اعتبر المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Nvidia، جينسنج هوانج، أن الصين متأخرة عن الولايات المتحدة في مجال صناعة الرقائق بـ "أجزاء من الثانية" فقط، مشدداً على أن من مصلحة واشنطن السماح للشركات الأميركية بالمنافسة داخل السوق الصينية، لتعزيز النجاح الاقتصادي الأميركي وتوسيع نفوذه الجيوسياسي.
وأضاف هوانج، في حديث إلى بودكاست BG2 الذي يقدمه المستثمران براد جيرستنر وبيل جورلي، أن الصين تمتلك قاعدة واسعة من المواهب وثقافة عمل قوية، فضلاً عن بيئة تنافسية بين قطاعاتها المحلية، ما يجعلها قادرة على تطوير صناعة تكنولوجية حيوية وعصرية.
وأوضح أن من الأفضل لبكين أن تظل منفتحة أمام الاستثمارات الأجنبية لتعزيز الابتكار الداخلي، إلى جانب تمكين شركاتها المحلية من المنافسة عالمياً.
وأشار هوانج إلى أن وحدات معالجة الرسومات (GPUs) من Nvidia أصبحت العمود الفقري لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، وهو ما رفع القيمة السوقية للشركة إلى مستويات قياسية.
لكن المبيعات إلى الصين، التي تُعد أحد أكبر الأسواق العالمية، واجهت عراقيل بسبب التوتر الجيوسياسي، خصوصاً بعدما فرضت الولايات المتحدة قيوداً على شريحة H20 قبل أن تعيد السماح بتصديرها مقابل رسوم إضافية بنسبة 15%.
وتواصل الصين العمل على قدم وساق في صناعة الرقائق، وأفادت تقارير سابقة بأن شركات الرقائق الصينية تخطط لرفع إنتاج معالجات الذكاء الاصطناعي إلى 3 أضعاف خلال العام المقبل، عبر تشغيل مصانع جديدة مخصصة لدعم شركات مثل هواوي وديب سيك، ضمن استراتيجية تستهدف تقليص الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية.
وعلى الرغم من هذا التوجه، إلا أن الصين لا تزال تعتمد على استيراد كميات ضخمة من الرقائق ومعدات تصنيعها، إذ أظهرت بيانات حديثة ارتفاع واردات معدات صناعة الرقائق بنسبة 93% خلال الفترة الماضية، فيما تجاوزت واردات أشباه الموصلات أكثر من 308 مليارات وحدة في الفترة من يناير إلى يوليو الماضيين.
وأصدرت بكين توجيهات إلى كبرى شركات التكنولوجيا المحلية بوقف شراء رقائق الذكاء الاصطناعي من Nvidia، وعلى رأسها شريحة RTX Pro 6000D، في خطوة تعكس ثقتها في قدراتها المحلية، وأكدت السلطات أن هذه الخطوة لا تأتي فقط في إطار قيود على الواردات، بل كجزء من خطة استراتيجية لتعزيز البنية التحتية الوطنية وتخفيف التبعية للتكنولوجيا الأميركية.
ويمثل التحوّل الصيني عن الرقائق الأميركية بداية مسار استراتيجي نحو بدائل محلية، إذ تدفع بكين شركاتها لاستخدام معالجات وطنية الصنع، وتسرّع تطوير معدات تصنيع خاصة بها، بالتوازي مع بناء مراكز بيانات تعتمد على الشرائح المحلية الناشئة، في محاولة لتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على الموردين الغربيين.
وفي قطاع التصنيع، بدأت شركة SMIC، أكبر مُصنّع للرقائق في الصين، اختبار معدات بتقنية DUV لتقليص الاعتماد على شركة ASML الهولندية، المحتكرة لتقنية EUV المحظورة على بكين.
ورغم أن النتائج الأولية بدت مشجعة، إلا أن بعض المكونات لا تزال مستوردة، كما أن الوصول إلى إنتاج مستقر بجودة عالية يتطلب وقتًا أطول لعمليات المعايرة.
أما في مجال التصميم والتطبيقات التجارية، فقد أبرمت شركة علي بابا اتفاقًا مع شركة China Unicom لنشر معالجاتها المحلية T-Head (Pingtouge) في مركز بيانات جديد بمقاطعة تشينغهاي، ضمن مشروع يبرز تصاعد الاعتماد على الشرائح الوطنية.
ويشارك في هذا المسار شركات صاعدة مثل MetaX وBiren Technology، في إطار خطة تهدف إلى تقليص الحاجة إلى بدائل Nvidia الخاضعة للقيود الأميركية.