الشركة توضح لـ"الشرق" تفاصيل وخبايا قرار تحويل الأرباح من الدولار إلى الجنيه

جوجل تصدم صناع المحتوى في مصر بـ"العملة المحلية".. مخاوف تنتظر التفاوض

شعار شركة جوجل خارج أحد متاجرها في مانهاتن بمدينة نيويورك، الولايات المتحدة. 17 نوفمبر 2021 - REUTERS
شعار شركة جوجل خارج أحد متاجرها في مانهاتن بمدينة نيويورك، الولايات المتحدة. 17 نوفمبر 2021 - REUTERS
دبي-محمد عادل

أحدث قرار شركة جوجل الجديد بشأن تغيير عملة أرباح صناع المحتوى والناشرين على منصاتها الإلكترونية من الدولار الأميركي إلى الجنيه المصري حالة من الصدمة لدى سوق صناعة المحتوى في مصر، ومخاوف من التأثير على العوائد، والاحتياجات التمويلية لوسائل الإعلام.

وفي تصريحات لـ"الشرق"، أوضح متحدث باسم جوجل أن الشركة تعمل نحو إجراء عمليات الدفع بالعملات المحلية في جميع أنحاء العالم، ضمن استراتيجية ونهج عالمي، وليس في مصر فقط.

وأشار إلى أن القرار، الذي سيدخل حيز التفعيل بحلول الأول من مايو 2025، ليس بالجديد وغير موجه بشكل حصري إلى السوق المصري، موضحاً أن جوجل بالفعل تدفع لصناع المحتوى والناشرين بالعملة المحلية في 13 دولة حول العالم وهي: تشيلي، إندونيسيا، اليابان، الأردن، المكسيك، المغرب، نيوزيلندا، النرويج، بيرو، جنوب إفريقيا، السويد، تركيا، والإمارات، مع خطط للتوسع في المزيد من البلدان في عام 2025. 

اقرأ أيضاً

جوجل تقرر دفع أرباح المحتوى بالعملة المحلية في مصر

تابع أخبار جوجل، حيث دافع متحدث باسم الشركة عن قرارها بتحويل الأرباح إلى صناع المحتوى، والناشرين في مصر، بالجنيه المصري بدلاً من الدولار الأميركي.

مع تنفيذ القرار الجديد، سيجني صناع المحتوى والناشرون عوائد الإعلانات التي تظهر على محتوى مواقعهم الإلكترونية المشتركة في منصة AdSense وقنوات يوتيوب بالجنيه المصري، بعد أن كانوا يحصلون عليها بالدولار الأميركي، وترى جوجل أن هذا القرار سيحافظ على قيمة ما يربحه المصريون من محتواهم على منصات جوجل الرقمية المختلفة. 

ولكن رأي مينا بُشرى، مؤسس قناة "الفايدة" للمحتوى الاقتصادي على يوتيوب، يختلف مع جوجل، فقد أوضح أن بعض الخدمات التي تقدمها جوجل تتطلب من الناشرين الدفع لها بالدولار الأميركي، مثل خدمات جوجل كلاود السحابية، وبالتالي فإن ذلك يضع عبئاً كبيراً على صناع المحتوى في مصر، لأن الناشر مجبر على دفع قيمة بعض الخدمات بالدولار، بينما عوائده الإعلانية يحصل عليها بالجنيه المصري، والذي عانى الكثير من التذبذب في قيمته مقابل الدولار خلال الفترة الماضية. 

وحول إمكانية تفكيره في التحول عن يوتيوب لتنويع مصادر الأرباح، أشار بُشرى، والذي حصدت فيديوهاته أكثر من 26 مليون مشاهدة خلال 4 أعوام منذ إطلاق القناة، إلى أن بناء قاعدة جماهيرية على أي منصة يحتاج إلى استثمار ضخم من الوقت والمجهود في إنتاج المحتوى، إلا أن ذلك لا يعني أن الاعتماد على منصة واحدة فقط والتركيز عليها أمر سليم، وبالتالي فإنه يسعى دائماً لتوسيع تواجده على منصات أخرى مثل فيسبوك وتيك توك وإكس. 

طريقة احتساب تعريفة أرباح جوجل

وأكدت متحدثة باسم جوجل إلى "الشرق" أن الشركة تتيح مختلف خدماتها إلى المصريين مقابل الدفع بالجنيه المصري، فيما عدا خدمات جوجل كلاود، والتي لن تتأثر بقرار تحويل العملة، وسيظل الدفع مقابلها بالدولار الأميركي، نظراً لكونها "كيان منفصل من حيث الخدمات وتكلفة تقديمها"، على حد تعبيرها. 

وبشأن كيفية احتساب تعريفة الأرباح على منصاتها بعد التغيير، أوضحت المتحدثة باسم جوجل أنه اعتباراً من 1 مايو 2025، ستظل تعريفات الأرباح على جميع حسابات AdSense وAdSense for Youtube وAdMob كما هي دون أي تغييرات، حيث سيتم احتسابها بالدولار الأميركي، بينما سيحصل صناع المحتوى على أرباحهم بما يعادل قيمتها بالجنيه المصري.

قرار جوجل ومخاوف وسائل الإعلام 

ويرى أكرم القصاص رئيس مجلس إدارة صحيفة "اليوم السابع" المصرية أن قرار جوجل لن يكون له أثر كبير على اقتصادات الصحف؛ في حال قبلت الشركة بأن تتلقى مقابل الخدمات التي تقدمها بالعملة المحلية أيضاً، مثل خدمات استضافة المواقع أو الأدوات الصحافية التي تقدمها. 

وقال القصاص لـ"الشرق" إن العائدات التي سيتم تحويلها إلى الصحف بالعملة المحلية سيكون بنفس سعر الدولار لدى البنوك المحلية، ما يعني أن قيمة العائدات لن تتغير، مشيراً إلى أن المواقع الصحافية لديها احتياجات دولارية لدفع مقابل خدمات استضافة المواقع على سبيل المثال، وتساءل عن مدى قبول جوجل وغيرها من الشركات العالمية بأن يتم الدفع بالعملة المحلية، مثلما تتلقى المواقع أرباحها بالعملة المحلية، وقال إنه في تلك الحالة لن تكون هناك مشكلة، وأضاف أن الإجابة عن هذا السؤال ستظهر في الفترة المقبلة. 

وأعرب عن اعتقاده بأنه من غير القانوني أن تجبر جوجل المواقع بأن تدفع الدولار مقابل خدماتها، بينما تقدم العائدات بالعملات المحلية، مشيراً إلى أنه إذا حدثت تلك المشكلة قد يتم حلها بالتفاوض جماعياً بين الصحف وشركة جوجل، خاصة أنها أبدت من قبل مرونة في التوصل لتفاهمات مع وسائل الإعلام في دول أخرى. 

الاحتياجات التمويلية للصحف 

وخلافاً لترجيحات أكرم القصاص، توقع علاء الغطريفي رئيس تحرير صحيفة "المصري اليوم" أن يؤثر قرار جوجل على اقتصادات الصحف، مشيراً إلى أن العلاقة بين الشركات الكبرى مثل جوجل ووسائل الإعلام هي علاقة تدار من طرف واحد، على الرغم من أهمية العائدات من تلك الشركات والمنصات بالنسبة للاحتياجات التمويلية للصحف. 

وأكد الغطريفي لـ"الشرق" على ضرورة أن يكون للصحف الكبرى في مصر والدول العربية صوت موحد لدفع قيمة عادلة نظير محتوى تلك الصحف، الذي يتحول إلى محتوى جوجل وفيسبوك وغيرهما من المنصات. 

وأضاف أن جوجل تعمل على تحقيق مصلحة اقتصادية خاصة لها حين تستفيد بمقابل المشاهدات بالدولار، ثم تحول المقابل للمواقع بالعملات المحلية، خاصة أن الصحف لها احتياجات دولارية لدفع مقابل استضافة الموقع والإعلانات الممولة وغيرها. 

وتابع: بالتالي سيظل هناك طلب على الدولار يقع على الصحف عبء تلبيته حتى وإن كان قيمة العائدات بالعملة المحلية تساوي ما كان يتم دفعه بالدولار، باعتبار أن العالم الرقمي "يتحدث بلغة الدولار". 

ونوه إلى ضرورة التواصل مع شركة جوجل للتعامل بصورة مختلفة مع هذا الأمر، وتغيير تعاملها مع الإعلام لتكون علاقة شراكة، وليست "علاقة تدار من طرف واحد".

 تأثير مرتبط بالسوق الموازي للدولار 

الخبير الإعلامي د. ياسر عبد العزيز قال لـ"الشرق" إن تأثير قرار جوجل على اقتصادات تشغيل الصحف مرتبط باحتمالية عودة ما يسمى بـ"السوق السوداء" أو الفجوة بين السوق الرسمي والسوق الموازي للدولار، وهو ما يظل احتمالاً في ضوء التغيرات المتسارعة التي شهدها الاقتصاد المصري في العامين الأخيرين، وفي تلك الحالة ستتضرر الصحف والمؤسسات الإعلامية ومن يسمون بـ"صانعي المحتوى"، موضحاً أن قرار جوجل له "تأثير مفترض"، أما في الظروف الحالية، فيمكن لأي شخص أن يدبر عملة بالطرق الرسمية في البنك المركزي. 

وأضاف أنه قبل عدة شهور كانت هناك أزمة في توفر الدولار، وبلغ سعره في السوق الموازي أكثر من ضعف السعر الرسمي، وهو ما خلق ضغطاً على المؤسسات الإعلامية التي تحتاج إلى الدولار لتشغيلها، ما أدى لخروج بعض المؤسسات من السوق، وتعثر مؤسسات أخرى. 

وأشار إلى أن العديد من الشركات الدولية العاملة في السوق المصري وغيره من الأسواق التي تشهد اضطرابات في سعر العملة؛ تستغل الاضطراب في تحقيق مصالح اقتصادية، وتصوغ سياساتها بما يحقق أكبر عائد، وفي المقابل تضغط على العاملين الذين أصبحوا يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية وليس الدولار، بينما تحصل الشركات على عائداتها بالعملة الصعبة، وبالتالي تحصل الشركات على عمالة رخيصة، وتحقق مصلحتها على حساب العاملين.

تصنيفات

قصص قد تهمك