"أبل" في عشرية رحيل ستيف جوبز.. من الابتكار إلى الربح

متجر Apple في مدينة هانجزو بالصين - 24 سبتمبر 2021 - AFP
متجر Apple في مدينة هانجزو بالصين - 24 سبتمبر 2021 - AFP
سان فرانسيسكو- أ ف ب

بعد عشر سنوات على وفاة ستيف جوبز، تحوّلت شركة "أبل" إلى منظومة اقتصادية مترامية الأطراف، تتعدد أجهزتها وخدماتها، وتفوق قيمتها أي شركة أخرى في العالم، لكنها فقدت هالتها كمختبر للابتكارات "الثورية"، باعتراف أشد المعجبين بمؤسسها الشهير. 

وتكثر التعليقات على "تويتر" التي تعبّر عن خيبة أمل، خصوصاً عندما يتولى الرئيس التنفيذي للمجموعة منذ أغسطس 2011 تيم كوك، الإعلان عن منتجات جديدة، ومنها مثلاً أن "كوك ليس ستيف جوبز"، و"أبل لم تعد تبتكر"، و"ستيف جوبز يتقلب في قبره". 

في الواقع، لا تزال "أبل" تنتهج ظاهرياً أسلوب ستيف جوبز الذي توفي في 5 أكتوبر 2011، من حيث اعتماد التشويق والتضخيم.

فتيم كوك وفريقه، لا يزالون يظهرون الحماسة نفسها، ويعمدون إلى "عبارات المبالغة" عند الإعلان عن أي جديد، سواء كان يتعلق بتحسينات تقنية أو بتشكيلة أكثر تطوراً من أجهزة "آي فون"، أو بخدمة بث تدفقي، أو حتى بلون جديد لمنتجاتها.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن المحلل المستقل روب إندرل قوله، إن "أبل" بغياب ستيف جوبز "فقدت قدرتها على إطلاق منتجات يمكن أن تحدث ثورة في السوق"، وأضاف: "لقد أصبحت شركة مالية، آلة تعمل جيداً وتتقن" الإفادة إلى أقصى حد من "مستهلكيها الأوفياء". 

وأسهمت الشركة التي انطلقت من مرآب للسيارات في سيليكون فالي عام 1976، في تغيير الحياة اليومية لمئات الملايين من الناس من خلال الحواسيب والأجهزة الأخرى التي تنتجها، ومنها "آي بود" (2001)، وخصوصاً "آي فون" (2007). 

وأحدث ستيف جوبز الذي كان صاحب رؤيا ثورة في مجال المعلوماتية مرتين، الأولى في ثمانينات القرن العشرين، تمثلت في ابتكار واجهات رسومية تشكّل وسيلة للتواصل بين الآلات والبشر، والثانية جعل الإنترنت في متناول الجميع، من خلال الهاتف الذكي.

متى الثورة الثالثة؟

"أبل" طرحت في السوق ساعة "أبل ووتش" المتصلة. وإذ ذكّرت المحللة كارولينا ميلانيسي بأن "مقياس "أبل" كان دائماً الابتكار"، اعتبرت أنه "أمر مهم (...) ولكن ثمة معايير أخرى، كقدرة الشركة على تطوير نفسها".

وبالفعل، تمكنت المجموعة التي تتخذ من مدينة كوبرتينو في ولاية كاليفورنيا مقراً لها، من تحقيق التنوع عبر إضافة عدد من الخدمات المدمجة بعناية في أجهزتها، كالموسيقى والدفع والفيديو والألعاب والدروس الرياضية وسواها.

ورأت الخبيرة في مؤسسة "كرييتيف ستراتيجيز" البحثية، أن "أبل" باتت اليوم "تمتلك أكثر من أي وقت مقوّمات تتيح لها جذب مستخدمين جدد، والحفاظ عليهم".

ولم يكن ستيف جوبز ليعتمد غير هذه الاستراتيجية، إذ كان يسعى إلى تبسيط تجربة المستهلكين والتحكم بها من الألف إلى الياء، وفقاً لسيرته التي كتبها والتر إيزاكسون.

ومع أن "أبل" لم تحقق أي ثورة رقمية في العقد الأخير، كما هو الحال بالنسبة لغيرها من الشركات، فإن مكانة هذه المجموعة التي تتخذ التفاحة رمزاً لها، لا تزال كبيرة، ما يشكل ضغطاً على تيم كوك. إلا أن عدداً من المحللين رأوا أن الشركة العملاقة لم تتوقف يوماً عن الاختراع.

وقال دان آيفز إن "الابتكار يحصل من داخل الشركة، رغم إمكان لجوئها إلى الاستحواذات". وأضاف "هذا جزء من هويتها، وكان ستيف جوبز ليفتخر بذلك".

وأشار خصوصاً في هذا الإطار إلى تطوير شريحة "إم 1"، التي استُخدِمَت في بعض الأجهزة الجديدة بدلاً من الشرائح التي تنتجها "إنتل".

وتوقع آيفز أن "يبقى جهاز "آي فون" لسنوات بمنزلة القلب والرئتين لنمو "أبل"، لكنه أشار إلى أن ابتكارات ستُطرح، بينها نظارات "أبل" للواقعين الافتراضي والمعزز، وسيارة "أبل" عام 2024.

ثلاثة آلاف مليار قريباً؟

ولأساليب تيم كوك على أي حال وقع السحر في وول ستريت، إذ ارتفعت قيمة علامة "أبل" التجارية من نحو 350 مليار دولار قبل عشر سنوات إلى 2358 مليار دولار في الأول من أكتوبر 2021.

وتوقع دان آيفز أن "تصل إلى ثلاثة آلاف مليار في غضون ستة إلى تسعة أشهر"، مقللاً من أهمية بعض الظروف المعاكسة.

فالنقص العالمي في الرقائق الدقيقة لم يؤثر بدرجة كبيرة في قدرة الشركة على تلبية الطلب. أما التنازلات السياسية لشركة "أبل" في شأن الخصوصية في الصين، فتثير قلق النقاد دون غيرهم.

كذلك نجت المجموعة نسبياً حتى الآن من جبهة قانون المنافسة، مقارنة بشركتي "جوجل" و"فيسبوك"، اللتين تواجهان دعاوى قضائية تتعلق بإساءة استخدام المركز المهيمن.

حتى أن قاضية أميركية برأت "أبل" أخيراً من الكثير من تهم الاحتكار التي وجهتها إليها شركة "إبيك غيمز" لألعاب الفيديو.

في ما يتعلق بهذه القضية كما في مسألة مكافحة المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال، التي تشجبها المنظمات غير الحكومية، يلجأ تيم كوك إلى تقديم تنازلات هامشية، بأسلوب يختلف تماماً عن أسلوب سلفه العاصف.

ورأت كارولينا ميلانيسي "أن أسلوب ستيف جوبز لم يكن لينفع في السنوات العشر الأخيرة"، في إشارة إلى شخصيته الصعبة. وقالت "في رأيي، تيم كوك مناسب أكثر كرئيس للشركة في هذه المرحلة".