دعت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية (NOAA)، الجمعة، مشغلي محطات الطاقة والمركبات الفضائية في المدار، والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، بعدما ضربت عاصفة شمسية جيومغناطيسية G5 الأرض، وُصفت بأنها الأشد، وربما ينتج عنها العروض الضوئية المعروفة بـ "الشفق القطبي".
وشهد كوكب الأرض آخر عاصفة G5 في أكتوبر 2003، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في السويد، وتلف المحولات في جنوب إفريقيا، لكن هذه أول عاصفة شديدة من نوعها، وأحدث "مراقبة مغناطيسية أرضية" تعلن عنها (NOAA) منذ عام 2005، إذ حدثت عواصف بدرجة G4 مؤخراً، بما في ذلك حدث قصير وضعيف نسبياً عام 2023، وفق ما أوردته صحيفة "ذا هيل".
كيف تحدث العاصفة الشمسية؟
تحدث العواصف الشمسية، عندما تطلق الشمس انفجارات قوية من البلازما المغناطيسية ذات الطاقة العالية، والتي تسمى الانبعاثات الكتلية الإكليلية باتجاه الأرض، وتحدث العواصف المغناطيسية الأرضية، عندما تصل جزيئات عالية الطاقة من الشمس إلى الأرض وتتفاعل مع المجال المغناطيسي.
وتثور الشمس باستمرار وتقذف جزيئاتها في الفضاء، إذ يتم توجيه معظمها بعيداً عن الأرض ولا تصل إلينا أبداً، ومن وقت لآخر تؤثر علينا، ما يؤدي إلى حدوث عاصفة صغيرة من الفئة G1 أو G2.
ما هي عواصف G4؟
عواصف G4، هي ثاني أقوى نوع من العواصف المغناطيسية الأرضية، وإذا كانت العواصف المغناطيسية الأرضية عبارة عن أعاصير، فإن "الشديدة" منها ستكون من الفئة 5، وفقاً لموقع SpaceWeather.com.
وفي الماضي، كان من المعروف أن العواصف المغناطيسية الأرضية القوية تعبث بالإلكترونيات الموجودة على الأقمار الاصطناعية، ما يتسبب في انقطاع الاتصالات وتعطيل الشبكات، ويؤدي إلى مشكلات في التحكم بالجهد، يمكن أن تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي.
ما مدى سوء العاصفة الشمسية؟
أسوأ عاصفة جيومغناطيسية في التاريخ المسجل كانت عاصفة كارينجتون عام 1859، والتي سُميت على اسم عالم الفلك البريطاني ريتشارد كارينجتون، الذي لاحظ البقع غير العادية على سطح الشمس، والتي ضربت آثارها الأرض بعد 18 ساعة.
وتسببت تلك العاصفة الجيومغناطيسية G5، في ظهور الشفق القطبي في أقصى الجنوب حتى منطقة البحر الكاريبي، كما كانت العديد من التأثيرات في ذلك الوقت مخيفة، ووفقاً لخبراء، فإنه نظراً لوجود الشمس على بعد 93 مليون ميل، فمن الصعب للغاية التنبؤ بدقة، بحدوث هذه الأحداث.
كيف تؤثر العاصفة الشمسية؟
وحسب وكالة"أسوشيتد برس"، فإن التوهجات الشمسية يمكن أن تؤثر على الاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، لأنها تعطل الغلاف الأيوني للأرض، أو جزءاً من الغلاف الجوي العلوي.
ويمكن للجسيمات النشطة التي تطلقها الشمس أيضاً، أن تعطل الإلكترونيات الموجودة على المركبات الفضائية وتؤثر على رواد الفضاء دون حماية مناسبة خلال من 20 دقيقة إلى عدة ساعات.
وحتى عندما تنتهي العاصفة، يمكن حدوث تشويش للإشارات بين الأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وأجهزة الاستقبال الأرضية أو فقدانها، وفق ما أوردته "NOAA".
في السياق، أشارت شركة "ستارلينك"، مزود خدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية والتابعة لشركة الملياردير إيلون ماسك "سبيس إكس"، السبت، إلى حدوث
"اضطراب في الخدمة" بسبب تعرض كوكب الأرض لأكبر عاصفة جيومغناطيسية منذ عقدين.
وتمتلك ستارليك نحو 60% من نحو 7500 قمر اصطناعي يدور حول الأرض، وقال ماسك في منشور على منصة "إكس" في وقت سابق إن "الأقمار الاصطناعية الخاصة بالشركة تعاني من ضغط كبير بسبب عاصفة شمسية جيومغناطيسية، لكنها صامدة حتى الآن".
وتستخدم الآلاف من أقمار "ستارلينك" الموجودة في مدار أرضي منخفض، وصلات ليزر بين الأقمار الاصطناعية، لتمرير البيانات بينها في الفضاء بسرعة الضوء، ما يسمح للشبكة بتوفير تغطية الإنترنت حول العالم.
هل يمكن التنبؤ بالعاصفة الشمسية؟
المدير المساعد للعلوم في قسم علوم الفيزياء الشمسية التابع لـ"ناسا"، جودارد أليكس يونج، قال لموقع "بيزنس إنسايدر" إن التنبؤ بالعواصف الشمسية "أمر صعب".
وأضاف: "في بعض الأحيان نجد أن العواصف يمكن أن تكون أقوى مما كنا نعتقد، أو يمكن أن تكون عديمة الفائدة إلى حد ما"، موضحاً أن هذه العاصفة بالذات "يصعب تتبعها بشكل خاص، لأنها تتكون من 5 عمليات قذف جماعية إكليلية منفصلة، تندفع جميعها نحو الأرض بسرعة 560 ميلاً في الثانية تقريباً".
وتسببت أشد عاصفة شمسية في التاريخ المسجل في عام 1859 في ظهور الشفق القطبي في أميركا الوسطى، وربما حتى في هاواي.
وقال المتنبئ بالطقس الفضائي في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، شون دال: "نحن لا نتوقع ذلك، لكنه قد يكون قريب الحدوث".
وأوضح في تصريحات لـ "أسوشيتد برس"، أن هذه العاصفة "تشكل خطراً على خطوط نقل الجهد العالي لشبكات الكهرباء، وليس الخطوط الكهربائية الموجودة عادة في منازل الناس".
ما هي ظاهرة الشفق القطبي؟
الجانب الإيجابي هو أن المزيد من الناس يمكنهم رؤية الأضواء الشمالية والجنوبية في نهاية هذا الأسبوع، لأن الشفق القطبي هو نتيجة لتفاعل جزيئات العواصف الشمسية مع الغلاف الجوي للأرض.
وبالعودة إلى عام 1859، امتدت الأضواء الشمالية إلى أميركا الوسطى، لكن هذه المرة، يمكن رؤيتها في أقصى الجنوب مثل ألاباما.