"تربة كهربائية".. أسلوب جديد يعد بـ"نقلة" في زراعة المحاصيل الغذائية

المؤلفة الرئيسية للدراسة "إيليني ستافرينيدو" وطالبة الدكتوراه "ألكسندرا ساندين" أثناء توصيل التربة الكهربائية بمصدر طاقة منخفض لتحفيز نمو النبات. - الشرق
المؤلفة الرئيسية للدراسة "إيليني ستافرينيدو" وطالبة الدكتوراه "ألكسندرا ساندين" أثناء توصيل التربة الكهربائية بمصدر طاقة منخفض لتحفيز نمو النبات. - الشرق
القاهرة-محمد منصور

كشف باحثون من جامعة "لينكوبنج" السويدية عن أسلوب جديد للزراعة المائية من المتوقع أن يُحدث ثورة في زراعة المحاصيل الغذائية، إذ يعتمد على تربة موصلة للكهرباء تُعرف باسم "إي سويل".

وتشير نتائج الدراسة المنشورة في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" إلى أن شتلات الشعير تنمو في المتوسط بنسبة 50% أكثر عندما يتم تحفيز نظام جذرها كهربائياً من خلال استخدام ذلك النوع الجديد من التربة. 

وفي الزراعة المائية، يعتمد العلماء طريقة لزراعة النباتات دون استخدام التربة كوسيط. فبدلاً من التربة، تُزْرَع النباتات في محلول مائي غني بالمغذيات، مما يوفر لها العناصر الأساسية اللازمة للنمو.  

ويتم غمر جذور النباتات، مما يسمح لها بامتصاص العناصر الغذائية الضرورية مباشرة من المحلول المائي. وتتيح هذه التقنية التحكم الدقيق في مستويات العناصر الغذائية والأكسجين التي تُوَصَّل إلى النباتات، مما يعزز معدلات النمو المتسارعة وزيادة الإنتاجية. 

وغالباً ما يستخدم الصوف المعدني كركيزة للزراعة في الزراعة المائية، أما التربة الجديدة للزراعة، فتتكون من السليلوز، وهو نوع من أنواع البوليمرات الحيوية المتوفرة والرخيصة.

وقام الباحثون بدمج موصل يسمى PEDOT، وينتمي هذا الموصل إلى عائلة البوليمرات الموصلة، وهي مواد عضوية قادرة على توصيل الكهرباء.

وأظهر PEDOT قدرة عالية على التوصيل الكهربائي والاستقرار والمرونة، مما يجعله ذا قيمة في التطبيقات التكنولوجية المختلفة. 

ويقول الباحثون إن دمج ذلك الموصل مع السليلوز سمح بتدفق التيار الكهربائي عبر هيكله، كما عزز قدرة السليلوز على مقاومة الأكسدة. 

بعد ذلك زرع الباحثون الشعير في تلك "التربة" وقاموا بتحفيز جذور النبات بواسطة تيار كهربي منخفض الجهد. 

وأظهرت شتلات النبات زيادة مذهلة بنسبة 50% في النمو خلال 15 يوماً فقط عندما تم تحفيز جذورها كهربائياً، مقارنة بالمجموعة الضابطة. 

ولأن الزراعة المائية تستخدم ضمن نظام مغلق، يُمكن أن تقلل تلك الطريقة استخدام المياه بشكل كبير مع إعادة تدوير العناصر الغذائية بكفاءة. كما توفر هذه الطريقة توصيلًا دقيقًا للعناصر الغذائية إلى كل نبات، وهو إنجاز لا يمكن تحقيقه في ممارسات الزراعة التقليدية.  

علاوة على ذلك، فإن إمكانات الزراعة العمودية للزراعة المائية ستساهم في زيادة الكفاءة المكانية إلى الحد الأقصى، مما يسهل الزراعة في المناطق الحضرية المقيدة. 

نقلة نوعية في الزراعة

على الرغم من أن الزراعة المائية ركزت في الغالب على زراعة الخضروات والأعشاب ومحاصيل معينة، فإن الدراسة الجديدة تقدم نقلة نوعية من خلال إظهار النجاح في زراعة شتلات الشعير في ظل هذا النظام.  

وتؤكد المؤلفة الرئيسية للدراسة إيليني ستافرينيدو أهمية النمو المتسارع لشتلات الشعير مع تقليل استهلاك الموارد، كما تعتقد أن الطريقة الجديدة ستفتح الطريق أمام مجالات بحثية جديدة لتطوير المزيد من تقنيات الزراعة المائية.  

وقالت ستافرينيدو في بيان صحافي صادر عن الجامعة: "لا يمكننا أن نقول إن الزراعة المائية ستحل مشكلة الأمن الغذائي. ولكن من المؤكد أنه يمكنها أن تساعد بشكل خاص في المناطق ذات الأراضي الصالحة للزراعة القليلة، والتي تعاني ظروفاً بيئية قاسية".

ومع ذلك، فإن الآليات البيولوجية الأساسية الناجمة عن التحفيز الكهربائي تظل لغزاً علمياً، ففي حين أظهرت الشتلات كفاءة أفضل في معالجة النيتروجين، وهو عنصر غذائي أساسي للنباتات، فإن التفاعل الدقيق بين التحفيز الكهربائي والعمليات البيولوجية يظل لغزاً محيراً، ويحتاج إلى المزيد من الدراسات.

تصنيفات

قصص قد تهمك