اختراق علمي.. تقنية جديدة تعزز التحكم في الأطراف الاصطناعية

البروفيسور هيو هير رئيس مجموعة أبحاث الميكاترونيات الحيوية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وسط عرض لأطراف صناعية في ماساتشوستس، الولايات المتحدة، 17 أبريل 2014 - REUTERS
البروفيسور هيو هير رئيس مجموعة أبحاث الميكاترونيات الحيوية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وسط عرض لأطراف صناعية في ماساتشوستس، الولايات المتحدة، 17 أبريل 2014 - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

على مدى قرون، سعى العلماء إلى إنشاء بدائل للساق الاصطناعية تحاكي بشكل كامل وظائف نظيرتها البيولوجية، إلا أن السير بشكل طبيعي يتطلب تحكماً حركياً إرادياً وانعكاسياً منسقاً من خلال التفاعل العصبي المعقد، مما يجعل محاكاة الأطراف الاصطناعية العصبية عملية صعبة بعد بتر الأطراف.

وابتكر الباحثون، مؤخراً، واجهة اصطناعية عصبية تسمح للساق الإلكترونية بالاستجابة الكاملة للجهاز العصبي البشري، و"الواجهة العصبية" جهاز أو نظام يربط الجهاز العصبي بجهاز خارجي، مما يتيح الاتصال بين الدماغ (أو الأعصاب)، والأطراف الصناعية أو غيرها من التقنيات المساعدة.

وبحسب ما نُشر في دورية Nature Medicine، فإن الواجهة تشتمل على أزواج عضلية مبنية جراحياً؛ تستعيد استقبال الحس العميق الطبيعي والقدرة على الإحساس بوضعية الأطراف وحركتها، وأدت الواجهة الجديدة إلى تحسين التحكم في المشي، وذلك خلال تجربة سريرية شملت أشخاص يعانون من بتر تحت الركبة.

استعادة الوظائف الحركية

تشير النتائج إلى أن الاستعادة الجزئية للإشارات العصبية قد تكون كافية لعملية المشي الطبيعية، والتحكم في وظائف الأطراف الاصطناعية العصبية.

ويمكن أن تساعد هذه الواجهة في استعادة الوظائف الحسية، أو الحركية المفقودة، بسبب الإصابة أو المرض أو الحالات الخلقية؛ كما تسمح بالتحكم المباشر في الأجهزة التي تستخدم إشارات الدماغ، بالإضافة إلى الأنظمة التي تحفز الأعصاب، أو العضلات لإنتاج الحركة، أو ردود الفعل الحسية.

ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة "هيو هير" الباحث بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن السير بشكل طبيعي عملية تخضع لتوازن دقيق بين الإشارات العصبية الواردة الحسية، والصادرة الحركية. 

ويشير "هير" في تصريحات خاصة لـ"الشرق" إنه عندما يتم بتر أحد الأطراف، يتم تعطيل جزء كبير من هذه الشبكة العصبية المعقدة، مما يجعل من الصعب تكرار الطبيعة السلسة والتكيفية للمشي البيولوجي.

وتعتمد الأطراف الاصطناعية الحالية بشكل كبير على بنية التحكم الروبوتية المحددة مسبقاً لتوليد الحركات، باستخدام آلات أو برمجيات تزودها بحركات محددة، مع التعرف على الأنماط لتقليد مراحل المشي، والتكيف مع التضاريس المختلفة؛ لكن هذه الأنظمة تفتقر إلى التعديل العصبي المستمر من قبل المستخدم، مما يحد من فعاليتها واستجابتها.

في بداية الدراسة افترض "هير" وفريقه أن تعزيز العضلات المتبقية في الطرف المبتور يمكن أن يتيح التحكم العصبي المستمر في الساق الإلكترونية، وبالتالي استعادة المشي. 

ولاختبار ذلك، قام الباحثون بتطوير واجهة تعويضية عصبية تتضمن عضلات متصلة جراحياً، وأقطاب كهربائية لاستشعار العضلات، ويقول "هير" إن هذه الواجهة هدفت لإعادة إنشاء ديناميكيات العضلات الطبيعية داخل الطرف المتبقي، مما يوفر ردود فعل حسية في الوقت الفعلي يمكن استخدامها للتحكم في الساق الإلكترونية.

سجلت الدراسة سبعة أشخاص مبتوري الأطراف تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً، وأظهروا كفاءتهم في استخدام الأطراف الاصطناعية العادية القياسية، وكانوا قادرين على المشي بإيقاع متغير، وتم أيضاً تضمين سبعة أفراد تحكم إضافيين خضعوا لعمليات بتر للمقارنة، وقدم جميع المشاركين موافقة خطية مستنيرة قبل المشاركة في الدراسة.

وقام الباحثون بدمج طرف إلكتروني مستقل مع كاحل صناعي مدعوم، ووحدة استشعار تخطيط كهربية العضل، وأقطاب سطحية مرنة. تم تصميم هذا النظام التعويضي العصبي لتوفير تعديل عصبي مستمر لعزم دوران الكاحل طوال دورة المشي بأكملها، استناداً إلى الإشارات العصبية والعضلية.

اختبارات المشي

قامت الواجهة التعويضية العصبية بزيادة قدرة العضلات المتبقية بنسبة 18% من القيم السليمة بيولوجياً، وحقق المشاركون الذين يستخدمون الواجهة التعويضية العصبية زيادة بنسبة 41% في سرعة المشي القصوى، وهو ما يطابق السرعات القصوى للأفراد الذين لم يتم بتر ساقهم.

أثناء اختبارات المشي على مستوى الأرض، بسرعات مختلفة، أظهر الأشخاص الذين خضعوا لتجربة الواجهة العصبية الجديدة درجة أعلى من المشي خلال المحاكاة الحيوية؛ مقارنة بالمجموعة الأخرى، كما كانوا قادرين على التعديل العصبي، لزوايا الدفع والقدم، ومحاكاة حركيات المفاصل الطبيعية؛ كما أظهروا أيضاً زيادات كبيرة في قوة الكاحل الاصطناعي، والعمل الشبكي، وهي استجابة انعكاسية تظهر عادةً في الأطراف السليمة بيولوجياً.

علاوة على ذلك، سمح هذا المستوى من التعزيز الواضح للمستخدمين، بتكييف مشيتهم مع سرعات المشي المختلفة، وبيئات العالم الحقيقي، بما في ذلك المنحدرات، والسلالم، والممرات المسدودة.

وأوضح "هير": "تشير نتائجنا إلى أنه حتى الزيادة الصغيرة في قدرة العضلات المتبقية، يمكن أن تستعيد المشي، في ظل التعديل العصبي المستمر لدى الأفراد الذين يعانون من بتر الساق".

ويشير إلى أن هذا الاكتشاف له آثار مهمة على تطور الأطراف الاصطناعية، مما يقربنا من رؤية الخيال العلمي للأطراف الاصطناعية التي يتم التحكم فيها عصبياً؛ بنفس التنوع، والاستجابة مثل الأطراف البيولوجية السليمة.

تصنيفات

قصص قد تهمك