أحيا ريموند تشين، مهندس البرمجيات البارز في شركة مايكروسوفت، واحدة من أغرب القصص التقنية التي رُصدت في تاريخ أنظمة التشغيل، وهي القصة الشهيرة التي تربط بين أغنية "ريذم نيشن" (Rhythm Nation) للفنانة جانيت جاكسون، شقيقة ملك البوب الراحل مايكل جاكسون، وتعطّل بعض نماذج الحواسيب الشخصية العاملة بنظام تشغيل ويندوز.
في تحديث جديد، نُشر على مدونة مايكروسوفت الرسمية، كشف تشين أن الفلتر الصوتي، المصمم خصيصاً لمنع انهيار الأجهزة بسبب تشغيل الأغنية، ظلَّ مفعَّلاً حتى نظام "ويندوز 7" (Windows 7)، وربما استمر إلى ما بعده من إصدارات.
Rhythm Nation وWindows XP
القصة تعود إلى منشور سابق لتشين في 2022، أفاد فيه بأن أحد مصنّعي الحواسيب اكتشف خلال مرحلة دعم الأجهزة العاملة بنظام Windows XP أن تشغيل فيديو كليب الأغنية الشهيرة Rhythm Nation يؤدي إلى انهيار بعض نماذج الحواسيب المحمولة الخاصة به، وكذلك حواسيب منافسين آخرين.
لم يكن مجرد عطل عرضي، إذ تبيَّن لاحقاً أن موسيقى الأغنية تحتوي تردداً صوتياً يتطابق مع التردد الرنيني لأقراص صلبة من نوع 5400 دورة في الدقيقة، وهو ما تسبب في اهتزازات أدت لانهيار عدد من الأجهزة.
كما لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ روى تشين حينها أن تشغيل الأغنية على جهاز واحد كان قادراً على التسبب في انهيار جهاز آخر قريب، لم يكن حتى يشغّل الأغنية، ما أكد أن الترددات الصادرة من الأغنية كانت تؤثر في الأجهزة المحيطة فيزيائياً، وليس برمجياً فقط.
ولمواجهة هذه المشكلة، ابتكر المصنع المتضرر حلاً يتمثل في فلتر صوتي خاص أُضيف إلى مسار المعالجة الصوتية، يقوم بالتعرف على الترددات الخطرة، وحجبها أثناء التشغيل الصوتي.
وأُدرج هذا الفلتر تحت مظلة ما يُعرف بـ"كائنات معالجة الصوت" أو Audio Processing Objects (APOs) في أنظمة التشغيل، وهي مكونات تسمح بتحسين، أو تعديل الصوت المسموع من النظام.
"سمعة على المحك"
وفي منشوره الجديد، أوضح تشين أن مايكروسوفت فرضت منذ عهد Windows 7 قاعدة جديدة تُلزم بأن تكون جميع APOs قابلة للإيقاف من قِبَل المستخدم.
لكن المصنع الذي أضاف فلتر Rhythm Nation تقدّم بطلب استثناء من هذه القاعدة، معللاً بأن تعطيله قد يؤدي إلى ضرر فيزيائي فعلي في الأجهزة، وأن معرفة المستخدمين بوجود خيار لتعطيله سيجعلهم يوقفونه رغبة في صوت موسيقي أقوى، دون إدراك العواقب الوخيمة على أجهزتهم، مما قد يؤدي إلى أعطال مفاجئة في الأجهزة بعد فترة من الزمن، ما يدفع المستخدمين إلى إلقاء اللوم على الحواسيب، أو حتى على نظام ويندوز نفسه، ويؤثر سلباً على سمعة المصنع ومايكروسوفت معاً.
لذلك، وافقت مايكروسوفت على منح المصنع استثناء خاصاً، سمح للفلتر بعدم الامتثال لإعداد "تعطيل جميع تحسينات الصوت"، وبقي مفعّلاً في الخلفية دون إمكانية إيقافه.
وحين سُئل تشين، عبر التعليقات، عما إذا كان الفلتر لا يزال موجوداً في نسخ Windows 10، أو Windows 11، أجاب بأنه لا يعلم على وجه اليقين، لكنه أكد وجوده في نسخة Windows 7، دون معلومات مؤكدة بشأن الإصدارات الأحدث.
وفي تفاعل واسع عبر مدونة مايكروسوفت، تساءل بعض المتابعين عما إذا كانت الفلاتر هذه مقتصرة على حواسيب الشركة المصنّعة التي أنشأتها، وهو ما أكده تشين لاحقاً، موضحاً أن الفلتر صُمم خصيصاً لنماذج معينة من الحواسيب المتأثرة، ولم يكن جزءاً عاماً من نظام التشغيل.
وكان منشور في عام 2022 قد ألمح إلى أن القصة أثارت اهتماماً لدرجة أنها أُدرجت ضمن قاعدة بيانات الثغرات الأمنية تحت الرمز CVE-2022-38392، ما أثار جدلاً بشأن مدى جدية الواقعة، إلا أن تشين أكد أنه يثق بزميله الذي نقل له الحادثة خلال فترة عمله في دعم ويندوز XP.
