كشف تقرير أن محرك البحث جوجل بدأ في فهرسة محادثات مستخدمي نموذج الذكاء الاصطناعي ChatGPT التي جرى مشاركتها عبر الإنترنت، ما يمكن أن يحول التفاعلات الشخصية والخاصة إلى محتوى علني يمكن الوصول إليه عبر نتائج البحث، في تطور وصفه خبراء بأنه "خطير ومروع".
وأفاد التقرير، الذي نشره موقع Fast Company، بأن آلاف المحادثات التي أجراها مستخدمو ChatGPT وشاركوها مع الأصدقاء أو أفراد الأسرة أو الزملاء، أصبحت تظهر ضمن نتائج البحث على جوجل، ما يعني أن المحتوى الذي كان من المفترض أن يبقى ضمن دائرة ضيقة بات الآن متاحاً لملايين المستخدمين حول العالم.
ويمكن لأي شخص استخدام خاصية البحث في جوجل مستنداً إلى جزء من الرابط الذي يُولد عند النقر على زر "مشاركة" في ChatGPT ليجد محادثات تتضمن معلومات شخصية حساسة للغاية.
وتشمل المحادثات اعترافات بالإدمان، أو روايات عن التعرض للعنف الجسدي، أو نقاشات حول اضطرابات نفسية خطيرة، بل وحتى مخاوف من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تقوم بمراقبتهم.
وعلى الرغم من أن هوية المستخدمين لا تُعرض مباشرة في الواجهة، فإن بعضهم أفصح عن تفاصيل دقيقة يمكن أن تؤدي إلى التعرف عليهم.
فعلى سبيل المثال، قد يستخدم شخص زر "مشاركة" لإرسال المحادثة إلى صديق عبر تطبيق واتساب أو للاحتفاظ بها كمرجع لاحق، دون أن يدرك أن هذه الخطوة قد تجعل المحادثة قابلة للظهور في نتائج البحث العامة، ومتاحة لأي شخص على الإنترنت.
4500 محادثة
وقد أظهر تحليل Fast Company وجود نحو 4500 محادثة مفهرسة بهذه الطريقة، إلا أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى، إذ من غير المؤكد ما إذا كان جوجل يفهرس جميع المحادثات، ونظراً للطابع الشخصي والحساس لبعض هذه المحادثات، التي تتضمن أسماء وأماكن وظروف خاصة، فقد قررت الصحيفة عدم نشر روابط هذه المحادثات أو وصفها بشكل مفصل احتراماً للخصوصية.
وما يزيد من القلق أن هذا الاكتشاف يأتي في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى أن قرابة نصف الأميركيين استخدموا روبوتات الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT، لأغراض الدعم النفسي خلال العام الماضي، وأشار ثلاثة من كل أربعة إلى أنهم سعوا لمساعدة في التعامل مع القلق، فيما بحث اثنان من كل ثلاثة عن نصائح شخصية، وأفاد 60% بأنهم أرادوا دعماً في مواجهة الاكتئاب.
غير أن هذه المحادثات- خلافاً لما يتم تداوله مع طبيب نفسي بشري- يمكن أن تظهر بسهولة عبر بحث بسيط على جوجل.
من جانبها، تعمل "جوجل" على فهرسة أي محتوى متاح عبر الإنترنت بشكل علني، كما أن بإمكان مالكي المواقع حذف صفحات معينة من نتائج البحث، ولكن روابط المحادثات في ChatGPT ليست مصممة لتكون مرئية افتراضياً في نتائج البحث، بل يتطلب الأمر أن يجعلها المستخدم قابلة للاكتشاف بشكل يدوي.
ويُنبه النظام المستخدمين إلى ضرورة عدم مشاركة معلومات حساسة، ويمنحهم القدرة على حذف الروابط المشتركة في أي وقت.
تفاصيل حساسة
أحد المستخدمين وصف بالتفصيل علاقاته الجنسية، ومشاعره تجاه الحياة في بلد أجنبي، وأشار إلى معاناته من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وسعيه للحصول على دعم نفسي، وتحدث عن تفاصيل دقيقة تخص تاريخه العائلي وعلاقاته الشخصية.
في محادثة أخرى، تناول مستخدم موضوع السلوكيات السيكوباتية بين الأطفال والفئة العمرية التي قد تظهر فيها، بينما تحدث مستخدم آخر عن نجاته من "برمجة نفسية"- وهو مصطلح يُستخدم في بعض سياقات الإيذاء النفسي- وسعيه للتعافي من الصدمات التي تعرض لها.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، حذر الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، من مشاركة المستخدمين لمعلوماتهم الشخصية الحساسة مع ChatGPT، موضحاً أن الشركة قد تُجبر على تقديم هذه المعلومات في حال صدور أمر قضائي بذلك.
وقال ألتمان في حوار مع المذيع ثيو فون: "أعتقد أن هذا الوضع معقد جداً وغير سليم"، ولكنه لم يتطرق خلال الحديث إلى مسألة جعل المحادثات قابلة للفهرسة بشكل طوعي من جانب المستخدمين.
يذكر أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، إذ ظهرت مشكلات مشابهة مع روبوتات دردشة تابعة لشركة "ميتا"، والتي بدأت بعرض استفسارات المستخدمين ضمن خلاصة عامة في تطبيقاتها.
وأثبتت التجربة أن ضعف الوعي الرقمي لدى المستخدمين ساهم في ظهور معلومات شخصية حساسة على الملأ، وقد حذر خبراء السلامة الرقمية حينها من الفجوة المتزايدة بين تصورات المستخدمين حول كيفية عمل التطبيقات، والطريقة الحقيقية التي تعمل بها فعلياً.
كيف تظهر محادثات ChatGPT في بحث جوجل؟
بشكل افتراضي، روابط المحادثات التي يتم إنشاؤها من جانب مستخدمي ChatGPT لا يتم فهرستها أو إدراجها في نتائج البحث الخاصة بمحركات البحث المختلفة، وفي مقدمتها Google Search، بينما يجب على المستخدم أن يقوم بالموافقة يدوياً على إدراج رابط المشاركة الخاص بمحادثته لتعثر عليها محركات البحث وتبدأ في إدراجها داخل نتائجها، بحسب موقع OpenAI للدعم.
ويحدث ذلك عندما يقوم المستخدم بإنشاء رابط لمشاركة محادثة ما عبر موقع الويب الخاص بالمنصة الذكية، فعندما يضغط على زر المشاركة سيظهر أمامه مربع حواري لإنشاء الرابط مع وجود خيار بجواره مربع فارغ يقول بأن المستخدم يبدي موافقته بأن يتم إدراج هذا الرابط داخل نتائج البحث على الإنترنت، وفي حال تم الضغط داخل المربع تتم عملية الإدراج، بينما إذا ظل المربع فارغاً لا تتم تلك العملية ويظل رابط مشاركة المحادثة غير متاح على الإنترنت إلا لمن يقوم المستخدم بإرسالها إليهم.
المثير للاهتمام أن المربع الحواري الذي يضع خيار إظهار روابط مشاركة المحادثات داخل محركات البحث، لا يظهر إلا عند إنشاء رابط المشاركة من موقع ChatGPT على الويب، بينما على تطبيقات المنصة لأندرويد، وiOS، لا يظهر هذا الاختيار أبداً، حتى من داخل إعدادات التطبيقات أو موقع الويب، لا توجد أي طريقة للتحكم في ظهور الروابط داخل محركات البحث.