"ترانزستورات".. اختراع إلكترونيات مطبوعة قابلة لإعادة التدوير بالكامل

آلة للطباعة ثلاثية الأبعاد بألياف الكربون - REUTERS
آلة للطباعة ثلاثية الأبعاد بألياف الكربون - REUTERS
القاهرة- الشرق

طور مهندسون في جامعة "ديوك" الأميركية أول إلكترونيات مطبوعة قابلة لإعادة التدوير بالكامل في العالم. 

وقال أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة "ديوك" والمؤلف الرئيسي للدراسة "آرون فرانكلين" في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، إن هذا الابتكار "سيسهم في الحد من النفايات الإلكترونية العالمية التي يُقدر حجمها السنوي بنحو 54 مليون طن".

ونجح العلماء في ابتكار هذه الإلكترونات باستخدام 3 أنواع من الأحبار المكونة من الكربون. إذ تم طباعة "الترانزستورات"، وهي العنصر الأهم في الدوائر الإلكترونية، باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد وبتكلفة معقولة.

طباعة من كربون

وتقول الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر إلكترونكس" إن "الترانزستور" المطبوع قابل لإعادة التدوير بالكامل ويعمل بكامل طاقته ويمكن طباعته بسهولة على الورق أو أي أسطح مرنة أخرى صديقة للبيئة. 

وتم استخدام الأنابيب النانوية الكربونية لصناعة أشباه الموصلات الموجودة في الترانزستور، فيما تم استخدام أحبار الجرافين لصناعة الموصلات.

وفي حين أن هذه المواد ليست جديدة في عالم الإلكترونيات المطبوعة، فإن الطريق إلى إعادة التدوير قد يفتح الباب أمام تطوير حبر عازل مشتق من الخشب يسمى "نانوسليلوز".

ثروة من مواد خام

ويقول أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة "ديوك" آرون فرانكلين في تصريحاته لـ"الشرق"، إن النفايات الإلكترونية تحتوي على "ثروة من المواد الخام" التي نفقدها كل عام وتُقدر قيمتها بنحو 57 مليون دولار.

ومن المحتمل أن مكونات الكمبيوتر القائمة على السيليكون لن تختفي أبداً ولا يتوقع الباحثون أن تحل الإلكترونيات القابلة لإعادة التدوير بسهولة محل التكنولوجيا والأجهزة المستخدمة بالفعل على نطاق واسع.

لكنهم يأملون أن يحفز تصنيع إلكترونيات جديدة قابلة لإعادة التدوير بالكامل وسهلة الطباعة، على استخدامها في نطاق واسع بالتطبيقات المستقبلية.

ونظراً لأن الناس في جميع أنحاء العالم يشترون المزيد من الأجهزة الإلكترونية، فإن هناك كومة متزايدة باستمرار من الأجهزة المهملة التي إما لم تعد تعمل أو تم التخلي عنها لصالح طراز أحدث.

ويتم إعادة تدوير أقل من ربع النفايات الإلكترونية التي يتم التخلص منها كل عام. وستزداد المشكلة سوءاً مع ظهور أجهزة الجيل الخامس 5G واستمرار توسع إنترنت الأشياء (IoT)، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

إعادة التدوير

وتوظف المصانع الكبيرة مئات العمال الذين يقومون بتفكيك الأجهزة الضخمة. ولكن بينما يمكن إعادة تدوير قصاصات النحاس والألمونيوم والصلب فإن رقائق السيليكون الموجودة في قلب الأجهزة لا يمكن إعادة تدويرها.

وإذا ما نجح الباحثون في صناعة ترانزستورات من "نانوسليلوز" على نطاق واسع، فستحدث ثورة في مجال النفايات الإلكترونية، فالنانو سليلوز قابل للتحلل البيولوجي ويستخدم في تطبيقات مثل التعبئة والتغليف لسنوات.

وبينما يعرف الناس منذ فترة طويلة عن تطبيقاته المحتملة كعامل عازل في الإلكترونيات، لم يكتشف أحد من قبل كيفية استخدامه في حبر قابل للطباعة. وهذا أحد المفاتيح لجعل هذه الأجهزة القابلة لإعادة التدوير تعمل بشكل كامل.

ملح الطعام

كما طور الباحثون طريقة لتعليق بلورات النانوسليلوز المستخرجة من ألياف الخشب والتي ينتج عنها حبر يعمل بشكل جيد كعامل عازل في ترانزستوراتهم المطبوعة، وذلك مع رش القليل من ملح الطعام.

وباستخدام الأحبار الثلاثة في طابعة ثلاثية الأبعاد بدرجة حرارة الغرفة أظهر الفريق أن ترانزستوراتهم المصنوعة بالكامل من الكربون تؤدي أداءً جيداً بما يكفي للاستخدام في مجموعة متنوعة من التطبيقات، حتى بعد 6 أشهر من اختبارها.

ثم يوضح الفريق كيف يمكن إعادة تدوير تصميمهم. فمن خلال غمر أجهزتهم في سلسلة من السوائل، وتعريضها للموجات الصوتية وطرد المحلول الناتج يتم استرداد الأنابيب النانوية الكربونية والجرافين بشكل تسلسلي بمتوسط ​​عائد يقارب 100%. 

تعقيد نسبي

ويمكن بعد ذلك إعادة استخدام كلتا المادتين في نفس عملية الطباعة مع فقدان القليل جداً من قابلية أدائهما. 

ونظراً لأن مادة السليلوز النانوية مصنوعة من الخشب، فيمكن ببساطة إعادة تدويرها مع الورق الذي تمت طباعته عليه.

وبالمقارنة مع المقاوم أو المكثف، فإن الترانزستور هو مكون كمبيوتر معقد نسبياً يستخدم في أجهزة مثل التحكم في الطاقة أو الدوائر المنطقية وأجهزة الاستشعار المختلفة.

ويوضح  أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة "ديوك" آرون فرانكلين أنه من خلال إظهار كفاءة ترانزستور مطبوع متعدد الوظائف وقابل لإعادة التدوير بالكامل أولاً فإنه يأمل في اتخاذ خطوة أولى نحو التكنولوجيا التي يتم اتباعها تجارياً للأجهزة البسيطة. 

وعلى سبيل المثال، يمكن أن تستخدم تلك التكنولوجيا في مبنى كبير يحتاج إلى الآلاف من أجهزة الاستشعار البيئية البسيطة لمراقبة استخدام الطاقة أو رقع الاستشعار الحيوي المخصصة لتتبع الحالات الطبية.