أظهر استطلاع رأي جديد أجرته وكالة "رويترز" ومركز "إبسوس" للأبحاث، وجود قلق بالغ بين الأميركيين إزاء احتمال أن تؤدي التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي إلى فقدان قطاعات كبيرة من البلاد وظائفها بشكل دائم.
وأظهر الاستطلاع، الذي استمر 6 أيام وانتهى الاثنين، أن 71% من المشاركين أبدوا قلقهم من أن الذكاء الاصطناعي "سيجعل كثيرين يفقدون وظائفهم بشكل دائم".
وأعرب نحو 77% من المشاركين في الاستطلاع عن قلقهم من إمكانية استخدام التكنولوجيا لإثارة الفوضى السياسية، في إشارة إلى عدم الارتياح إزاء الاستخدام الشائع الآن للذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو مزيفة لكنها تبدو واقعية.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي
ونشر الرئيس دونالد ترمب، الشهر الماضي، على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مولَّداً بالذكاء الاصطناعي يظهر اعتقال الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، وهو ما لم يحدث قط.
وأظهر الاستطلاع أن الأميركيين قلقون أيضاً بشأن التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي.
وأعرب ثلثا المشاركين في الاستطلاع عن قلقهم من أن يتخلى الناس عن علاقاتهم مع الآخرين، والاكتفاء برفقاء الذكاء الاصطناعي.
وانقسم المشاركون بشأن ما إذا كانت تقنية الذكاء الاصطناعي ستحسن التعليم، فبينما رأى نحو 36% من المشاركين أنها ستساعد، عارض 40% ذلك، بينما لم يكن الباقون متأكدين.
جمع الاستطلاع ردوداً عبر الإنترنت من 4 آلاف و446 بالغاً أميركياً على مستوى البلاد، بهامش خطأ نحو 2%.
مهن مهددة الزوال
جاء هذا الاستطلاع بالتزامن مع إجراء شركة مايكروسوفت دراسة موسّعة بهدف تحديد الوظائف التي يُرجّح أن تستبدلها تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لتصل إلى نتائج ربما تُثير القلق لدى شاغلي المهن المكتبية، خاصةً تلك المرتبطة بإنتاج المحتوى، أو تقديم الاستشارات، أو خدمات الدعم.
واستندت الدراسة، التي لم تُنشر بعد في دورية علمية محكّمة، إلى تحليل 200 ألف محادثة مجهولة المصدر ومُنقّحة لحماية الخصوصية، جُمعت بين المستخدمين وأداة "Bing Copilot" التابعة لمايكروسوفت، وتوصل فريق البحث من خلالها إلى أن المهن الأكثر قابلية للاستبدال تشمل مجالات كتابة المحتوى، وتقديم المعلومات، والتعليم، والنصح والإرشاد.
واعتمد الباحثون ما سموه "مؤشر قابلية التطبيق"، وهو مقياس كمّي يهدف إلى تحديد مدى توافق طبيعة كل وظيفة مع إمكانيات الذكاء الاصطناعي، استناداً إلى مدى استخدام هذه التقنيات في المهام الوظيفية، ومدى نجاح التطبيقات حتى الآن.
جاءت المهن التي تعتمد على العمل المعرفي، والتواصل بين الأكثر عرضة للزوال، مثل المترجمين، والمؤرخين، ومندوبي المبيعات، والكُتاب، والمؤلفين، وموظفي خدمة العملاء، إذ تتوافق طبيعة هذه الأعمال بدرجة كبيرة مع المهارات التي يتمتع بها الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، فإن الوظائف التي تتطلب جهداً بدنياً مباشراً، أو تفاعلاً بشرياً حقيقياً، بدت أكثر أماناً، وشملت هذه المهن مشغلي الآليات الثقيلة، والقوارب، وعمال النظافة، وفنيي التدليك، وعمال الأسقف، وغاسلي الصحون.
ويرى معدّو التقرير أن هذه المهن أقل عرضة للاستبدال لأنها تنطوي على مهام معقّدة؛ يصعب ترجمتها إلى تعليمات رقمية تؤدى بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي.