أشجار الغابة الأطلسية في البرازيل "تهاجر".. دراسة تكشف السبب

منازل في وسط الغابة الأطلسية بالبرازيل. 8 يونيو 2017 - Reuters
منازل في وسط الغابة الأطلسية بالبرازيل. 8 يونيو 2017 - Reuters
القاهرة-محمد منصور

كشفت دراسة جديدة أن أشجار الغابة الأطلسية في البرازيل "تهاجر"، للعثور على درجات حرارة أكثر ملاءمة، حيث تتحرك الأنواع الموجودة في الغابات الجبلية صعوداً هرباً من الحرارة المرتفعة الناجمة عن تغير المناخ.

ويؤدي تغير المناخ إلى حدوث تحول كبير في الغابة الأطلسية البرازيلية، وهي واحدة من أكثر مناطق العالم في التنوع البيولوجي.

ووجدت الدراسة المنشورة في دورية "علوم النبات"، أن معظم أنواع الأشجار الموجودة في المرتفعات العليا للغابة الأطلسية البرازيلية تهاجر إلى الأعلى.

وتتحرك الأشجار صعوداً من خلال عملية تُسمّى تشتت البذور وتأسيسها مع ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ، وتتكيف الأشجار في الغابة الأطلسية البرازيلية عن طريق الهجرة إلى ارتفاعات أكثر برودة.

وتحدث هذه الهجرة على مدى أجيال وليس من خلال حركة الأشجار الفردية، إذ يتم نقل البذور من الأشجار الموجودة على ارتفاعات منخفضة عن طريق الرياح أو الماء أو الحيوانات إلى الأراضي المرتفعة.

وإذا وجدت هذه البذور الظروف المناسبة للإنبات والنمو، فإن الأشجار الجديدة سوف تستقر في هذه المناطق الأكثر برودة والمرتفعة، وبمرور الوقت، تؤدي هذه العملية إلى تحول تدريجي في أعداد الأشجار صعوداً بحثاً عن درجات حرارة أكثر ملاءمة.

ظاهرة الاحتباس الحراري

ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، تبحث هذه الأنواع عن بيئات أكثر برودة لتزدهر، ومع ذلك، فإن هذه الهجرة الشاقة تشكل خطراً على الأشجار التي تفضل درجات الحرارة الباردة، فمع محدودية الأراضي المرتفعة المتاحة، تواجه هذه الأنواع خطر الانقراض مع اشتداد ظاهرة الاحتباس الحراري.

ووجدت الدراسة أيضاً أن بعض أنواع الأشجار في غابات الأراضي المنخفضة تهاجر إلى أسفل المنحدرات، ويعتقد الباحثون أن هذا السلوك غير المعتاد قد يكون بسبب المناخات المحلية المحددة في المناطق المنخفضة التي توفر ملجأ من درجات الحرارة المتزايدة.

وقد توفر هذه المناخات المحلية ظروفاً مثل الرطوبة العالية أو الظل الثابت، ما يساعد على تخفيف آثار الحرارة، ويقول الباحثون إن هذه الهجرة هي استراتيجية للبقاء استجابة لارتفاع الحرارة الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري.

ماذا يحدث في الغابة الأطلسية؟

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة رودريجو بيرجامين، من جامعة برمنجهام: "وجدنا أن الأنواع المختلفة تتحرك في اتجاهات مختلفة في الغابات المنخفضة، وتتحرك الأشجار إلى أسفل التلال أكثر من صعودها، ربما بسبب عوامل إلى جانب درجة الحرارة، مثل المنافسة بين الأنواع.

وفي الغابة أعلى الجبال، تتحرك معظم الأنواع صعوداً مع ارتفاع درجات الحرارة، ويصبح النمو أكثر ملاءمة لهذه الأشجار التي تفضل درجات الحرارة الدافئة، وقد يعني هذا أن الأنواع التي تحتاج إلى درجات حرارة أكثر برودة معرّضة لخطر الانقراض مع استمرار ارتفاع درجة حرارة العالم.

ودرس الباحثون 627 نوعاً من الأشجار في 96 موقعاً مختلفاً عبر الغابة الأطلسية البرازيلية باستخدام وسيلة لفهم أنماط المناخ عبر الغابة تُعرف بـ"درجة حرارة المجتمع" والتي تُعد مقياساً يحدد متوسط درجة الحرارة المفضلة للأنواع داخل مجتمع أو نظام بيئي معين.

ومن خلال فحص وجود ووفرة الأنواع المختلفة ونطاقات درجات الحرارة الخاصة بها، قام الباحثون بحساب هذه الدرجة لتقييم كيفية تغير تكوين الأنواع استجابة للتغيرات المناخية، وتساعد هذه النتيجة العلماء على مراقبة تأثير تغير المناخ على التنوع البيولوجي، وتوفير رؤى حول أنماط هجرة الأنواع والمساعدة في جهود الحفظ وإدارة النظام البيئي.

ويرى الباحثون أن الأشجار التي تعيش على ارتفاعات أعلى تكون بشكل عام أكثر حساسية لدرجة الحرارة، وتلك التي تحتاج إلى البرد من المرجح أن تخسر في المنافسة في ظل درجات حرارة أكثر دفئاً أمام الأنواع التي تعيش في المناطق الأكثر دفئاً.

ومع تحرك أنواع الأشجار، يمكنها تغيير بنية الغابة وتكوينها إذ يمكن أن تؤثر هذه التغييرات على النظام البيئي بأكمله، ولا تؤثر فقط على النباتات ولكن أيضاً على الحيوانات والكائنات الحية الأخرى التي تعتمد عليها.

كما يمكن أن يؤدي التغير في أعداد الأشجار إلى تفاعلات جديدة بين الأنواع، مع ما يترتب على ذلك من عواقب محتملة على صحة الغابات وقدرتها على الصمود.

نقطة ساخنة للتنوع البيولوجي

وتمتد الغابة الأطلسية البرازيلية، والمعروفة باسم "ماتا أتلانتيكا" من ولاية "ريو جراندي دو نورتي" في الشمال الشرقي إلى ولاية "ريو جراندي دو سول" في الجنوب، وتغطي منطقة داخلية تصل إلى باراجواي ومقاطعة ميسيونيس في الأرجنتين.

وتُعتبر الغابة واحدة من أهم النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي في العالم، وهي موطن لمجموعة واسعة من الأنواع والنظم البيئية الفريدة.

وأشار الباحثون إلى أن فهم أنماط الهجرة أمر بالغ الأهمية لجهود الحفظ، مشددين على الحاجة إلى استراتيجيات تأخذ في الاعتبار الطبيعة الديناميكية للغابات استجابة لتغير المناخ.

وتُسلط هجرة الأشجار في الغابة الأطلسية البرازيلية الضوء على التأثير العميق لتغير المناخ على النظم البيئية الطبيعية، فمع ارتفاع درجات الحرارة، تبحث الأشجار عن موائل جديدة للبقاء على قيد الحياة، ما يؤدي إلى أنماط هجرة معقدة.

كما تؤكد النتائج على الحاجة الملحّة لمعالجة تغير المناخ وتنفيذ تدابير الحفظ للحفاظ على التنوع البيولوجي لهذه الغابة الحيوية.

تصنيفات

قصص قد تهمك