"آيفون 12".. لماذا حظرت فرنسا هذا الطراز من هواتف أبل؟

رجل يحمل هاتف "آيفون 12" بمتجر للهواتف في مدينة نانت الفرنسية. 13 سبتمبر 2023 - REUTERS
رجل يحمل هاتف "آيفون 12" بمتجر للهواتف في مدينة نانت الفرنسية. 13 سبتمبر 2023 - REUTERS
دبي/ باريس -الشرقرويترز

وافقت شركة أبل، الجمعة، على إصدار تحديثات لهواتف "آيفون 12" في فرنسا، بعد أن أمرت هيئة رقابية، عملاقة التكنولوجيا الأميركية بالتوقف عن بيع هذا الطراز من هواتفها، بسبب انبعاث مستويات إشعاع كهرومغناطيسي تتجاوز معايير الاتحاد الأوروبي.

وأكدت شركة أبل، التي كشفت مؤخراً عن أحدث إصدار من هواتفها "آيفون 15"، أن أجهزة "آيفون 12"، "آمنة ومعتمدة" في دول حول العالم منذ طرحها عام 2020، لافتة إلى أن المشكلة التي أثارتها الهيئة الوطنية للترددات، المعنية بمراقبة ترددات الاتصالات اللاسلكية في فرنسا، "ترتبط ببروتوكول اختبار محدد".

وقالت أبل في بيان، إنها "ستصدر تحديثاً برمجياً للمستخدمين في فرنسا، لاستيعاب البروتوكول الذي تستخدمه الهيئات الرقابية الفرنسية"، دون مزيد من التفاصيل.

وقالت الهيئة الفرنسية، إن هاتف "آيفون 12" فشل مؤخراً في واحد من نوعين من اختبارات الموجات الكهرومغناطيسية التي يمكن امتصاصها من قبل الجسم. والثلاثاء، أمرت الحكومة الفرنسية، بوقف مبيعات هواتف "آيفون 12"، وطالبت شركة أبل بإصدار تحديث برمجي لمعالجة المشكلة، وإلا ستواجه عملية إرجاع.

وأوضحت الهيئة الوطنية للترددات، الثلاثاء، أن معدل الامتصاص النوعي SAR لهذا الهاتف، وهو مقياس معدل طاقة الأشعة الكهرومغناطيسية الممتصة من الجسم من أي مصدر للإشعاع، أعلى من المعدلات الأوروبية المسموح بها قانوناً.

وهددت الهيئة، بأنها ستأمر بسحب الجهاز في جميع أنحاء فرنسا في حال لم تقم شركة أبل بحل المشكلة.

وكان وزير التحوّل الرقمي الفرنسي جان نويل بارو، قال في مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان"، إنه "يمكن حل المشكلة من خلال إجراء تحديث في برمجة الهاتف".

ما هو معدل الامتصاص النوعي؟

يشير معدل الامتصاص النوعي SAR إلى حجم الطاقة التي يمتصها الجسم من أي مصدر للإشعاع، والتي يتم التعبير عنها بالواط لكل كيلوجرام من وزن الجسم.

الإشعاع الصادر من الهواتف المحمولة ناجم عن طريقة عملها، إذ تقوم الهواتف بنقل موجات الراديو، ما يخلق مجالات كهرومغناطيسية، ولكن بخلاف الإشعاع الناتج عن الأشعة السينية أو أشعة جاما، فإن الهواتف لا تستطيع كسر الروابط الكيميائية أو التسبب في تغييرات في الخلايا في جسم الإنسان، وهي العملية  التي يمكن أن تسبب في النهاية ضرراً مثل الإصابة بمرض السرطان.

ما الذي اكتشفته الهيئة الفرنسية للترددات في "آيفون 12"؟

قالت الهيئة إنها أجرت مؤخراً اختبارات عشوائية على 141 هاتفاً، بما في ذلك "آيفون 12"، تم شراؤها من المتاجر الفرنسية. وقال مكتب وزير التحوّل الرقمي لوكالة "رويترز"، إن الاختبارات المعملية المستقلة وجدت هاتفي "آيفون 12" و"آيفون 12 برو" لا يتوافقان مع معايير الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أن اختبارات إشعاع الهواتف الذكية أدت حتى الآن إلى فرض 42 عملية إيقاف مبيعات في البلاد.

شعار شركة أبل فوق أحد متاجرها في بروكلين، نيويورك، الولايات المتحدة. 23 أكتوبر 2020 - REUTERS
شعار شركة أبل فوق أحد متاجرها في نيويورك. 23 أكتوبر 2020 - REUTERS

ما مدى خطورة ذلك؟

وتتمثل المشكلة الرئيسية التي يسببها نوع الإشعاع "غير المؤين" المنبعث من الهواتف، في رفع حرارة أنسجة الجسم، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى آثار صحية مثل الحروق في حال تجاوز الحدود المسموح بها، وذلك اعتماداً على مدة التعرض لهذه الإشعاعات، وفقاً للجنة الدولية للحماية من الإشعاع غير المؤين، وهي الهيئة التي تضع المبادئ التوجيهية لحدود التعرض لهذه الإشعاعات على مستوى العالم.

وقالت هيئة الترددات الوطنية في فرنسا، إن المعامل المعتمدة وجدت معدل امتصاص نوعي قدره 5.74 وات/ كجم، أثناء اختبارات حمل هاتف "آيفون 12" في اليد أو وضعه في الجيب، بينما معيار الاتحاد الأوروبي هو 4 وات/ كجم فقط. مع ذلك، قال رئيس اللجنة الدولية للحماية من الإشعاع غير المؤين، البروفيسور رودني كروفت، إن هذا لا يمثل أي خطر على صحة الإنسان.

وتقول منظمة الصحة العالمية، وغيرها من الهيئات الصحية الدولية إنه لا يوجد دليل قاطع على أن الإشعاع الصادر من الهواتف المحمولة يسبب آثاراً صحية ضارة أخرى، ولكنها دعت إلى إجراء مزيد من الأبحاث حول الأمر.

وفي عام 2011، صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان الإشعاع الصادر عن الهواتف المحمولة على أنه "من المحتمل أن يكون مسرطناً"، وهو التصنيف الذي يجري اللجوء إليه عندما لا تتمكن الوكالة من استبعاد وجود رابط محتمل.

وقالت الوكالة إن ثمة أدلة "محدودة" على زيادة خطر الإصابة بأورام المخ في بعض الأبحاث المتاحة، ولكن ليس كلها، وخاصةً بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون الهواتف المحمولة بكثرة، مشيرة إلى أنها لا تستطيع استبعاد وجود تحيز أو أخطاء في البيانات، مما يعني أنه لا يمكن استخلاص استنتاجات نهائية.

كيف استجابت أبل لمشكلة "آيفون 12"؟

قالت هيئة الترددات الفرنسية، إن تحديث الهاتف يجب أن يكون كافياً لإصلاح المشكلة، وذلك لأن برمجته تؤثر على كيفية عمله، ولذا، يجب أن تكون عملية التحديث كافية لتقليل معدل تعرض مستخدمي "آيفون 12" للإشعاع.

ومع ذلك، رفضت شركة أبل، النتائج التي توصلت إليها الهيئة الفرنسية، وقالت إنها زودت الأخيرة بالعديد من نتائج مختبراتها، وطرف ثالث مستقل تثبت امتثالها لجميع لوائح ومعايير معدل الامتصاص النوعي المعمول بها في العالم.

هل هناك المزيد من عمليات الحظر بعد "آيفون 12"؟

قالت هيئة الترددات الفرنسية، إن هاتف "آيفون 12" فشل في تلبية معايير الاتحاد الأوروبي، ما يثير تساؤلات بشأن ما إذا كان من الممكن فرض المزيد من إجراءات حظر المبيعات في أماكن أخرى، إذ أنه من المقرر أن تقوم الهيئة بتمرير النتائج التي توصلت إليها إلى الجهات المنظمة في الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي.

وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت السلطات في الدول الأخرى تجري تحقيقات مماثلة، قال المكتب الاتحادي الألماني للحماية من الإشعاع، الأربعاء: "إن مسألة الحاجة إلى إجراء تغيير في البرمجة هي محل نقاش حالياً".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات