دراسة: خيوط العنكبوت قد تقود إلى تطوير أجهزة سمعية متقدمة

يعاني كثير من الأشخاص فقدان السمع في مراحل عمرية متفاوتة - Science Photo Library via AFP
يعاني كثير من الأشخاص فقدان السمع في مراحل عمرية متفاوتة - Science Photo Library via AFP
القاهرة -محمد منصور

تمكن باحثون من جامعة بينغامتون الأميركية من تصميم ميكروفون يلتقط الصوت بدقة أكبر من الأجهزة التقليدية، عبر استخدام آلية "خيوط العنكبوت"، ما يبشر بإمكانية تطوير أجهزة متقدمة لضعاف السمع، ولأغراض علمية أخرى.

وبحسب الورقة المنشورة، خلال فعاليات اجتماع جمعية الصوتيات الأميركية، يعتمد تصميم هذه الميكروفونات على ترتيب خيوط العنكبوت، بشكل يسمح لها بالاهتزاز بطريقة معينة عند تعرضها للموجات الصوتية، حيث يتم تثبيت الخيوط في هيكل خاص، يسمح بتحويل اهتزازاتها إلى إشارات كهربائية باستخدام تقنيات نانوية متقدمة. 

ويقول الباحثون إن هذا النهج الجديد يقدم أداءً متفوقاً مقارنة بالميكروفونات التقليدية، وخاصة في البيئات التي تتطلب دقة عالية مثل التطبيقات الطبية، والتكنولوجيا الدقيقة.

الأذن وخيوط العنكبوت

على عكس طبلة الأذن البشرية، والميكروفونات التقليدية التي تكتشف موجات ضغط الصوت، تستجيب خيوط العنكبوت للتغيرات في سرعات جزيئات الهواء أثناء دفعها بواسطة مجال صوتي، وهذا يعني أنه بينما تلتقط طبلة الأذن والميكروفونات الصوت عن طريق استشعار التغيرات في الضغط الناجم عن الموجات الصوتية، فإن خيوط العنكبوت تعمل بشكل مختلف من واقع حساسيتها لسرعة حركة جزيئات الهواء.

وتتكون خيوط العنكبوت من البروتينات التي تمنحها قوة ومرونة كبيرة، ويسمح هذا الهيكل للخيوط بالاهتزاز استجابة للقوى الخارجية، بما في ذلك الحركات الدقيقة لجزيئات الهواء الناتجة عن الموجات الصوتية.

عندما تنتقل الموجات الصوتية عبر الهواء، تتسبب في تحرك جزيئات الهواء في أنماط تذبذبية. تكتشف الميكروفونات التقليدية هذه التذبذبات على أنها تغيرات في الضغط، لكن خيوط العنكبوت تتفاعل مع هذه الموجات الصوتية بشكل مختلف؛ حيث تتميز ألياف تلك الخيوط بوزنها الخفيف للغاية، مما يجعلها سريعة الاستجابة لحركة جزيئات الهواء.

وبما أن الموجات الصوتية تتسبب في تسارع وتباطؤ جزيئات الهواء، فإن ألياف خيوط العنكبوت تهتز استجابة لهذه التغيرات في السرعة، ويمكن بعد ذلك تحويل هذا الاهتزاز إلى إشارات كهربائية للكشف عن الصوت.

ولا تزال طريقة الكشف عن سرعة الصوت هذه غير مستكشفة إلى حد كبير مقارنة بالأجهزة التي تعمل بمستشعرات الضغط، ولكنها تحمل إمكانات كبيرة للكشف عن الصوت عالي الحساسية لمسافات طويلة.

السمع عند الحشرات

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة رونالد مايلز، أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة بينغامتون، إن معظم الحشرات التي يمكنها سماع الصوت تستخدم شعيرات دقيقة، أو قرون الاستشعار الخاصة بها، في الاستجابة لحركة الهواء في مجال الصوت.

بدأت الدراسة بتساؤل من الباحثين عن كيفية صنع جهاز هندسي يكون قادراً أيضاً على الاستجابة لتدفق الهواء الناتج عن الصوت، يقول مايلز: "جربنا العديد من الألياف الاصطناعية التي كانت رقيقة جداً، لكنها كانت أيضاً هشة جداً، ويصعب التعامل معها".

بعد ذلك، كان الدكتور جيان تشو يسير في حديقة الحرم الجامعي، ورأى شبكة عنكبوت تتطاير مع النسيم، كان يعتقد أن حرير العنكبوت قد يكون أمراً رائعاً للتجربة، وقبل بناء مثل هذا الجهاز، كان على الفريق أن يثبت أن شبكات العنكبوت تستجيب حقاً لتدفق الهواء الناتج عن الصوت.

محاكاة خيوط العنكبوت

ولاختبار هذه الفرضية، فتحوا نوافذ مختبرهم لمراقبة عناكب الجسر، التي تتخذ من عتبات النوافذ موطناً لها، ثم قاموا بتشغيل صوت يتراوح من 1 هرتز إلى 50 كيلو هرتز للعناكب، وقاسوا حركة حرير العنكبوت باستخدام مقياس اهتزاز ليزر، ووجد الباحثون أن سرعة شباك العنكبوت، المستحثة بالصوت، هي نفس سرعة جزيئات الهواء المحيط به، مما يؤكد الآلية التي تستخدمها هذه العناكب للكشف عن فرائسها.

ونظراً لأن خيوط العنكبوت حساسة لسرعة جزيئات الهواء، وليس مجرد تغيرات الضغط، فيمكنها اكتشاف حتى الموجات الصوتية الدقيقة جداً التي قد تفوتها الميكروفونات التقليدية، مما يجعل تلك الخيوط مرشحاً ممتازاً لإنشاء أجهزة استشعار صوتية حساسة للغاية.

لكن، ونظراً لأن حرير العنكبوت يتم صناعته بواسطة العناكب بشكل حصري، فليس من العملي دمجه في مليارات الميكروفونات التي يتم تصنيعها كل عام، بحسب مايلز.

لذا، اختبر الباحثون مجموعة من المواد النانوية، والتي يُمكن استخدامها لصناعة خيوط تُشبه شباك العنكبوت، وبعد ذلك، استخدم الباحثون تلك المواد لصناعة ميكروفونات حساسة قادرة على التقاط الصوت بدقة أكبر بكثير من الميكروفونات التقليدية.

ورغم أن التصميم لا يزال قيد التجارب المعملية، لكن الباحثين يؤكدون قدرته على التقاط أصوات ضعيفة جداً، مما قد يمكنهم من تطوير أجهزة سمعية متقدمة لضعاف السمع، بالإضافة إلى استخدامها في الروبوتات الذكية، وأنظمة المراقبة البيئية.

تصنيفات

قصص قد تهمك