اكتشاف "أقزام بنية" غير مألوفة في مجرة درب التبانة

صورة توضيحية نشرها المرصد الجنوبي الأوروبي لأضخم ثقب أسود نجمي تم اكتشافه، حتى أبريل 2024، في مجرة درب التبانة، 16 أبريل 2024 - European Southern Observatory
صورة توضيحية نشرها المرصد الجنوبي الأوروبي لأضخم ثقب أسود نجمي تم اكتشافه، حتى أبريل 2024، في مجرة درب التبانة، 16 أبريل 2024 - European Southern Observatory
باريس -أ ف ب

أتاح "إنجاز تكنولوجي" لتلسكوبَي "جايا" (Gaia) الفضائي، و"جرافيتي" (Gravity) الأرضي في تشيلي، اكتشاف نوع غير مألوف من "الأقزام البنية"، وهي أجرام سماوية لا تتوافر عنها حتى الآن معطيات كثيرة.

ولهذا النوع الجديد مواصفات تضعه في مرتبة وسطية بين الكواكب والنجوم، بحسب ما أفادت دراسة، نشرتها مجلة  Astronomy & Astrophysics هذا الأسبوع.

وتتسم "الأقزام البنية" بأنها أكبر من الكواكب لكنّها أصغر من النجوم، ويصعب اكتشافها بسبب ضعف توهجها، حتى أن القدرة على رؤيتها تتدنى عندما تكون بالقرب من نجم أكثر سطوعاً بألف مرة.

أجسام معزولة

وأوضح أحد معدّي الدراسة، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية سيلفستر لاكور، أن رصد عدد كبير من هذه "الأقزام البنية أتيح بفعل كونها كانت تتجول بمفردها مثل أجسام معزولة، ما حال دون الانبهار بالنجم".

لكنّ أقزاماً بنية رُصدت للمرة الأولى وهي تدور بالقرب من نجومها المضيفة، على مسافات تعادل تلك التي تفصل الأرض عن الشمس. 

واستند علماء الفلك إلى أحدث قائمة لما رصده المسبار الفضائي الأوروبي "جايا" الذي يرسم خرائط للنجوم في مجرّة درب التبانة، تُبيّن مواقعها.

وقال عالم الفيزياء الفلكية إن بعض هذه النجوم أظهرت "حركة مدارية مختلفة جداً تحمل على الاعتقاد بأن قزماً بنياً ربما يدور حولها".

واختيرت من بين آلاف النُظُم النجمية 8 لإخضاعها للدراسة. واستناداً إلى هذه المؤشرات، ركّزت أداة "جرافيتي" في "التلسكوب الكبير جداً" التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي على "الموقع المتوقع"، على ما شرحت الباحثة في جامعة "جرونوبل آلب" كارين بابوزيو التي شاركت أيضاً في الدراسة.

قياس دقيق

وتولى مقياس التداخل، بصفته عدسة مكبّرة، إجراء قياس دقيق للأجسام التي سبق أن رصدها "جايا"، ما مكّن العلماء من تحليل توهجها وكتلتها، واستنتاج وجود "أقزام بنية" لـ5 من النُظُم النجمية الثمانية. 

وتبيّن أن هذه "الأقزام البنية" التي تُعَدُّ بمثابة "الرفيقة الخفيّة" للنجوم، وتقع على بعد أقل من 200 سنة ضوئية من الأرض، ذات كتلة تَفوق  بما بين 60 و80 مرة كتلة المشتري.

وسيتيح هذا الاكتشاف تكوين فكرة أفضل عن ماهية "الأقزام البنية"، وهي أجرام سماوية يمكن مقارنتها بـ "النجوم المجهضة".

ويهتم العلماء بمعرفة ما إذا كانت هذه الأجسام "تولد مثل النجوم، بواسطة سحابة غازية مضغوطة، أو مثل الكواكب، على أطراف قرص تراكم حول نجم"، وفق ما أوضح سيلفستر لاكور.

وعلى عكس النجم، لا يُحرق "القزم البني" الهيدروجين في قلبه، ولذلك هو أقل سطوعاً بكثير (أقل بألف مرة في حالة هذه الدراسة)، لكنه مع ذلك يُصدر تدفقاً ضوئياً لا تمتلكه الكواكب.

علم الآثار المجرية

ويأمل الباحثون في أن تكون الخطوة التالية اكتشاف الكواكب الخارجية بفضل القدرات المجتمعة لتلسكوبَي "جايا" و"جرافيتي" التي تتيح مراقبتها المباشرة.

في عام 2022، سلَّم التلسكوب الفضائي "جايا"، الذي يعمل على بعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض منذ 10 سنوات، خريطة ثلاثية الأبعاد لمواقع وحركات أكثر من 1.8 مليار نجم. 

وأتاحت هذه الخريطة التعرف على مجموعة نجوم ملقبة بـ"القلوب العجوز المسكينة"، بسبب كبر سنها، وذلك بسبب التركيبة المعدنية الضعيفة (مؤشر كيميائي لعمر النجم)، وموقعها المركزي.

وكان ذلك خطوة مهمة لعلم الآثار المجرية، الذي يهدف إلى إعادة بناء العصور المختلفة من تاريخ درب التبانة "بالطريقة نفسها التي يعيد بها علماء الآثار بناء تاريخ مدينة ما"، وفق بيان لمعهد "ماكس بلانك".

تصنيفات

قصص قد تهمك