في مفاجأة أحدثت جدلاً واسعاً، تبيّن أن كاتبة إسبانيا الأولى في روايات الإثارة والجريمة، كارمن مولا، هي في حقيقة الأمر 3 رجال.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، كانت "كارمن مولا" تكتب بهذا الاسم المستعار للحفاظ على سرية هويتها، هي "الأستاذة الجامعية والأم لـ3 أطفال".
لكن مساء الجمعة، أثناء حفل تسليم جائزة "بلاتينا" الأدبية إلى مولا عن روايتها التاريخية المثيرة "الوحش"، صعد 3 رجال إلى منصة التتويج، وطالبوا بالجائزة، التي تبلغ قيمتها مليون يورو (ما يعادل قرابة مليون و160 ألف دولار).
وبحسب الصحيفة، تبيّن أن العمل الأدبي المنسوب لامرأة يعود في حقيقة الأمر إلى 3 رجال، هم خورخي دياز، وأوغستين مارتينيز، وأنطونيو ميرسيرو، وهم كُتّاب سيناريوهات تلفزيونية إسبان في الأربعينيات والخمسينيات من العمر.
قصة اختيار الاسم
ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن خورخي دياز (أحد الكتّاب الثلاثة) قوله بعد حصوله على الجائزة، إن "كارمن مولا ليست، كسائر الأكاذيب التي نقولها، أستاذة جامعية"، مضيفاً: "نحن 3 أصدقاء قررنا ذات يوم منذ 4 سنوات دمج مواهبنا لنسرد قصة".
وقال الثلاثي إنهم اختاروا الاسم "بمحض الصدفة" و"على سبيل الدعابة" من دون أن يولوا أي اهتمام للجندر الذي يعبّر عنه أو ما قد يترتب عليه من آثار محتملة.
وقال أنطونيو ميرسيرو لصحيفة "إل باييس" الإسبانية: "لا أدري إذا كان الاسم المستعار النسائي يبيع أكثر من الاسم الذكوري. ليست لدي أدنى فكرة، لكني أشك في ذلك". وأضاف: "نحن لم نتخفَّ وراء امرأة، بل وراء اسم".
صورة وهمية
وبعد إعلان الجائزة، كتبت الرئيسة السابقة لمعهد المرأة بياتريس جيمينو على "تويتر": "بعيداً من استخدام اسم مستعار لامرأة، لقد أمضى هؤلاء الرجال سنوات في إجراء مقابلات".
وأضافت: "ليس الأمر مجرد اسم فحسب، وإنما تعريف مزيف استخدموه لخداع القراء والصحافيين". ووصفتهم بأنهم "مخادعون".
وتتضمن صفحة المؤلف الخاصة بـ"مولا" على الموقع الإلكتروني الخاص بوكلاء التسويق للمؤلفين، صورة فوتوغرافية بالأبيض والأسود لامرأة نحيفة تولي ظهرها للكاميرا.
تكريم إبداع "امرأة"
وتُشبَّه روايات "مولا" في إثارتها ودمويتها وفي اضطلاع بطلات قويات بالأدوار الرئيسية فيها، بأعمال إلينا فيرانتي، وهو اسم مستعار لكاتبة إيطالية مشهورة.
واشتهرت "مولا" بثلاثيتها الروائية التي قامت بأدوار بطولتها مفتشة شرطة "غريبة ومنعزلة تحب موسيقى الكاريوكي"، بحسب الناشر "بنجوين راندوم هاوس". وتُرجمت هذه الثلاثية إلى 11 لغة، وتم تعديل صياغتها لتكون مناسبة لعمل تلفزيوني.
والعام الماضي، أدرج فرع من معهد المرأة الإسبانية رواية مولا "الفتاة"، إحدى روايات الثلاثية، كأحد الأفلام والكتب التي يجب قراءتها، والتي أبدعتها "نساء يساعدننا على فهم واقع وتجارب المرأة".
وكتبت صحيفة "إل موندو" في مقابلة مع المؤلفين، أنه "لم يغب عن أحد أن فكرة أستاذة جامعية وأم لـ3 أطفال، تقوم بتدريس علم الجبر في الصباح، ثم تكتب روايات بالغة العنف ومروعة على هامش أوقات فراغها في فترة بعد الظهر، أدت إلى عملية تسويق رائعة".
العادة هي العكس
تعدّ رواية "الوحش"، وهي أحدث كتابات "مولا"، من أعمال الإثارة التاريخية التي تتمحور حول قتل الأطفال في مدريد خلال فترة تفشي وباء الكوليرا في عام 1834.
ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن رواية "الوحش" قُدّمت أول مرة للنظر فيها لجائزة "بلاتينا" باسم مستعار مختلف، ثم نسب المؤلفون العمل إلى مولا، حيث تُمنح الجائزة لنسخة غير منشورة يتم نشرها عن طريق دار نشر "بلانيتا غروب" بموجب شروط المسابقة. ومن المقرر نشر الكتاب الشهر المقبل، وإدرج اسم مولا كمؤلف.
وفي الماضي، نشرت أعداد لا تحصى من النساء مؤلَّفات تحت أسماء مستعارة لرجال لحماية خصوصياتهن، وللتحايل على التحيزات التجارية والاجتماعية ضد الكاتبات.