أفسحت الدورة الجديدة من مؤتمر "جيتكس جلوبال" للتقنيات المتطورة والتي انطلقت في دبي الاثنين، المجال أمام مجموعة ضخمة من الشركات لاستعراض تقنياتها الثورية لعالم "ميتافيرس"، وأجرت "الشرق" تجارب عدة على هذه التقنية وكذلك تقنية "هولوجرام".
وتقدم الشركات في المعرض، المنعقد بالمركز التجاري العالمي في دبي، عدداً من الأدوات المتنوعة لإنجاز المهام في العالم الافتراضي، مثل إنشاء المحتوى التفاعلي والمجسمات الهولوجرامية والحلول الذكية التي تستخدم الواقعين المعزز والافتراضي لتخطي التحديات التي تواجه المستخدمين وقطاع الأعمال.
"الشرق" التقت مسؤولي شركة Fifth Genium، خلال فعاليات المعرض، واطلعت على ما تقدمه الشركة من أدوات تحت مظلة منصتها الإلكترونية لإنشاء تجارب ثرية للواقع المعزز (AR).
وقال ماثيو دي ماركو، أحد مطوري تجارب الواقع المختلط (XR) بالشركة، إن تجارب الواقع المعزز تفتح آفاقاً واسعة أمام المطورين وصناع المحتوى، موضحاً أن منصة الشركة تسمح بتقديم محتوى تفاعلي لمجالات التعليم والتدريب والترفيه.
وأشار دي ماركو إلى أن أغلب عملاء الشركة يهتمون بتطوير محتوى تفاعلي لخدمة أهدافهم الخاصة، موضحاً أن منصة الشركة لتطوير المحتوى تتلاءم مع عدد كبير من النظارات الذكية المتاحة في الأسواق من شركات كبرى مثل "ميتا" و"أبل" و"مايكروسوفت" و"بيكو" و"ماجيك ليب".
وأضاف المطور لـ"الشرق"، أن نظارات الواقع المعزز مثل "ماجيك ليب"، تقدم تجربة أفضل من نظارات الواقع الافتراضي أو الواقع المختلط التي تستخدم مستشعرات أمامية لمسح المشهد أمام المستخدم لكي تتمكن من إضافة العناصر الرقمية إلى العالم من حوله.
ولفت دي ماركو إلى أن نظارات شركة "ماجيك ليب" تعتمد على مستشعرات دقيقة لتتبع حركة اليدين، بالإضافة إلى تركيزها على تقديم تجربة مقتصرة على الواقع المعزز، ما يقدم دقة في التحكم مع عدم حاجة المستخدم إلى الإمساك بأجهزة تحكم، وتقليل استهلاك البطارية، وخفض مستوى القدرات المطلوبة لمعالجة البيانات، على عكس الاتجاه الذي تتبعه شركات مثل "ميتا" و"أبل" مع نظارتيها "كويست 3"، و"فيجن برو"، على التوالي.
فحص محرك سيارة بـ"ميتافيرس"
وأجرت "الشرق" تجارب عدة عبر منصة الشركة، منها الاطلاع على نموذج مجسم لمحرك سيارة مع إمكانية تفكيك أجزائه والاطلاع على طريقة عملها، والدخول في قلب المجموعة الشمسية والتجول بين الكواكب المختلفة والشمس والتجمعات النجمية الموجودة في مجرة درب التبانة، كل ذلك بحركات بسيطة من اليد تلتقطها المستشعرات الخارجية الموجودة على هيكل النظارة.
وأشار دي ماركو إلى أن شركته تقدم لعملائها حرية كاملة في اختيار النظارات التي تناسب احتياجاتهم. موضحاً أن المدارس والجامعات مثلاً تميل إلى استخدام النظارات الأقل تكلفة؛ بسبب حاجتها إلى عدد كبير من الوحدات لتدريب الطلاب عملياً، في حين أن المؤسسات والشركات العاملة في مجال التصنيع، على سبيل المثال، تستخدم النظارات باهظة الثمن لقدراتها المتطورة ودقتها العالية.
فحص وصيانة الآلات عن بعد
شركة (CYRACO) اتخذت مساراً مختلفاً لاستخدام المحتوى الافتراضي داخل النظارات الذكية، إذ تركز على تجارب تفاعلية تستخدم في عملية التدريب والصيانة والفحص الميداني عن بعد، بحيث يمكن لأكثر من شخص المشاركة في التجربة الافتراضية دون التواجد في المكان نفسه، ما يسهل تبادل الخبرات وتدريب الكوادر البشرية وإجراء عمليات الصيانة الدورية، مع تقليل الوقت والجهد والتكلفة.
وقال خواكين كالفو، مدير التقنية بالشركة، لـ"الشرق"، إن التجربة المقدمة للعملاء توفر تكلفة إجراء عمليات الصيانة الدورية داخل مصانع الشركات. موضحاً أن خبراء الصيانة يوجهون العمال المدربين من خلال الاطلاع على الآلات في الوقت الفعلي عبر عدسات ومستشعرات النظارة التي يرتديها العامل في الموقع الميداني، حتى وإن كان بينه وبين الخبير مسافة آلاف من الكيلومترات.
وتوفر الشركة خدمة تصميم التجارب الرقمية حسب احتياجات العملاء، مع الاعتماد على نظارات شركة (Nreal) للواقع المعزز ذات المستشعرات والكاميرات الدقيقة لقراءة وتحليل المشهد أمام المستخدم، ويبدأ طرفا التواصل في التعاون لتقديم المعلومات اللازمة لحظياً.
"هولوجرام" قادم
وفرضت تقنيات "هولوجرام" نفسها بقوة على قاعة 15 التي احتضنت الشركات العارضة لتقنيات وأدوات "ميتافيرس" في المعرض. وكان الجانب التسويقي والإعلاني من أهم المجالات التي تم استخدام المجسمات القريبة من الواقع فيها لتقديمها إلى السوق.
وقدمت شركة (HYPERSVN) البيلاروسية طريقة مختلفة لإنشاء "هولوجرام" تعتمد على مجموعة من المراوح متنوعة الأحجام تدور بسرعات تصل إلى 7000 دورة في الدقيقة، وهي محملة بوحدات إضاءة (LED) وتنشئ خلال دورانها شاشات ضخمة يطفو محتواها الملون في الهواء.
وقال المهندس ألكسندر شاتكوفيسكي، لـ"الشرق"، إن التقنية الجديدة تستهدف توسيع نطاق اعتماد الشركات في القطاعات المختلفة على "هولوجرام" كطريقة تفاعلية تسمح بتوصيل رسائل إعلانية وترويجية لخدماتها ومنتجاتها بشكل متطور.
وأوضح أن تصميم وحدة العرض يمكن التحكم به من خلال طبيعة المحتوى الذي يعرض بداخلها، إذ يتم استخدام تصميم وحدة عرض طولية تعتمد على 3 وحدات من المراوح لتقديم تجربة مساعد شخصي صوتي باستخدام "هولوجرام"، مع تزويده بمنصة (ChatGPT) ليتمكن من الإجابة عن استفسارات وأسئلة الجمهور بمعلومات دقيقة، ويمكن أن يصل حجم الوحدة إلى 28 مروحة.
وأجرت "الشرق" خلال جولتها داخل المعرض، تجارب عدة على تطبيقات مختلفة لـ"هولوجرام"، منها تجربة شركة "IAORA" التي قدمت 4 أشكال من الصناديق الزجاجية التي تطفو داخلها نماذج "هولوجرام" بهدف تلبية احتياجات الشركات بمختلف منتجاتها، وتسمح إحداها بعرض مجسمات ثلاثية الأبعاد رقمية لعدد من المنتجات أمام زوار المتاجر، والذين يمكنهم التفاعل معها بحركات من أيديهم في الهواء يتم التقاطها عبر مستشعر باستخدام أشعة تحت الحمراء.
عرض المنتجات باستخدام "هولوجرام"
النوع الثاني من الصناديق يختلف تماماً من حيث الحجم، إذ يقدم مساحة عرض زجاجية أفقية واسعة تسمح بتقديم نموذج "هولوجرام" يوضح أدق التفاصيل من خلال إجراء مسح بانورامي لمنتجات حقيقية، وهو خيار مناسب للمطورين العقاريين لاستعراض نماذجهم الخاصة بالأشكال المعمارية المختلفة، وكذلك قطع المجوهرات والحلي والآثار التاريخية، ما يسهل على الجمهور مشاهدة مختلف جوانب النماذج أمامهم، سواء من خلال تحريك أيديهم في الهواء، أو من خلال مساحة لمس تعمل بنفس طريقة عمل شاشات الهواتف الذكية.
التجربة الثالثة التي تقدمها الشركة أقرب إلى النظارات الذكية، لكن دون الحاجة إلى ارتداء واحدة، عبر استخدام شاشات متطورة تعتمد على أسلوب في ترتيب المرايا لعكس المحتوى بحيث يظهر أمام عيني المستخدم وكأنه طاف في الهواء. ويمكنه للمستخدم التفاعل معه بحركات يديه وأصابعه بشكل مباشر عن طريق استخدام منصة من الكاميرات التي تلتقط الحركات وتترجمها إلى أوامر يتم تنفيذها على الواجهة البرمجية.
وتستهدف الشركة من هذا النوع من التجارب إضافة لمسة تفاعلية مختلفة على تجربة زوار المتاجر والمعارض الترفيهية.
تجربة أخرى عرضتها الشركة خلال المعرض في صندوق زجاجي طويل يستخدم في تقديم نموذج "هولوجرام" يكفي لعرض مجسم شخص بكامل طوله الطبيعي، وتستهدف منه الشركة إجراء محادثات فيديو حية، أو تقديم عروض محتوى مسجلة داخل المتاحف والهيئات التعليمية.
وعرضت شركة "هولو موشن" فكرة قريبة من أفكار شركة "يورا" في استخدام تقنية الهولوجرام، إذ طورت "هولوجرام" يمكن من عرض محتوى مختلف على كل جانب من الوحدة، ويمكن التفاعل مع النماذج الرقمية المجسمة بحركات أيدي المستخدمين في الهواء، ويمكنهم التنقل بين المحتوى المتنوع واستعراض تلك النماذج بشكل بانورامي 360 درجة.
جسم الإنسان داخل "ميتافيرس"
لكي يتمكن الإنسان من التفاعل بشكل أقرب إلى الحقيقة داخل "ميتافيرس"، يحتاج إلى أن يصطحب جسمه بالكامل، وهذا ما تقدمه شركة (Movella) الهولندية، التي تتيح سترتها (Xsense) المتطورة تتبعاً دقيقاً لحركة جسم الإنسان بالكامل من خلال 17 مستشعراً موزعة على السترة.
وتعمل الشركة بالفعل مع عدد من العملاء في قطاعات صناعة السينما والألعاب، وسبق أن استخدمت كبرى شركات الإنتاج السينمائي في هوليوود سترتها لالتقاط حركات بعض الممثلين في أفلام مثل The Hulk و I Am Legend.
واعتمدت شركة "إلكترونيك آرتس" على هذه التقنية لالتقاط حركات نجوم كرة القدم مثل ليونيل ميسي لتقديم تجربة فريدة لعشاق لعبتها الشهيرة (FIFA) التي تغير اسمها منذ نهاية العام الماضي.