بعد ثلاث سنوات من أعمال ترميم كلفت نحو 11 مليون دولار. فتح قصر البارون إمبان، أحد أشهر القصور في مصر، أبوابه للزائرين وسط إجراءات وقائية صارمة، بعد أن لازمته الشائعات والأساطير لعقود طويلة.
قصر البارون كان أول بناء يعلو في منطقة (هليوبليس) التي أضحت تعرف لاحقاً بحي "مصر الجديدة" في القاهرة.
تعود ملكية القصر الذي بدأ تشييده في عام 1907 وانتهى العمل فيه في عام 1911، لرجل الصناعة البلجيكي إدوارد إمبان، الذي أقام العديد من المشاريع الهامة في أنحاء العالم وتحول اهتمامه نحو مصر نهاية القرن التاسع عشر.
وكان البارون إمبان حصل على امتياز من الحكومة المصرية لإنشاء ضاحية هليوبليس، واشترى ستة آلاف فدان لإقامة مشروعه الجديد، الذي شاركه فيه بوغوص نوبار ابن رئيس وزراء مصر في حينه نوبار باشا.
القصر ملكية عامة
بعد وفاة البارون إمبان في عام 1929، دفن قرب القصر طبقاً لوصيته، في كنيسة البازيليك الواقعة على بعد كيلومتر واحد فقط، ومن بعده، دفن أيضاً ابنه جان في الكنيسة ذاتها في عام 1946.
وظل القصر في حوزة ورثة البارون حتى خمسينات القرن الماضي، حين طرح للبيع بالمزاد العلني بجميع محتوياته.
وفي عام 2005 عوضت الحكومة المصرية ملاك القصر بعقار في القاهرة الجديدة، وآلت مسؤوليته في 2007 إلى المجلس الأعلى للآثار.
وأطلقت ورشة ترميم القصر في يوليو 2017 بالتعاون مع الحكومة البلجيكية، بموازنة قدرها 175 مليون جنيه مصري (نحو 11 مليون دولار)، وفق المجلس الأعلى للآثار.
وأعلنت الحكومة المصرية إمكانية زيارة القصر للمصرين والأجانب بأسعار رمزية، شرط ألا يتعدى الزائرين 100 زائر في الساعة.
تحفة هندسية
وكان قصر البارون إمبان، الذي يعدُّ تحفة هندسية محاطة بحدائق وارفة وشجر نخيل، في حالة تهالك شديدة، كما الكثير من العمارات التاريخية في القاهرة. صمم القصر المهندس الفرنسي ألكسندر مارسيل، وهو كان من أوائل المباني التي شيدت باستخدام الخرسانة المسلحة في مصر.
جمع القصر بين العمارة الأوروبية والفنون الهندية، ويتكون من طابقين وملحق صغير بالقرب منه، تعلوه قبة كبيرة. تزين شرفات المبنى وجدرانه عدد كبير من التماثيل الهندية والإغريقية.
أهم ما يميز قصر البارون برج عال يدور دورة كاملة 360 درجة كل ساعة، ليتيح للجالس فيه مشاهدة المنطقة المحيطة بالمبنى بالكامل.
أساطير نسجت حول القصر
منذ إنشائه، لازمت القصر الأساطير والشائعات، ربما بسبب الزخارف الفريدة التي تزينه والتي كانت غير مألوفة في مصر وقت تشييده، أو بسبب بقائه خالياً لسنوات طويلة بعد موت البارون، واكتشاف جماعات تقوم بطقوس غريبة وحفلات سرية داخل أروقته في تسعينات القرن الماضي.
ومن بين الحكايات التي تداولها سكان حي مصر الجديدة لعقود، وجود ممرات وأنفاق سرية تحت القصر، منها ممر يربطه بكنيسة البازيليك المدفون بها البارون إمبان. لكن وزارة السياحة والآثار فندت كل هذه الشائعات والحكايات في لوحة كبيرة وضعت عند صدر الدور الأول للقصر.
وفي تسعينات القرن الماضي، قال بعض السكان حول القصر إنهم يسمعون ليلاً أصوات وصرخات وموسيقى تصدر من داخله وأضواء تنبعث وتخبو سريعاً. وبعد تدخل أجهزة الأمن تبين أن بعض الشبان كانوا يتسللون ليلاً للقصر المهجور آنذاك لإقامة حفلات سرية وطقوس غريبة.
وعلى الرغم من وضع ضوابط وقائية صارمة للزيارة بسبب تفشي فيروس كورونا، استقبل القصر في الساعات الأولى من يوم أمس الثلاثاء، عشرات الزائرين الذين كان من بينهم بعض سكان حي مصر الجديدة.