العلماء يرسمون خريطة جينية مفصلة للداء قد تساعد في مكافحته والوقاية منه

البكتيريا المسببة لمرض لايم ظهرت "قبل انفصال القارات"

فني مختبر في معهد باستور في باريس - 21 يناير 2021 - AFP
فني مختبر في معهد باستور في باريس - 21 يناير 2021 - AFP
القاهرة-محمد منصور

في خطوة كبيرة نحو مكافحة مرض لايم، أكمل فريق بقيادة علماء الأحياء من مركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك، تحليلاً جينياً شاملاً للبكتيريا المسؤولة عن الداء الذي ينقله القراد.

ويمكن لهذا العمل الرائد أن يحدث ثورة في تشخيص مرض "لايم" وعلاجه، والوقاية منه، مما قد يحسن حياة عدد لا يحصى من الأفراد المتأثرين بهذا المرض المستمر، والذي غالباً ما يُساء فهمه ويصعب تشخيصه.

ولطالما شكّل مرض لايم، الذي تسببه البكتيريا البورلية، تحديات للمجتمع الطبي بسبب طبيعته المعقدة وأعراضه المتنوعة. 

وينتقل المرض في المقام الأول من خلال لدغة القراد الأسود المصاب بالبكتيريا، وعلى الرغم من عقود من البحث، ظل تشخيص مرض "لايم" بدقة وتوفير علاج فعال أمراً صعباً، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التنوع الجيني للبكتيريا المعنية.

قال مؤلفو الدراسة إن أعداد الحالات تتزايد باطراد، مع 476000 حالة جديدة كل عام في الولايات المتحدة، وقد تنمو بشكل أسرع مع تغير المناخ.

وبحسب دورية "أم بايو" شرع الفريق في مهمة فك شفرة التركيبة الجينية للبكتيريا المسببة لمرض لايم، وتحليل 47 سلالة من جميع أنحاء العالم، وأسفر هذا الجهد عن خريطة جينية مفصلة تقدم رؤى غير مسبوقة بشأن الاختلافات بين هذه البكتيريا.

ومن خلال مقارنة هذه الجينومات، أعاد الباحثون بناء التاريخ التطوري لبكتيريا مرض لايم، وتتبعوا الأصول إلى ملايين السنين، واكتشفوا أن البكتيريا نشأت على الأرجح قبل تفكك قارة بانجيا القديمة، وانفصالها إلى القارات الموجودة في الوقت الحالي.

البكتيريا المرتبطة بمرض لايم

كما كشفت الدراسة كيف تتبادل هذه البكتيريا المواد الجينية داخل الأنواع وفي ما بينها، وتسمح هذه العملية، المعروفة باسم إعادة التركيب، للبكتيريا بالتطور بسرعة والتكيف مع البيئات الجديدة. 

وحدد الباحثون عدة نقاط ساخنة محددة في الجينومات البكتيرية حيث يحدث هذا التبادل الجيني بشكل متكرر، وغالباً ما ينطوي على الجينات التي تساعد البكتيريا على التفاعل مع ناقلات القراد ومضيفيها من الحيوانات.

قام العلماء برسم خريطة للتركيبة الجينية الكاملة لـ23 نوعاً وسلالة من البكتيريا المرتبطة بمرض لايم من جميع أنحاء العالم، وابتكروا أداة قوية لتحديد سلالات البكتيريا التي تصيب المرضى.

 وقال الباحثون إن الخريطة الجديدة ستمكن العلماء من إجراء اختبارات تشخيصية وعلاجات أكثر دقة مصممة للبكتيريا، التي تسبب مرض كل مريض، ويمكن أن تساعد هذه الخريطة الجينية في تطوير لقاحات، وتدابير وقائية جديدة. 

واللقاحات الحالية لمرض لايم، محدودة في فعاليتها وتوافرها، ويرجع ذلك جزئياً إلى التنوع الجيني لبكتيريا البوريليا.

 ومع الفهم الشامل لهذه الاختلافات الجينية، أصبح الباحثون الآن مجهزين بشكل أفضل لتصميم لقاحات توفر حماية أوسع ضد سلالات مختلفة، مما قد يقلل من حدوث مرض لايم في المناطق المعرضة للخطر.

وقال الباحثون إنهم يخططون لتوسيع نطاق تحليلهم ليشمل المزيد من سلالات بكتيريا مرض لايم، وخاصة من المناطق التي لم تدرس بشكل كافٍ، كما يهدفون إلى التحقيق في وظائف الجينات الفريدة للسلالات المسببة للمرض، والتي قد تكشف عن أهداف جديدة للتدخلات العلاجية.

ومع توسع مرض لايم في نطاقه الجغرافي بسبب تغير المناخ، يوفر البحث أدوات ورؤى قيمة لمكافحة هذا التهديد المتزايد للصحة العامة.

تصنيفات

قصص قد تهمك