إيسمار.. محتوى فيديو غير اعتيادي يحقق ملايين المشاهدات

أحد مقاطع فيديو "إيسمار" التي تقدم صوت الكتابة بقلم حبر على الورق - Youtube/RelaxingASMR
أحد مقاطع فيديو "إيسمار" التي تقدم صوت الكتابة بقلم حبر على الورق - Youtube/RelaxingASMR
القاهرة -آلاء عثمان

على الرغم من أن صوت النقر بالأصابع أو الهمس المتصل يُسبب الضيق والملل وربما الإزعاج والتوتر للبعض، فإن هناك آخرين يفضلون الاستماع لمثل هذه الأصوات وغيرها، لساعات متصلة.

ولإرضاء ذائقة هؤلاء بات بعض صُناع المحتوى على منصات التواصل يقدمون مقاطع قد تمتد لساعات وتقتصر فقط على صوت الهمس المتصل، أو تقطيع الأوراق، أو الكتابة بالحبر على أوراق جافة، وهو ما يحقق لجمهورهم الاسترخاء والراحة فيما بات يعرف بظاهرة الـ ASMR. 

استجابة حسية 

تأتي حروف ASMR اختصاراً لمصطلح Autonomous Sensory Meridian Response أو بالعربية استجابة القنوات الحسية الذاتية، والذي يصف بالتحديد الشعور بالوخز أو الدغدغة في قمة الرأس كاستجابة لمجموعة من المحفزات الخارجية الصوتية أو البصرية، كالهمس أو النقر وحركة اليدين، كما ورد في موقع Psychology Today.

يذكر كذلك موقع Very Well Mind أنه لا يمكن للجميع اختبار ظاهرة الـ ASMR إلا أن هؤلاء الذين مروا بها من قبل يصفونها كدغدغة مُحببة تبدأ من قمة الرأس وتنتقل أحياناً للعمود الفقري والأطراف ويصحبها شعور بالراحة والنعاس، كما لا توجد دراسات وأبحاث كافية حول الظاهرة لتحديد نسبة من يختبرونها في الواقع. 

ما وراء المصطلح 

قد يبدو المصطلح المذكور مُقتطعاً من ورقة بحثية أكاديمية، أو ربما دليلاً تشخيصياً، لكنه ليس كذلك، في الواقع لا يتجاوز عمر مصطلح ASMR كما نعرفه اليوم 12 عاماً؛ إذ تم تدشينه عام 2010 من قبل امرأة تدعى جينيفر ألين في محاولة لجعل الظاهرة تبدو أكثر جدية ومصداقية، ومن ثم تجذب أنظار العلماء، إذ كانت الظاهرة تخضع لمناقشات إلكترونية محدودة سابقة لكنها كانت تُعرف باسم "الوخز الدماغي".

ورغم ذلك ظل المصطلح حبيس المجتمع الافتراضي طوال سنوات، قبل أن يصدر بخصوصه دراسات علمية، مثل تلك التي صدرت عن قسم علم النفس بجامعة سوانسي بالمملكة المتحدة عام 2015، ووجدت أن 80% من المبحوثين تأثروا مزاجياً على نحو إيجابي بظاهرة ASMR.

كما أقر مبحوثون آخرون، وفقاً للدراسة ذاتها، بأن الظاهرة ساهمت في تحسّن أعراض آلام كانوا يعانون منها. ووجدت الدراسة أيضاً أن ASMR يؤدي أيضاً لتحسن مؤقت في الحالة المزاجية لدى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، وذلك وفقاً لملخص الدراسة المنشور عبر موقع المكتبة الوطنية للطب بالولايات المتحدة. 

قائمة محفزات 

تتنوع قائمة المحفزات التي يستجيب لها الأفراد لتشمل أصوات الهمس والنقر أو تهشيم بعض المواد، وكذلك بعض المثيرات البصرية كالعناية الشخصية أو الحركة ببطء أو الحركات المتكررة، وفقاً للدراسة سالفة الذكر. ويضيف أيضاً موقع Very Well Mind أصوات المضغ والكتابة على لوحة المفاتيح، وتحريك صفحات الكتب، إلى قائمة المثيرات الصوتية، بينما يضم مزج الألوان للمثيرات البصرية. 

يشير الموقع كذلك إلى أن بعض الأفراد يختبرون الاستجابة الحسية ذاتها عند خوض تجارب شخصية معينة، كأن يضع لهم شخص مساحيق التجميل أو يساعدهم في تمشيط شعورهم أو قصها؛ إذ يرتبط مفهوم استجابة ASMR بالحصول على العناية والرعاية من قبل شخص آخر.

ملايين المشاهدات

على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة يمكن مشاهدة عشرات الأنماط المختلفة من مقاطع الفيديو المُصممة خصيصاً لتحفيز الاستجابة الحسية المرغوبة، يمتد بعضها ليبلغ طوله بضع ساعات، يجتهد خلالها مقدم المحتوى لتقديم مختلف الأصوات المُحببة لدى جماهيرهم، فيما تصل مُشاهدات مقاطع الفيديو لعشرات الملايين. 

بين هؤلاء صانعة محتوى بريطانية تُدعى ريهانا، تقدم مقاطع فيديو ASMR على موقع يوتيوب، محققة ما يتجاوز 455 مليون مُشاهدة. وفي وصف قناتها التي انطلقت في ديسمبر لعام 2015، تقول ريهانا إنها "تقدم محتوى يساعد على النوم أو الاسترخاء أو حتى مذاكرة الدروس ويخفض كذلك من حدة التوتر". 

أحد مقاطع الفيديو الشهيرة التي قدمتها حقق أكثر من 87 مشاهدة، تحاكي ريهانا خلاله صوت تساقط الأمطار على الطرقات عبر رشاش للمياه ومظلة، كما تضغط على الميكرفون بواسطة ألعاب محشوة بالماء لمحاكاة صوت أعماق البحار، إضافة إلى أصوات رغوة الصابون ومختلف أطياف النقر.

ويقدم آخرون مقاطع فيديو لأصوات مقتطعة من الحياة اليومية كصوت الكتابة باستخدام الآلة الكاتبة التقليدية، أو الكتابة باستخدام أقلام الحبر التراثية أو مقاطع تقتصر على تقطيع مكعبات من الصابون وتهشيمها.