تعرضت طموحات الولايات المتحدة في مجال استكشاف القمر لـ"ضربة قوية"، بعد فشل مهمة هبوط مركبة على سطحه، وتأجيل رحلتين مأهولتين أخريين.
وأعلنت شركة "أستروبوتيك" الناشئة الأميركية أنه لا يوجد أمل في هبوط ناجح على سطح القمر لمركبتها "بيريجرين". وكانت المركبة تواجه مشاكل خطيرة منذ إقلاع الصاروخ الذي حملها إلى الفضاء، الاثنين.
كان من المفترض أن تكون "بيريجرين" أول مركبة فضائية أميركية تهبط على سطح القمر منذ أكثر من 50 عاماً في حال نجاح مهمتها.
وبعدها، أعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، الثلاثاء، تأخير لنحو سنة، للمهمتين المقبلتين من برنامجها الكبير للعودة إلى القمر "أرتيميس".
تأجيل مهمة "أرتيميس 2" "أرتيميس 2"
مهمة "أرتيميس 2" التي تحمل أربعة رواد فضاء يدورون بمركبتهم حول القمر من دون الهبوط على سطحه، أُرجئت من نهاية 2024 إلى سبتمبر 2025.
وعلّلت "ناسا" هذا التأجيل بضرورة إجراء عمليات تدقيق إضافية في مستلزمات الأمان، وخصوصاً في الدرع الحرارية للكبسولة التي ستحمل الطاقم.
أما "أرتيميس 3" التي يُفترض أن تكون أول مهمة تهبط برواد فضاء على سطح القمر منذ انتهاء برنامج "أبولو" عام 1972، فأرجئت من نهاية 2025 إلى سبتمبر 2026.
ويعود هذا التأجيل إلى تأخّر في إنجاز عنصرين أساسيين للمهمة، هما: مركبة الهبوط على القمر التي أُسندت إلى شركة "سبيس إكس"، والبزات الفضائية التي عُهِد بها إلى شركة "أكسيوم سبيس".
فمركبة الهبوط التي تشكّل نسخة معدّلة من مركبة الفضاء "ستارشيب" من "سبيس إكس"، ليست جاهزة بعد، إذ أجريت رحلتان تجريبيتان لـ"ستارشيب" عام 2023، لكنها انفجرت في كليهما. ويُتوقع إجراء اختبار جديد في فبراير.
مشاريع مرهونة بالقطاع الخاص
ويُحتمَل أن تؤدي هذه التطورات السلبية إلى التشكيك في صوابية الاستراتيجية الجديدة لوكالة "ناسا" التي ترغب، من خلال تشجيعها قيام اقتصاد قمري، في الاعتماد على القطاع الخاص والحصول بواسطته على خدمات بتكلفة أقل من تلك المترتبة على توليها بنفسها مسؤولية تصنيع المركبات.
ولكن من شأن هذه الخطة أن تجعل برامج الوكالة ومشاريعها مرهونة أكثر فأكثر بالشركاء الخارجيين.
ووقّعت الوكالة عقداً مع شركات عدة، منها "أستروبوتيك"، لإرسال تجهيزات علمية ومعدات تكنولوجية إلى القمر في إطار برنامج أُطلقت عليه تسمية "سي إل بي إس". ويتمثل الهدف في درس بيئة القمر تمهيداً لإرسال رواد فضاء إليه مجدداً.
ومع أن هذه المهام الآلية تنقل حمولات لزبائن خاصين آخرين، يشكّل التمويل الذي توفّره "ناسا" عنصراً بالغ الأهمية فيها. وبلغت قيمة عقد وكالة الفضاء مع "أستروبوتيك" لنقل التجهيزات العلمية في هذه المهمة الأولى 108 ملايين دولار.
و"أستروبوتيك"، التي كانت تأمل في أن تصبح أول شركة خاصة تتمكن من إنزال مركبتها على سطح القمر، كتبت صباح الثلاثاء أن "لا أمل للأسف في الهبوط بسلاسة على سطح القمر" لمركبتها؛ بسبب ما وصفته بـ"تسرّب" للوقود.
مع ذلك، أكدت الشركة عزمها على مواصلة تشغيل المركبة في الفضاء لأطول فترة ممكنة، بغية الاستمرار في جمع "بيانات قيّمة" يمكن الإفادة منها في محاولتها المقبلة لإنزال مركبة على سطح القمر.
وتحاول شركة أميركية أخرى، هي "إنتويتيف ماشينز" وقّعت معها "ناسا" عقداً أيضاً ضمن برنامج "سي إل بي إس" إنزال مركبة على سطح القمر قريباً، من المقرر أن يحملها صاروخ "فالكون 9" تابع لشركة "سبيس إكس" منتصف فبراير المقبل على الأقل.
سباق عالمي على القمر
وتعكس كل هذه المهام الاهتمام المتجدد بالقمر الذي ترغب "ناسا" في إقامة وجود دائم عليه، بغية الاستعداد لأول رحلة يقوم بها طاقم إلى المريخ.
لكنّ الولايات المتحدة ليست وحدها الطامحة قمرياً؛ إذ تعتزم الصين أيضاً إرسال طواقم بشرية إليه قبل 2030، وإقامة قاعدة عليه.
وقال رئيس وكالة الفضاء الأميركية بيل نلسون، الثلاثاء: "لا أعتقد حقاً أن الصين ستهبط (على القمر) قبلنا"، رغم تأجيل مهمة "أرتيميس 3" إلى سنة 2026.
وحتى اليوم، لم تنجح سوى أربع دول، هي الولايات المتحدة، والاتحاد السوفياتي السابق، والصين، والهند، في إنزال مركبات على سطح القمر. وتفرّدت الولايات المتحدة بإرسال روّاد فضاء إليه.
ومن المقرر أيضاً أن تحاول وكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) إنزال مركبة على سطح القمر بعد نحو أسبوعين.