ابتكر باحثون بجامعة تكساس في الولايات المتحدة نوعاً جديداً من البلاستيك القابل للتحلل بشكل كامل، عبر استخلاصه من الذباب الأسود، وهو نوع من الحشرات يُمكن تربيته في مزارع مُخصصة وبأعداد ضخمة.
وأفادت دراسة، نشرت خلال اجتماع الجمعية الكيميائية الأميركية، بأن الباحثين نجحوا في عزل وتنقية المواد الكيميائية المشتقة من الحشرات وتحويلها إلى مواد بلاستيكية حيوية وظيفية ومستدامة.
وقالت أستاذة الكيمياء بالجامعة كارين وولي، المؤلفة الرئيسية للدراسة، إن فريقها يعمل منذ نحو 20 عاماً على تطوير طرق لتحويل المنتجات الطبيعية، مثل الجلوكوز الذي يتم الحصول عليه من قصب السكر أو الأشجار إلى بوليمرات قابلة للتحلل في البيئة.
وأضافت: "ولكن المشكلة أن تلك المواد عبارة عن منتجات طبيعية من الموارد التي تستخدم أيضاً في الغذاء والوقود والبناء والنقل" .
وبدأت وولي البحث عن مصادر بديلة لا تمتلك هذه التطبيقات المنافسة، واقترح أحد زملائها استخدام اليرقات المتبقية من زراعة ذباب الجندي الأسود.
وتحتوي يرقات الذباب على العديد من البروتينات والمركبات المغذية الأخرى، إذ تتم تربية الحشرات غير الناضجة بشكل متزايد لتغذية الحيوانات واستهلاك النفايات، ومع ذلك، فإن عمر الذباب البالغ قصير بعد انتهاء أيام التكاثر، ثم يتم التخلص منه.
وأصبح الذباب النافق مادة البداية الجديدة لفريق وولي، وعندما فحص الباحثون الذباب النافق، وجدوا أن أحد المكونات الرئيسية هي "الكيتين" وهو بوليمر طبيعي معقد يوجد بكثرة في أصداف أو هياكل بعض أنواع الكائنات الحية مثل الحشرات والقشريات والعناكب ويتكون من وحدات متكررة من جزيء سكر يسمى "استيل جليكوسامين".
ويشبه الكيتين من الناحية الهيكلية السليلوز، وهو مكون رئيسي لجدران الخلايا النباتية، لكن الكيتين يتميز بوجود مجموعات وظيفية تحتوي على النيتروجين، ما يجعله متميزاً.
وتوفر تلك المادة الدعم الهيكلي والحماية للكائنات الحية التي تنتجها. كما أنه أيضاً قابل للتحلل البيولوجي، ما يجعله صديقاً للبيئة.
تحويل"الكيتين" إلى بلاستيك
ويستخرج المصنعون بالفعل مادة "الكيتين" من قشور الجمبري وسرطان البحر لاستخدامات مختلفة.
ويقول الباحثون إن مسحوق "الكيتين" المستخرج من الذباب ربما يكون أكثر نقاءً من المستخرج من معظم الحيوانات الأخرى، لأنه يفتقر إلى اللون المصفر والملمس المتكتل للمنتج التقليدي.
وأشارت وولي إلى أن الحصول على "الكيتين" من الذباب يمكن أن يتجنب المخاوف المحتملة بشأن بعض أنواع الحساسية من المأكولات البحرية.
وبعد عملية الاستخراج، يعمل الباحثون على تحويل "الكيتين" المنقى إلى بوليمر مشابه يُعرف باسم الكيتوزان الذي يُمكن تحويله هو الأخر إلى مواد بلاستيكية حيوية مفيدة مثل الهلاميات المائية فائقة الامتصاص، وهي عبارة عن شبكات بوليمر ثلاثية الأبعاد تمتص الماء.
الاقتصاد الدائري المستدام
وابتكر الفريق هيدروجيل بلاستيكي يمكنه امتصاص الماء بمقدار 47 مرة في دقيقة واحدة فقط.
ويمكن استخدام هذا المنتج في تربة الأراضي الزراعية لالتقاط مياه الفيضانات ثم إطلاق الرطوبة ببطء أثناء فترات الجفاف اللاحقة، كما تقول وولي.
ولأن الهيدروجيل قابل للتحلل، فإنه يُمكن أن يطلق مكوناته الجزيئية في التربة تدريجياً كمغذيات للمحاصيل.
وأوضحت وولي: "هذه العملية تتماشي مع مفهوم الاقتصاد الدائري المستدام.. في النهاية، يمكن تأكل الحشرات نفايات البلاستيك كمصدر للغذاء، ثم نحصدها مرة أخرى ونجمع مكوناتها بعد موتها لصنع مواد بلاستيكية جديدة. لذا فإن الحشرات لن تكون المصدر فحسب، بل ستستهلك أيضاً المواد البلاستيكية التي يتم التخلص منها".
اقرأ أيضاً:
