يهم المُقعد النمساوي رودي 43 عاماً، بمساعدة بسيطة بركوب واحدة من 10 سيارات كهربائية حلت بدلاً عن عربات تجرها خيول لنقل السياح في مدينة البتراء الأثرية، في وسيلة نقل تساعد أصحاب الاحتياجات الخاصة وتحدّ من انتقادات المدافعين عن حقوق الحيوانات.
ويقول رودي فرحاً: "السيارة الكهربائية رائعة، فقد وفّرت فرصة لأشخاص على كرسي متحرك لزيارة هذا المكان الرائع".
ويضيف الرجل الذي انتعل حذاء رياضياً وارتدى سروالاً قصيراً أزرق أمام الخزنة الشهيرة المنحوتة بالصخر الوردي: "أنا سعيد جداً بهذه الفرصة".
وبدأت السلطات في المدينة الوردية الشهيرة (230 كلم جنوبي عمان) مؤخراً استبدال حيوانات عاملة في نقل السياح بسيارات كهربائية صديقة للبيئة يقودها أصحاب تلك الحيوانات.
وتنقل تلك السيارات ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين مجاناً، بينما يدفع راكبها الأجنبي 25 ديناراً (35 دولاراً) والأردني 15 ديناراً (نحو 21 دولاراً) للرحلة داخل الموقع الأثري.
ويقول رئيس سلطة إقليم البتراء التنموي السياحي سليمان الفرجات لوكالة "فرانس برس"، إن "السيارات العشر هي البداية وبديل عن 12 عربة تجرها خيول".
وتقطع هذه العربات مسافة تقارب 1.8 كيلومتر نزولاً من مركز الزوار حيث يتجمع السياح الى داخل المدينة الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1985، عبر السيق الشهير.
واختيرت البتراء التي كانت عاصمة للأنباط ما قبل الميلاد، كإحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة عام 2007، وهي الوجهة المفضلة للسياح الأجانب في الأردن.
ترحيب السياح المستخدمين
وتقول الستينية آنجي التي جاءت من ولاية ميشيجان الأميركية لزيارة البتراء: "السيارة الكهربائية سهّلت الأمر علي وعلى زوجي".
وتضيف السيدة: "قد يكون منظرها بعيداً قليلاً عما هو مألوف في مكان جميل كهذا، لكن في عمرنا، من الجميل استخدام بديل جيد للتنقل".
وتتسع السيارة الواحدة لـ5 ركاب، بدلاً من اثنين في العربة التي يجرها خيل، إضافة الى السائق.
وتشحن السيارة الشبيهة بسيارات ملاعب الجولف، بالكهرباء لساعات قبل أن تصبح جاهزة لتعمل يوماً كاملاً. ويقول الفرجات: "السيارات الكهربائية، لا تلوث ولا دخان".
ويوضح أن "استبدال العربات التي تجرها رواحل تمّ بالاتفاق مع جمعية أصحاب الرواحل وبحيث يكون معظم الدخل للجمعية".
ويضيف: "هذا التحديث على منظومة النقل لا يؤثر على دخل المجتمع المحلي، بالعكس زاده وارتقى بمستوى الخدمات".
وتأخذ الجمعية 75% من دخل السيارات، بينما تأخذ سلطة إقليم البتراء 25% منه، يقول الفرجات إنها ستستخدم "لتأسيس صندوق للاستدامة وتوفير فرص عمل أخرى".
ويقول رئيس جمعية أصحاب الخيول محمد العمارات من جهته: "لدينا 353 منتسباً للجمعية يمثلون 2100 عائلة، ما يعني أن نحو 11500 شخص مستفيدون بشكل مباشر وغير مباشر من الجمعية".
ويشير الى أن مصدر الدخل الرئيسي لهؤلاء هو نقل السياح من مركز الزوّار قرب الفنادق إلى داخل مدينة البتراء الأثرية والعودة منها. كما يشير إلى أن عربات الخيول كانت "متعبة ودخلها أقل ومدة رحلتها أطول".
وبحسب العمارات، يحصل العاملون على السيارات على أكثر من 300 دينار( نحو423 دولاراً) شهرياً، ووفرت الخطوة عشرات فرص العمل بين سائقين ومراقبين وبائعي تذاكر.
انتقادات حول سوء معاملة الحيوانات
في نوفمبر 2019، احتفلت البتراء بالزائر الرقم مليون لها في عام واحد. وانخفض عدد زوارها عام 2020 إلى 252 ألفاً و728 مع فرض قيود لاحتواء أزمة جائحة كورونا.
وأغلقت المدينة في مارس 2020 حتى عودة الأردن لاستقبال السياح في الأول من شهر مايو الماضي. ويزور البتراء حالياً نحو 1000 سائح أجنبي في اليوم مقارنة بأكثر من 3000 عام 2019.
وانخفض الدخل السياحي للمملكة من 5.8 مليارات دولار عام 2019 إلى مليار واحد عام 2020، وفقاً للأرقام الرسمية.
ورحبّت منظمات مدافعة عن حقوق الحيوانات بخطوة استعمال السيارات، بعد أن كانت انتقدت مراراً القسوة مع الحيوانات والمبالغة في استغلالها.
ويقول الفرجات إن وجود السيارات "يقلّل من نسبة سوء استخدام بعض الحيوانات التي كانت موجودة من البعض". ويعتبر المسؤول المحلي أن "الخطوة نجحت بشكل كبير والجميع سعيد بها".
وقالت منظمة "بيتا" التي تعنى بحقوق الحيوان في بيان إنها "خطوة أولى كبيرة لحماية الحيوانات العاملة".
ونقل البيان عن نائب رئيس المنظمة جيسون بيكر قوله "الخيول لن تعاني بعد الآن من جرّ السياح في المكان مع دخول هذه السيارات التي تغير قواعد اللعبة. نأمل أن نرى المزيد من التطورات من هذا النوع". وعبّر عن أمله بالوصول يوماً ما إلى النقل دون حيوانات داخل البتراء.
لكن الفرجات يقول إن هذا الموضوع غير وارد حالياً، "حفاظاً على طابع المكان، فهو موقع تراث عالمي والطاقة الاستيعابية تؤخذ بالاعتبار".
اقرأ أيضاً: