بعد أشهر طويلة من الجدل والمناقشات المطولة عن بديلها للكوكيز، خرجت شركة جوجل، الثلاثاء الماضي، بنظام جديد يحمل اسم Topics API، الذي تسعى الشركة لاستخدامه داخل متصفحها للويب جوجل كروم، لتعتمد عليه في سوق الإعلانات الموجهة للمستخدمين، بدلاً من ملفات الارتباط Cookies.
ولكن لكي نفهم سبب سعي جوجل نحو الاعتماد على نظام جديد، يجب في البداية أن ندرك ماهية "الكوكيز" وأوجه القصور التي تشوبها.
ما الكوكيز؟
مجموعة من ملفات الارتباط، التي تخزنها المواقع داخل المتصفح الخاص بك، لتتمكن مواقع الويب التي تزورها، والتي تفاجئك دائماً برسالة تنبيهية تطالبك باستخدام "الكوكيز" داخل متصفحك، بإظهار إعلانات ملائمة لاهتماماتك، بحيث تضمن أن تنتبه إليها وتهتم للمحتوى الذي تقدمه.
تلك الاهتمامات قادمة من الكوكيز، والتي تخزن بداخلها المواقع التي زرتها من قبل، ونوع المحتوى الذي تستهلكه بشكل مستمر ولفترات طويلة.
ولكن على مدى سنوات طويلة، تعرضت "الكوكيز" لانتقادات لاذعة بشأن مدى انتهاكها لخصوصية المستخدمين، وتعرضهم إلى كشف جوانب عديدة من شخصياتهم وحياتهم على الإنترنت، بحيث تستخدمها الشركات والمعلنون لتحقيق أرباح طائلة من الإعلانات.
لذا ومع تعرضها باستمرار لانتقادات بشأن خصوصية المستخدمين، بدأت جوجل السعي نحو استبدال "الكوكيز" بنظام جديد، وهو Privacy Sandbox.
ما هو Privacy Sandbox؟
منذ عام واحد، 25 يناير 2021، كانت جوجل قدمت إلى عالم الإنترنت رؤيتها الجديدة بشأن الخصوصية، التي تحمل اسم "الصندوق الرملي"، ومن المفترض أن تستبدل بها تماماً الاعتماد على ملفات "الكوكيز" في عمليات استهداف المستخدمين بالإعلانات الموجهة.
ويتكون النظام البديل للكوكيز من 5 أجزاء، هم 3 واجهات برمجية ونظامان للتعامل مع البيانات.
الواجهة الرئيسية هي Trust API، والتي تسمح للمواقع والتطبيقات بالتأكد من أن المستخدم هو شخص بشري حقيقي، وليس مجرد روبوت، وهو أمر أشبه باختبار الـ CAPTCHA الشهير، وبمجرد أن تتأكد الواجهة من هويتك، يصبح بإمكانك أن تتعامل مع كل التطبيقات والمواقع من خلال عملات الثقة، التي تسمى Trust Tokens، وتتحرك بحرية على الإنترنت.
وتأتي الواجهة البرمجية الثانية Privacy Budget API، لتحدد كم البيانات التي يمكن لأي موقع يزوره المستخدم جمعها من داخل متصفحه، وذلك يتحدد بحسب ما يقدمه كل موقع للمستخدم من خدمات، وما يرغب المستخدم في إتمامه داخل الموقع.
الواجهة الثالثة هي Conversion Measurement API، وهي أهم الواجهات البرمجية داخل النظام الجديد بالنسبة للمعلنين، إذ تقدم لهم بيانات دقيقة عن تفاعلات المستخدم مع الإعلانات الرقمية الخاصة بهم التي يتعرض لها على الإنترنت، وبالتالي يمكنهم تحديد مدى فاعلية سياساتهم الإعلانية.
أما عن نظامي التعامل مع البيانات التي يتم جمعها من داخل متصفح المستخدم، فالأول هو Private Interest Groups، وهذا النظام يتخصص في تقسيم المستخدمين حسب اهتماماتهم إلى مجموعات، دون الكشف عن هوياتهم الشخصية، وذلك يعتمد على صفحات الويب التي يزورها المستخدمون.
ولكن على مدار العام الماضي، ثارت نقطة مهمة بشأن النظام الثاني وهو يُدعى FLOC أو Federated Learning of Cohorts، الذي يتمثل في طريقة لتقسيم المستخدمين إلى مجموعات يشترك أعضاؤها في اهتماماتهم على أساس المواقع أو صفحات الويب التي يزورونها، دون الكشف عن هويتهم.
ولكن في الوقت ذاته كان المعترضون من نشطاء الخصوصية وبعض مواقع الإنترنت، مثل الجارديان البريطانية، أظهروا تخوفاتهم بشأن النظام الجديد في ما يتعلق بسهولة إضافة أشخاص بشكل خاطئ بسبب زيارته لموقع معين، وكذلك التصنيف العنصري لبعض المجموعات نظراً لاهتماماتهم، لذلك ثارت حالة واسعة من الرفض، بل وواصلت إلى حد حظر الاشتراك في اختبارات النظام الأولية.
ما هو نظام "توبيكس"؟
اعترفت جوجل أنها دخلت في مناقشات مطولة مع مختلف أطراف وجهات وشركات صناعة الإنترنت والإعلانات الرقمية، ونجم عن ذلك تطوير الواجهة البرمجية الجديدة Topics API، التي تعتمد على تصنيف اهتمامات المستخدم في صورة موضوعات عامة مثل اللياقة Fitness والسفر Travel، وذلك بحسب المواقع التي تتم زيارتها، ولكن دون تخزين أي موقع أو حتى صفحة ويب.
يخزن متصفح كروم مع الواجهة البرمجية الجديدة، تفضيلات المستخدم لمدة 3 أسابيع فقط، وعندما يزور المستخدم أي موقع، مشتركاً في منصة جوجل الجديدة، يشارك "جوجل كروم" 3 تفضيلات من قائمة المستخدم المخزنة في متصفحه، بمعدل تفضيل واحد عن كل أسبوع.
وعن الخصوصية، قالت جوجل إن "توبيكس" لا تجمع أي بيانات شخصية عن المستخدم، وكذلك لا تجمع سجل مواقع الويب التي زارها، وتحذف قائمة التفضيلات بشكل دوري كل 3 أسابيع.
وأعلنت جوجل أنها تعمل حالياً على جمع آراء وردود أفعال بشأن Topics API قبل بدء التطبيق التجريبي بحلول نهاية فبراير المقبل.