أعلن أكبر اتحاد عمالي لشركة "سامسونج" للإلكترونيات والذي يضم أكثر من 30 ألف عامل، عن القيام بإضراب مفتوح، وهي خطوة مفاجئة تزيد من خطر حدوث اضطرابات في إنتاج أكبر شركة لصناعة شرائح الذاكرة في العالم.
تُصعّد دعوة الاتحاد للإضراب من نزاعه مع أكبر شركة في كوريا الجنوبية على نحو حاد. تجمع آلاف العمال في وقت سابق من هذا الأسبوع خارج مجمعات تصنيع شرائح "سامسونج" جنوب سول لبدء ما كان بالأساس إضراباً لمدة ثلاثة أيام للمطالبة بتحسين الأجور.
يُعد هذا الاضراب أكبر إجراء عمالي منظم في تاريخ المجموعة الكورية الجنوبية الممتد لنصف قرن، ومن غير الواضح عدد الأشخاص الذين سيستجيبون لدعوة الاتحاد، لكن القلق يأتي من أن الإجراء قد يتفاقم ليضر بأشهر شركة في البلاد، أو يؤدي إلى ردود فعل مماثلة في قطاع التكنولوجيا والشرائح الذي يشهد تعافياً.
قال اتحاد العمال في بيان على موقعه على الإنترنت: "ليس لدى الإدارة أي نية للحوار"، وأضاف: "لقد حددنا بوضوح خطوط الإنتاج التي ستشهد إضراباً، وستندم الشركة على هذا القرار".
تابع البيان أن الإضراب "سيستهدف أولاً منشأة إنتاج شرائح الذاكرة الأصغر مقاس 8 بوصة، والتي تعتمد بشكل أكبر على العنصر البشري، ومن ثم سيستهدف وحدة إنتاج ذاكرة النطاق الترددي العالي في بيونغتايك". وتابع الاتحاد العمالي: "سترضخ الإدارة في النهاية وتأتي إلى طاولة المفاوضات".
قلص سهم "سامسونج" مكاسبه السابقة لينخفض بنسبة 0.3% في سول، الأربعاء، كما مُني الموردون، بمن فيهم "ونيك أي بي إس" (Wonik IPS Co) و"تي إي إس" (TES Co) و"سيول برين هولدينجز" (Soulbrain Holdings Co)، بالخسائر.
اتفاق مع إنفيديا
ورغم أن جزءاً كبيراً من عمليات إنتاج "سامسونج" تم أتمتته، إلا أن الشركة لا تستطيع تحمل أي تعثر في التصنيع في الأسابيع المقبلة. تحاول الشركة إقناع شركة "إنفيديا" باستخدام ذاكرتها ذات النطاق الترددي العالي، وهو أمر حاسم للشركة لمواكبة منافستها الأصغر، "إس كي هاينكس" (SK Hynix Inc)، في مجال الذكاء الاصطناعي المزدهر.
من جهتها، قالت الشركة في بيان إنها ستضمن عدم حدوث أي اضطرابات في خطوط الإنتاج، مضيفة: "نظل ملتزمين بالانخراط في مفاوضات حسنة النية مع اتحاد العمال".
تأتي الإضرابات أيضاً في وقت تشهد فيه سلسلة توريد أشباه الموصلات العالمية تنافساً تكنولوجياً متزايداً بين الولايات المتحدة والصين ووسط تحديات جيوسياسية. تستحوذ "سامسونج" على ما يقرب من 20% من سوق "درام" (DRAM) العالمية، ونحو 40% من فلاش "ناد" (NAND) والتي تستخدم في الهواتف الذكية والخوادم.
قال المحللون إن المستثمرين لا يشعرون بانزعاج كبير. وأشار لي سونج وو، رئيس مركز أبحاث "يوجين" للاستثمار والأوراق المالية، إلى أن السوق تركز على مدى سرعة "سامسونج" للفوز بموافقة "إنفيديا" لتوريد "إتش بي إم "(HBM)، و"لا تعير الإضراب اهتماماً كبيراً". وأشار إلى أنه من الصعب أيضاً تقييم تأثير الإضراب على الأرباح، حيث أن تعطيل الإنتاج المحتمل قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الرقائق.
أرباح سامسونج
تأتي مطالب العمال في أعقاب زيادة في أرباح "سامسونج" التشغيلية بمقدار 15 ضعفاً في الربع الثاني من العام، وهو ما يعكس انتعاش الطلب على شرائح الذاكرة، وطفرة الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا يزال المستثمرون يشعرون بالقلق بشأن موقع الشركة في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي مقابل منافستها "إس كي هاينكس".
أمضى أكبر اتحاد عمالي في "سامسونج" أسابيع في التحضير للإضراب، وذلك بعد فشل المفاوضات بشأن الأجور والإجازات الشهر الماضي. ويمثل تطور الأحداث خلال هذا الأسبوع تصعيداً سريعاً من إضراب ليوم واحد في أوائل يونيو الماضي، والذي يُعد أول إضراب منذ تأسيس الشركة قبل 55 عاماً.
وبحسب قيادات اتحاد العمال فإن الإجراء يهدف إلى توصيل مطالبهم للمسؤولين عبر تعطيل الإنتاج في أحد أكثر مرافق الشركة تقدماً والمختصة بتصنيع الرقائق. كما يتزامن مع أكبر حدث تقيمه الشركة هذا العام للإعلان عن إطلاق منتجات جديدة في باريس، حيث من المتوقع أن تكشف "سامسونج" عن هواتف وساعات جديدة قابلة للطي ومزودة بالذكاء الاصطناعي وميزات تتبع صحية جديدة.
كشفت قيادات الاتحاد عن أن أكثر من 6500 شخص سجلوا للمشاركة في الإضراب الذي يستمر لثلاثة أيام. ولكن الشرطة قدرت يوم الإثنين نسبة المشاركة بنصف هذا العدد تقريباً.
هذا المحتوى من "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ"