ترمب يعلن إتمام الصفقة مع الرئيس الصيني الجمعة

"تيك توك".. قصة أكبر صراع بين واشنطن وبكين

صورة توضيحية تظهر نموذجاً مصغراً مطبوعاً بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد للرئيس الأميركي دونالد ترمب مع شعار تيك توك. 19 يناير 2025 - REUTERS
صورة توضيحية تظهر نموذجاً مصغراً مطبوعاً بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد للرئيس الأميركي دونالد ترمب مع شعار تيك توك. 19 يناير 2025 - REUTERS
واشنطن - رحمة الدمرداشالشرق

بينما يُسدل الستار على واحدة من أكثر القضايا التقنية إثارة في العقد الأخير، تظل قصة "تيك توك" شاهداً على صراع أكبر من مجرد تطبيق للفيديوهات القصيرة.

ففي قلب هذا الجدل، وقفت واشنطن وبكين وجهاً لوجه، إذ تجاوز الخلاف حدود التكنولوجيا إلى رهانات أوسع تتعلق بالهيمنة الاقتصادية والأمن السيبراني والتأثير الثقافي العالمي، واستمر الخلاف لسنوات حتى أعلن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الاثنين،  التوصل إلى "إطار مبدئي للاتفاق" يتيح استمرار عمل تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة لكن تحت سيطرة أميركية.

ما هي بذور الصراع الأمني حول "تيك توك"؟

بحسب تقرير نشرته "بلومبرغ"، تتركز جذور الصراع الأمني الأميركي- الصيني بسبب التطبيق في مخاوف ترتبط بالبيانات، والتأثير السياسي، والخوارزميات.

تتعامل السلطات الأميركية مع مسألة وصول الحكومة الصينية إلى بيانات المستخدمين باعتبارها تهديداً مباشراً للأمن الوطني؛ إذ ينص قانون المخابرات في الصين على إمكانية إلزام الشركات الخاصة بالتعاون مع أجهزة الدولة في قضايا الأمن، وهو ما يثير قلق واشنطن من أن تكون بيانات ملايين الأميركيين عرضة للاطّلاع، أو النقل عبر الشركة الأم "بايت دانس".

وبحسب "بلومبرغ"، لا تقتصر المخاوف الأميركية على مسألة حماية بيانات المستخدمين، بل تمتد إلى آلية التوصية بالمحتوى التي يديرها التطبيق؛ إذ يرى مسؤولون أميركيون أن خوارزمية "تيك توك" ربماا تُستخدم للتأثير في النقاشات السياسية، أو حتى في الانتخابات، من خلال التحكم في طبيعة المحتوى الذي يراه المستخدمون في الولايات المتحدة.

مراحل الصراع الأميركي الصيني حول "تيك توك"

منذ أكثر من عامين، تحوّل تطبيق "تيك توك" إلى محور صراع أمني وقانوني في الولايات المتحدة، وفي ما يلي 8 مراحل توضّح كيف تصاعدت المواجهة بين واشنطن و"بايت دانس" وصولاً إلى الأحكام القضائية والتنفيذية الأحدث:

تصاعد المخاوف الأمنية (2022–2023): بدأت وكالات الأمن والاستخبارات الأميركية التحذير من أن بيانات المستخدمين في "تيك توك" ربما تكون عرضة للوصول من جانب الحكومة الصينية عبر الشركة الأم "بايت دانس"، وهي المخاوف التي وضعت التطبيق تحت مجهر الكونجرس الذي اعتبره تهديداً محتملاً للأمن القومي.

طرح التشريع في الكونجرس (2024): في 13 مارس 2024، صوّت مجلس النواب بأغلبية ساحقة لصالح مشروع قانون يُلزم "بايت دانس" ببيع "تيك توك"، أو مواجهة الحظر الكامل داخل الولايات المتحدة، وعكس التصويت توافقاً نادراً بين الحزبين حول خطورة التطبيق.

توقيع بايدن على القانون (2024): في 24 أبريل 2024، وقّع الرئيس السابق جو بايدن على قانون حماية الأميركيين من التطبيقات الخاضعة لسيطرة خصوم أجانب "PAFACA"، ليدخل حيّز التنفيذ رسمياً، ووضع التشريع مهلة زمنية محددة أمام "بايت دانس" للعثور على مشترٍ محلي أو مواجهة الحظر.

المعركة القضائية (مايو – ديسمبر 2024): لم تستسلم "تيك توك"، إذ رفعت هي و"بايت دانس" دعاوى قضائية للتشكيك في دستورية القانون، معتبرة أنه يقيد حرية التعبير. لكن في ديسمبر 2024، رفضت محكمة استئناف فيدرالية طلبهما وقف التنفيذ.

شعار 'تيك توك' وعلما الولايات المتحدة والصين - 16 يوليو 2020
صورة تعبيرية لشعار تيك توك وعلما الولايات المتحدة والصين - 16 يوليو 2020 - REUTERS

المواجهة في المحكمة العليا (يناير 2025): في 10 يناير 2025، نظرت المحكمة العليا الأميركية في القضية التي وضعت حرية التعبير بمواجهة اعتبارات الأمن القومي، وجذبت جلسة المرافعات اهتماماً واسعاً باعتبارها اختباراً قانونياً وسياسياً على السواء.

الحكم الحاسم (17 يناير 2025): بعد أسبوع واحد، أصدرت المحكمة العليا حكمها التاريخي بتأييد القانون، مؤكدة دستوريته ومنح الإدارة الأميركية الضوء الأخضر لفرض البيع أو المضي في الحظر، واعتبر القرار انتصاراً للتيار الأمني في واشنطن.

مرحلة التنفيذ والتأجيلات (يناير 2025 وما بعده): مع اقتراب الموعد النهائي في 19 يناير 2025، هددت "تيك توك" بأنها ستوقف التطبيق في الولايات المتحدة إذا لم يتضح الموقف التشريعي والإجرائي الأميركي بشأن تنفيذ القانون، وجاء هذا التحذير في ظل غياب توجيه رسمي واضح من البيت الأبيض، ولاحقاً، منحت الإدارة الأميركية الجديدة مهلاً إضافية عبر أوامر تنفيذية لتفادي الإغلاق الفوري.

حل الأزمة (سبتمبر 2025): التوصل إلى صفقة مبدئية تتيح استمرار تطبيق "تيك توك" المملوك لشركة "بايت دانس" الصينية في الولايات المتحدة.

الخط الزمني لصفقات البيع القسري لـ"تيك توك":

منذ 2020 وحتى 2025، تعددت محاولات البيع القسري للتطبيق تحت ضغوط أميركية، لكن الصفقات تعثرت بفعل الخلافات السياسية والاعتراضات الصينية، إلى جانب الرسوم الجمركية.

ويعرض هذا الخط الزمني، المأخوذ حصراً من تقارير "بلومبرغ" و"رويترز"، أبرز محاولات البيع القسري والاعتراضات التي واجهتها.

2020: عروض من "مايكروسوفت" و"وولمارت" و"أوراكل"

في صيف 2020، دخلت شركات كبرى مثل مايكروسوفت، و"وولمارت"، و"أوراكل" في سباق للاستحواذ على العمليات الأميركية لـ "تيك توك".

وفي سبتمبر، أعلن الرئيس دونالد ترمب موافقته المبدئية على صفقة تقودها "أوراكل" بمشاركة "وولمارت"، لكنها لم تكتمل تحت ضغط السياسة والجدل التشريعي، وقال ترمب حينها: "لقد أعطيت مباركتي للصفقة، إذا تم تنفيذها كما تم عرضها عليّ".

2021: إدارة بايدن تعلّق الصفقة

مع تولي جو بايدن الرئاسة، قررت الإدارة الجديدة مراجعة الملف من جديد، وفي فبراير 2021، توقفت صفقة "أوراكل" و"وولمارت"، ما جمّد المفاوضات وأعاد "تيك توك" إلى دائرة المتابعة الأمنية بدلاً من الاستحواذ التجاري.

وقال مسؤول في إدارة بايدن وقتها: "لن نتخذ قرارات متسرعة بشأن تيك توك قبل استكمال مراجعة شاملة للمخاطر الأمنية".

2025: محاولات جديدة بعد تمرير القانون

بعد إقرار القانون الأميركي الذي يُلزم "بايت دانس" ببيع "تيك توك" أو مواجهة الحظر، ظهرت في أوائل 2025 محاولات لتشكيل تحالف أميركي للاستحواذ على العمليات المحلية. شركة "بلاكستون" (Blackstone) انضمت إلى جانب "ساسكويهانا إنترناشونال جروب" (Susquehanna International Group) و"جنرال أتلانتيك" (General Atlantic) لإقناع السلطات الأميركية بأن السيطرة ستكون أميركية بالكامل.

ربيع 2025: اعتراض بكين على الصفقة بموجب قوانين التكنولوجيا

في أبريل 2025، أعلنت وزارة التجارة الصينية أن أي صفقة لبيع "تيك توك" تخضع لمراجعة حكومية بموجب قوانين تصدير التكنولوجيا، وشددت بكين على أن الخوارزميات الأساسية وحقوق الملكية الفكرية لا يمكن نقلها إلى الخارج دون موافقة رسمية، ووصفت الضغوط الأميركية بأنها "إكراه" يتعارض مع قواعد السوق.

وقال متحدث باسم الوزارة: "الصين ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية". 

يوليو 2025: انسحاب "بلاكستون"

في 18 يوليو 2025، انسحبت "بلاكستون" من مجموعة المستثمرين التي كانت تسعى للاستحواذ على حصة في "تيك توك" الأميركية، وجاء الانسحاب نتيجة ضغوط سياسية وتصاعد عدم اليقين التشريعي، ما وجّه ضربة قوية لجهود الصفقة.

صيف 2025: اعتراض بكين على الرسوم الجمركية

في يوليو وأغسطس 2025، ربطت بكين أي اتفاق بشأن "تيك توك" بإعادة النظر في الرسوم الجمركية الأميركية، معتبرة أن فرضها يعرقل المفاوضات، وقال ترمب آنذاك إن "الصين لا تريد إتمام الصفقة بسبب الرسوم"، فيما ردت الخارجية الصينية بأن "واشنطن تستخدم الأدوات الاقتصادية لأغراض سياسية".

ما هي مبادرة "Project Texas"؟ وهل تشكل جزءاً من الإطار المبدئي للصفقة؟

أطلقت "تيك توك" مبادرة "Project Texas" بالشراكة مع "أوراكل" (Oracle) في محاولة لطمأنة السلطات الأميركية عبر عزل بيانات المستخدمين داخل الولايات المتحدة، وإنشاء ذراع تشغيلية محلية باسم USDS تخضع لرقابة أميركية مباشرة.

يهدف المشروع إلى تقليص أي وصول محتمل من "بايت دانس" للبيانات، ويشمل تدقيقات أمنية وتشغيلية يديرها طرف ثالث، لكن هذه الخطة لم تُنهِ الجدل بشأن مسألة الخوارزمية والسيطرة النهائية على المنصة.

مع ذلك، علينا الانتظار لنرى هل سيشمل الاتفاق النهائي بعد مداولات ترمب ونظيره الصيني شي جين بينج استخدام هذه المبادرة أو شيء قريب منها أم لا.

ما أبرز بنود الصفقة؟

البنود غير معروفة حتى الآن بالتحديد، لكن مع انتهاء جولة المحادثات في مدريد، كشف وزير الخزانة الأميركي بيسنت على أن شروط عمل التطبيق في المرحلة المقبلة بالولايات المتحدة لا تزال غير واضحة بالكامل، لكنه سيخضع لسيطرة أميركية بالتأكيد.

وأضاف أن ترمب سيتحدث مع نظيره الصيني شي، الجمعة، لاستكمال تفاصيل الصفقة، وعاد ترمب وأكد الأمر نفسه في تغريدة عبر منصته "تروث سوشيال"، في خطوة وُصفت بأنها الأكثر تقدماً منذ بدء الأزمة، وإن بقيت رهينة لمفاوضات سياسية وتجارية أوسع.

وأعلن ترمب أنه حدد بالفعل مشترٍ للعمليات الأميركية لـ "تيك توك"، واصفاً المشتري بأنه "تحالف من أشخاص أثرياء جداً"، دون الكشف عن اسمه.

هذا المحتوى من "اقتصاد الشرق".

تصنيفات

قصص قد تهمك