأشعة المقطعية توضح الخواص الميكانيكية والهيكلية لصدفة بلح البحر.

آلية العمل

وعلى المستوى المجهري، تتكون الصدفة من بنية معقدة وأسلاك نانوية معدنية توفر الصلابة والقوة، ومدمجة داخل مصفوفة عضوية أكثر ليونة. يعزز هذا المزيج من المواد، قدرة الهيكل على تحمل الضغوط الميكانيكية وتوزيعها بالتساوي.

وداخل الأسلاك النانوية المعدنية، تتطور هياكل في بلورات الأراجونيت، تعمل كآليات تقوية، مما يجعل هذه الأسلاك أكثر مقاومة للكسر، كما تقلل أيضاً احتمالية الفشل الهيكلي.

أما أثناء فتح الغلاف وغلقه، تمتص المصفوفة العضوية اللينة الضغوط، وتبدد الطاقة المتولدة أثناء الحركة. وتساعد هذه الآلية على منع تركيز الضغط في مناطق معينة، وتقلل من احتمالية تضرر الصدفتين.

ولإثبات إمكانية ابتكار أجهزة قابلة للطي تتمتع بآليات قوية تُمكنها من الفتح والإغلاق لفترة طويلة من دون حدوث أضرار، ابتكر الباحثون نسخة مصطنعة من المفصلة.

إذ قاموا بدمج ألياف زجاجية داخل مصفوفة من مادة "بوليمر بوليديميثيل سيلوكسان" تحاكي بنية وخصائص المفصلة الطبيعية.

وبوليمر "بوليديميثيل سيلوكسان" نوع من البوليمرات التي تنتمي إلى عائلة السيليكون. وهي مادة متعددة الاستخدامات بسبب خصائصها الفريدة مثل المرونة العالية، والخمول الكيميائي، وقدرتها على تحمل الرطوبة.

يمكن أن تؤدي دراسة متانة صدفة بلح البحر، إلى إحداث تطورات في مختلف المجالات، بما في ذلك الهندسة، وعلوم المواد، والمحاكاة الحيوية، وهندسة الأنسجة، عبر تطوير تقنيات أكثر كفاءة واستدامة، وإنشاء مكونات وهياكل يمكنها تحمل التحميل الدوري والضغوط المتكررة من دون فشل.

اقرأ أيضاً: