أنفقت الشركات الأميركية في عام 2025 أكثر من 155 مليار دولار على تطوير الذكاء الاصطناعي، وهو مبلغ يفوق ما أنفقته الحكومة الأميركية على التعليم والتدريب والتوظيف والخدمات الاجتماعية في السنة المالية 2025 حتى الآن، حسبما أوردت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وخلال الأسبوعين الماضيين، نشرت كل من "ميتا" ومايكروسوفت وأمازون وألفابت، الشركة الأم لجوجل، تقاريرها المالية العامة الفصلية. وكشفت كل منها أن نفقاتها الرأسمالية السنوية حتى تاريخه، وهو رقم يشير إلى الأموال التي تنفقها الشركات لشراء أو ترقية الأصول الملموسة، بلغت بالفعل عشرات المليارات.
ويُعتبر مصطلح Capex اختصاراً، مؤشراً على إنفاق شركات التكنولوجيا على الذكاء الاصطناعي، لأن هذه التكنولوجيا تتطلب استثمارات هائلة في البنية التحتية المادية، وتحديداً مراكز البيانات، والتي تتطلب كميات كبيرة من الطاقة والمياه وأشباه الموصلات باهظة الثمن.
استثمارات أكبر
وصرحت جوجل خلال أحدث إفصاح لها، أن نفقاتها الرأسمالية "تعكس بشكل أساسي استثمارات في الخوادم ومراكز البيانات لدعم الذكاء الاصطناعي".
وبلغت النفقات الرأسمالية لشركة "ميتا" 30.7 مليار دولار، أي ضعف الرقم البالغ 15.2 مليار دولار المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لتقرير أرباحها. وفي الربع الأخير وحده، أنفقت الشركة 17 مليار دولار على النفقات الرأسمالية، أي ضعف ما أنفقته في الفترة نفسها من عام 2024، والبالغ 8.5 مليار دولار.
وأعلنت ألفابت عن إنفاق رأسمالي يقارب 40 مليار دولار خلال الربعين الأولين من السنة المالية الحالية، بينما أعلنت أمازون عن 55.7 مليار دولار. وأعلنت مايكروسوفت أنها ستنفق أكثر من 30 مليار دولار في الربع الحالي لبناء مراكز البيانات التي تدعم خدمات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الإنفاق الرأسمالي لشركات التكنولوجيا الكبرى بشكل هائل في السنة المالية المقبلة، متجاوزاً المبالغ الباهظة التي رُصدت في العام السابق.
وصرح الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، الأربعاء الماضي، بأن الشركة تعتزم إنفاق حوالي 100 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي في السنة المالية المقبلة.
وتخطط شركة "ميتا" لإنفاق ما بين 66 و72 مليار دولار. وتخطط ألفابت لإنفاق 85 مليار دولار، وهو رقم أعلى بكثير من تقديراتها السابقة البالغة 75 مليار دولار.
وقدّرت أمازون أن إنفاقها في عام 2025 سيصل إلى 100 مليار دولار، حيث تستثمر الأموال في AWS، والتي يتوقع المحللون الآن أن تصل إلى 118 مليار دولار.
وفي المجمل، ستنفق شركات التكنولوجيا الأربع، أكثر من 400 مليار دولار على النفقات الرأسمالية في العام المقبل، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
سباق محموم
وتعد هذه الأرقام التي تُشير إليها الصحيفة، أكبر من الإنفاق ربع السنوي للاتحاد الأوروبي على الدفاع. ومع ذلك، يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة لا تنفق ما يكفي بالنسبة لمستثمريها.
وأبلغت مايكروسوفت وجوجل و"ميتا" محللي "وول ستريت" في الربع الماضي، أن إجمالي نفقاتها الرأسمالية سيكون أعلى من التقديرات السابقة.
في حالة الشركات الثلاث، كان المستثمرون سعداء للغاية، وارتفعت أسهم كل شركة ارتفاعاً حاداً بعد تقارير أرباحها. وبلغت القيمة السوقية لشركة مايكروسوفت 4 تريليونات دولار في اليوم التالي لنشر تقريرها.
وحتى شركة أبل، الأكثر حذراً بين عمالقة التكنولوجيا، أشارت إلى أنها ستعزز إنفاقها على الذكاء الاصطناعي في العام المقبل بشكل كبير، إما من خلال الاستثمارات الداخلية أو عمليات الاستحواذ.
وارتفع الإنفاق الرأسمالي الفصلي للشركة إلى 3.46 مليار دولار، مقارنة بـ 2.15 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وأعلنت الشركة المصنعة لأجهزة أيفون عن أرباح ضخمة، الخميس الماضي، مع انتعاش مبيعات "آيفون" وأعمال تجارية أفضل من المتوقع في الصين، لكنها لا تزال تُعتبر الأكثر تأخراً في تطوير ونشر منتجات الذكاء الاصطناعي بين عمالقة التكنولوجيا.
وصرح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، الخميس الماضي، بأن الشركة تُعيد تخصيص "عدد لا بأس به" من الموظفين للتركيز على الذكاء الاصطناعي، وأن "جوهر استراتيجيتنا للذكاء الاصطناعي" يتمثل في زيادة الاستثمارات و"دمج" الذكاء الاصطناعي في جميع أجهزتها ومنصاتها. إلا أن كوك امتنع عن الكشف عن المبلغ الذي تنفقه أبل بالضبط.
وقال: "نحن نزيد استثماراتنا بشكل كبير، ولن أضع أرقاماً محددة وراء ذلك".
وتحاول الشركات الصغيرة مواكبة الإنفاق الهائل للشركات القائمة. وأعلنت OpenAI أنها جمعت 8.3 مليار دولار من الاستثمارات، كجزء من جولة تمويلية مخططة بقيمة 40 مليار دولار، مما يُقدر قيمة الشركة الناشئة، التي انطلق روبوت الدردشة ChatGPT الخاص بها في عام 2022، عند 300 مليار دولار.