يشهد سوق الهواتف العالمي توجهاً جديداً ناحية التخلص من كاميرا السيلفي، في مسعى حثيث نحو إتاحة المزيد من المساحة لامتداد الشاشة على واجهة الهواتف الذكية.
وكانت المحاولات قد بدأت في هذا الاتجاه منذ العام الماضي، ومازالت مستمرة؛ فمنذ أن أطلقت "أبل" هاتفها "أيفون إكس" في 2017 قلصت المساحة التي تشغلها عدسة الكاميرا الأمامية وسماعة المكالمات، وهو ما دفع شركات الهواتف الذكية للتحرك في اتجاه جديد ناحية التخلص من كل ما يعكر صفو استحواذ الشاشة على واجهة هواتفهم ،وتعتبر عدسة الكاميرا الأمامية من أهم العقبات التي وقفت في وجه تحقيق هذا الهدف.
ولكن شركة ZTE أثبتت العام الماضي أن تخطي تلك العقبة أمر قابل للتحقق، وذلك عندما أطلقت هاتفها Axon 20، والذي قدم لأول مرة في العالم كاميرا سيلفي خفية أسفل زجاج الشاشة، وعندها وقف جمهور سوق الموبايل مترقباً لشكل وتصميم الكاميرا الجديدة الخفية، متسائلاً عن كيفية عملها.
كيف تعمل الكاميرات أسفل الزجاج؟
وتعتمد فكرة إخفاء الكاميرا أسفل زجاج الشاشة على استخدام تقنيات معينة لعرض البيكسلات في جزء الشاشة الذي يوجد به مستشعر الكاميرا، بحيث تتسق البيكسلات بشكل طبيعي مع بيكسلات الجزء الآخر للشاشة عندما يقوم المستخدم بالتعامل مع شاشة هاتفه، وعندما يقوم بتشغيل تطبيق يحتاج لاستخدام الكاميرا، يبدأ الهاتف في تغيير ترتيب البيكسلات بشكل يسمح بنفاذ الإضاءة الخارجية إلى الكاميرا أسفل الزجاج لتتمكن من التقاط الصور والفيديوهات.
وقد تطورت طريقة عمل كاميرا السيلفي الخفية، فبالنظر إلى كاميرا هاتف ZTE Axon 20، سنجد أن الشركة الصينية استخدمت تقنية عرض لجزء الشاشة الذي توجد أسفلها الكاميرا بكثافة بيكسلات 200 بيكسل في البوصة الواحدة، ما يضمن وصول المزيد من الإضاءة، ولكن في الوقت نفسه أصبح من السهل جداً تمييز مكان وجود عدسة الكاميرا، بسبب الاختلاف في كثافة توزيع البيكسلات عن بقية مساحة الشاشة.
ولكن مع الأبحاث المستمرة في تقنيات تضمين الكاميرا تحت زجاج الشاشة، تمكنت "زتي" من تقديم تطور كبير بصحبة الجيل الجديد من هاتفها Axon 30 5G، والذي رفعت على متنه كثافة توزيع البيكسلات إلى الضعف (400 بيكسل في البوصة الواحدة)، وبالتالي أصبحت كثافة التوزيع موحدة للشاشة كاملة، وبذلك أصبح رصد موقع الكاميرا أكثر صعوبة، وبالتالي أصبح التصميم أكثر تقبُلاً بالنسبة للعين.
السوق يتسع
وبعد أن كانت ZTE تنافس نفسها، بدأت المزيد من الشركات تخفي كاميرات السيلفي أسفل زجاج شاشات هواتفها الجديدة، مثل شاومي وسامسونج.
وقدمت شركة شاومي هاتفها الأحدث Xiaomi Mix 4، الذي يعتبر أول هاتف بعد تخلي شاومي عن علامة Mi ، مؤكدة أنها زودته بمجموعة من أحدث تقنياتها لتفادي المشكلات الخاصة بوضع كاميرا أسفل زجاج الشاشة، وكانت في مقدمتها تقنية Micro-Diamond Pixels التي تقلل من حجم البيكسلات وتزيد الإضاءة التي تستوعبها، وبالتالي يوحد الجودة المميزة لعرض الشاشة.
ولكي تتمكن شاومي من إتاحة المزيد من الشفافية لمنطقة الشاشة فوق الكاميرا، قامت الشركة بتقديم تصميم جديد لمجموعة الدوائر الكهربائية، ما أتاح مجال أوسع لمرور الإضاءة لمستشعر التصوير، بالإضافة إلى استخدام دوائر كهربائية شفافة للبيكسلات الصغيرة، إلى جانب استخدام تصميم موجي لتوزيع البيكسلات بحيث يقلل انحراف أشعة الضوء، وذلك يعطي جودة ودقة أعلى للتصوير.
كما طرحت ساسونج هاتفها الأول بكاميرا سيلفي خفية على متن هاتفها القابل للطي الجديد Galaxy Z Fold 3، والذي قدم كاميرا أمامية تحت الشاشة الكبيرة 7.6 بوصة بدقة وضوح 4 ميجابيكسل، وزودتها الشركة الكورية بتحديثات مميزة على مستوى أنظمة معالجة الصور، بحيث تحاول تقديم جودة مقبولة وتتفادى مشاكل انعكاس الإضاءة عبر زجاج الشاشة في حالة وجود مصدر إضاءة مباشر، وكذلك تحسين ملامح الوجوه لتكون مقبولة إلى حد
الشاشة أم جودة الصور؟
بالتأكيد الحصول على شاشة نقية دون أي أجزاء بلاستيكية أو حواف من أي نوع، حتى إن كان "نوتش"، يعتبر تجربة مميزة لعشاق الألعاب وكذلك مع تزايد استهلاك العالم للفيديوهات على الشبكات الاجتماعية، ولكن في الوقت نفسه يعشق قطاع كبير من مستخدمي الهواتف الذكية التصوير السيلفي، لذلك فإننا يجب أن نواجه الحقيقة أن كاميرات السيلفي الخفية أسفل الشاشة لا يزال أمامها طريق طويل من التطوير، حتى تتمكن من منافسة الكاميرا السيلفي التقليدية الظاهرة.
ولكن لا يمكننا إنكار ما أنجزته الشركات التقنية بالفعل في هذا المجال، فعندما ننظر إلى صورة ملتقطة بأول هاتف بكاميرا سيلفي خفية، سنجد أن جودتها ووضوح تفاصيلها أقل من المتوسط.
ونلاحظ الفرق الكبير في الجودة بين صور زتي Axon 20 5G والصور الملتقطة بلهاتف شاومي الأحدث Mix 4، الذي يعكس مدى التطور السريع لتقنيات الكاميرات تحت زجاج الشاشة، وهو ما يبشر بأن تصبح جميع هواتف المستقبل بشاشات خالية من أي "نوتش" أو حواف دائرية تختبئ بداخلها عدسات الكاميرا السيلفي.