التقى عمالقة التكنولوجيا في مجال الذكاء الاصطناعي، خلال جلسة نقاشية مغلقة بعنوان "AI Insight Forum"، نظمها زعيم الأغلبية الديموقراطية بالكونجرس الأميركي، تشاك شومر، لطرح الرؤى المختلفة بشأن كيفية تقنين استخدامات الذكاء الاصطناعي.
ووفقاً لـ"بلومبرغ"، فإن الاجتماع حضره ما يزيد عن 20 شخصاً من قادة التكنولوجيا والمجتمع المدني، بما في ذلك الرؤساء التنفيذيين لـ5 من أكبر 10 شركات في الولايات المتحدة، لتحديد كيفية تنظيم وتشريع الذكاء الاصطناعي.
وأبرز من حضر الجلسة، مالك شركة "تسلا" ومنصة "X" (تويتر سابقاً) إيلون ماسك، ومؤسس "ميتا" ومديرها التنفيذي مارك زوكربيرج، ومؤسس "مايكروسوفت" بيل جيتس، والمدير التنفيذي ساتيا ناديلا، ومدير "جوجل" التنفيذي سوندار بيتشاي، ومؤسس ومدير شركة "نفيديا" جينسن هوانج، والرئيس التنفيذي لشركة "OpenAI" سام ألتمان، وغيرهم.
ويأتي الاجتماع في إطار جهود يبذلها شومر لجعل مجلس الشيوخ مواكباً لهذه التكنولوجيا سريعة التطور، ففي حين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحدث ثورة في مختلف الصناعات من الرعاية الصحية إلى الخدمات اللوجستية، إلا أنه يشكل أيضاً عدداً من المخاطر، بما في ذلك نشر معلومات مضللة، وفق "بلومبرغ".
وبحسب "بلومبرغ"، فإنه من المتوقع أن يستضيف شومر ما لا يقل عن 8 اجتماعات أخرى للذكاء الاصطناعي، للحديث عن العديد من القضايا من الأمن القومي إلى الخصوصية.
"مهمة معقدة"
وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر في مستهل الاجتماع: "اليوم، نبدأ مهمة هائلة ومعقدة وحيوية، وهي وضع الأساس لسياسة يجري التوافق عليها بين الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) بشأن الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن للكونجرس إقرارها".
وأضاف: "ستكون هذه واحدة من أصعب المهام التي نقوم بها، وذلك لأن هذه التكنولوجيا معقدة للغاية وستؤثر على كافة مجالات الحياة تقريباً، كما أنها تتطور طوال الوقت"، بحسب "بلومبرغ".
وكانت بعض الشركات التي حضرت الاجتماع، اقترحت في منشوراتها الخاصة وكذلك في اجتماعات البيت الأبيض، على مدار العام الماضي، إنشاء وكالة حكومية جديدة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، ونظام ترخيص للنماذج القوية منه، ومتطلبات شفافية للمحتوى الناتج، فيما رفضت شركات أخرى، مثل "IBM"، بعض الاقتراحات وعرضت أطراً بديلة للتشريعات.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"IBM" أرفيند كريشنا، في بيان، إن "نظام ترخيص الذكاء الاصطناعي سيكون بمثابة ضربة خطيرة للابتكار، كما أنه يخاطر بخلق شكل من أشكال السيطرة التنظيمية، ما سيؤدي بدوره لزيادة التكاليف عن غير قصد، وإعاقة الابتكار، وإلحاق الضرر باللاعبين الصغار ومطوري المصادر المفتوحة، فضلاً عن تعزيز القوة السوقية لعدد قليل فقط من اللاعبين".
وحض معظم المديرين التنفيذيين الذين حضروا الاجتماع، المشرعين، على التركيز في وضع قواعد لطريقة استخدام الذكاء الاصطناعي وليس التركيز على كيفية تطوير هذه التكنولوجيا.
جلسة "مُثمرة"
ونقلت "بلومبرغ" عن مصادر حضرت الجلسة، أن هناك اختلافات في الآراء بشأن سياسات الذكاء الاصطناعي، إلا أن الرئيسة التنفيذية لـ"Human intelligence" رومان شودري، وصفت الجلسة بـ"المثمرة"، على الرغم من "غياب التفاعل بين ماسك وزوكربيرج، اللذين جلسا على طرفي طاولة تمتد بعرض الغرفة".
وكان ماسك دخل في معركة سابقة مع زوكربيرج، بشأن منصة "ثريدز"، كما استخدم الأول منصة "X" (تويتر سابقاً) لانتقاد جيتس، وهو رابع أغنى رجل في العالم، على خلفية ادعاءات تتعلق ببيع أسهم "تسلا" على المكشوف.
بدوره، قال ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ"OpenAI": "هذه لحظة مهمة وعاجلة وغير مسبوقة في بعض النواحي"، وفق "بلومبرغ".
وكان بعض منتقدي الصناعة قد أعربوا في السابق عن مخاوفهم بشأن احتمال أن يكون للمديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا تأثير كبير على التشريعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
ماسك يطالب بجهة فيدرالية
من جانبه، وصف ماسك، الذكاء الاصطناعي، خلال الاجتماع، بأنه "سلاح ذو حدين"، وأخبر أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تكون مصدراً هائلاً للخير، محذراً في الوقت ذاته، من مخاطرها التي قد تهدد الحضارة، وفقاً لمصدر حضر الجلسة المغلقة.
كما قال ماسك، وهو مؤسس شركة "xAI" المتخصصة بأبحاث الذكاء الاصطناعي، إن "الولايات المتحدة في حاجة لتأسيس جهة فيدرالية مستقلة تكون هي الجهة المنظمة لاستخدامات هذه التقنية"، بحسب وكالة "رويترز".
وأشاد مدير "تسلا" بالاجتماع، واصفاً إياه بأنه "خدمة للبشرية" وسيكون "مهماً للغاية لمستقبل الحضارة".
وواجه إيلون ماسك، انتقادات من الباحث في جامعة "بيركلي"، ديب راجي، لتقليله من أهمية المخاوف بشأن السيارات ذاتية القيادة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي.
زوكربيرج: الأمان وحق الوصول
من ناحيته، أشار زوكربيرج في كلمة مُعدة مسبقاً ومنشورة عبر مدونة "ميتا"، إلى أن مبادرة الكونجرس لبدء وضع إطار تنظيمي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، سيدفع بفرص الولايات المتحدة نحو الريادة في هذا المجال دولياً.
ووضع مؤسس "ميتا" موضوعين رئيسيين يجب الاهتمام بهما لتقنين الذكاء الاصطناعي، وهما الأمان وحق الوصول.
وقال زوكربيرج: "الشركات هي المسؤولة عن ضمان مستوى الأمان في تطبيقات وخدمات الذكاء الاصطناعي.. نحن في (ميتا) نهتم بوضع إجراءات صارمة في قلب نماذجنا للذكاء الاصطناعي التوليدي".
وركز مدير "ميتا" على ضرورة التعاون مع الأكاديميين والمجتمع البحثي، عبر إتاحة الأوراق البحثية والتجارب التي تجريها الشركات على مستوى الذكاء الاصطناعي.
إتاحة الوصول لنماذج الذكاء الاصطناعي هي العنصر الثاني الذي ركز عليه مؤسس "ميتا،" مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون استخدامه أساسي للأفراد والمؤسسات.
كما ركز على أن "ميتا" تتيح أحدث نماذجها LlaMa 2 بمصدر مفتوح لعموم المستخدمين والباحثين.
وركز زوكربيرج على أهمية تحقيق التوازن بين نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة ومغلقة المصدر، مشيراً إلى أن المصدر المفتوح يطور من سوق الذكاء الاصطناعي.
وأكد على أهمية أن تكون الريادة في هذا النطاق للولايات المتحدة، مشيداً كذلك بنموذج الذكاء الاصطناعي الأحدث الذي يدعم اللغة العربية وأطلقته أبو ظبي مؤخراً.
انتقادات غير معلنة
وكان بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي انتقدوا فكرة منح المديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا منصة لشرح الكيفية التي يرغبون بها في تنظيم الذكاء الاصطناعي، خاصةً خلال تلك الاجتماعات التي تجري خلف الأبواب المغلقة.
وقالت النائبة الديمقراطية، إليزابيث وارن، الاثنين الماضي، إن "أفضل طريقة للاستماع إلى أقطاب التكنولوجيا هي عقد جلسات استماع علنية".
في المقابل، رأى النائب الجمهوري مايك راوندز، الذي عمل مع شومر لتنظيم مجموعة من الندوات لتثقيف أعضاء مجلس الشيوخ بشأن الذكاء الاصطناعي، إن "الهدف من هذا التنسيق المغلق هو سماع الكثير من الآراء المختلفة في فترة زمنية قصيرة جداً، فضلاً عن الرغبة في أن يكونوا صريحين قدر الإمكان".
وأضاف راوندز لـ"بلومبرغ": "سيقدمون لنا آرائهم، وسنتعامل مع ذلك بحذر، ومن المؤكد أننا سنخرج جميعاً بمعلومات أكثر مما كانت لدينا".
وقالت "بلومبرغ" إن شومر حاول خلال الاجتماع إضفاء إحساس بالإلحاح على مسألة المضي قدماً في وضع تشريعات لتنظيم الذكاء الاصطناعي، ولكنه أكد أيضاً أن الاجراءات قد تستغرق بعض الوقت.
اقرأ أيضاً:
