القضاء الأميركي يرفض البت في مصير كنز تاريخي استحوذ عليه النازيون

سياج من الأسلاك الشائكة يطوق مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن. - REUTERS
سياج من الأسلاك الشائكة يطوق مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن. - REUTERS
واشنطن-أ ف ب

أيدت المحكمة العليا الأميركية موقف ألمانيا في منازعة قضائية مرتبطة بمجموعة فنية تُعرف باسم "كنز فلف" استحوذ عليها النازيون من تجار يهود، مؤكدة عدم صلاحيتها للبت في القضية. 

وأجمع المحكمون التسعة في المحكمة على عدم صلاحية القضاء الأميركي، وفقاً لمبدأ السيادة الوطنية للدول، للتدخل في المنازعة بين برلين وأحفاد التجار المذكورين الذين يطالبون بتعويضات قدرها 250 مليون دولار عن عمليات البيع التي يقولون إنها حصلت "بصورة قسرية". 

وقال أعضاء المحكمة العليا الأميركية: "نحن كأمة، سنفاجأ وقد نفتح مجالاً للرد أيضاً، إذا حكمت محكمة ألمانية بمنح ملايين الدولارات إلى أميركيين في انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها حكومة الولايات المتحدة قبل سنوات. لا سبب يحول دون رد فعل مشابه من ألمانيا حيال المحاكم الأميركية إذا ما نطقت بأي حكم في هذا الملف".

بيع قسري

ويدور النزاع القضائي حول أعمال فنية دينية وذخائر أنجزت بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر ويعرضها حالياً متحف في برلين.

وقبيل انهيار الأسواق المالية عام 1929، اشترى ثلاثة يهود وهم تجار للأعمال الفنية في فرانكفورت هذا الكنز من دوق "برونشفيغ"، سليل أسرة فلف التي يتحدر منها كثير من الملوك الأوروبيين في العصور الوسطى. 

وفي ظل الكساد الكبير في الأسواق حينها، نجح هؤلاء التجار في بيع نصف القطع إلى هواة جمع أميركيين عام 1932.

وفي 1935، بعد عامين من وصول أدولف هتلر إلى الحكم، باع التجار القطع بأسعار بخسة إلى بروسيا التي كان يقودها هيرمان غورينغ، مؤسس الشرطة السرية الألمانية (غستابو). 

وقال الموسيقي الأميركي، جيد ليبر، الذي يقاضي ألمانيا تكريماً لذكرى جده، لوكالة الصحافة الفرنسية في ديسمبر، إن "هذا الملف هو قضية إعادة أعمال فنية وتعويضات على خلفية عمليات بيع قسرية مع ترددات مالية كبيرة، ولكنها في المقام الأول قضية عدالة". 

وأوضح ليبر: "في 1935، كان مستحيلاً لأي تاجر يهودي، خصوصاً من يملكون كنزاً وطنياً ألمانياً، التوصل إلى اتفاق منصف مع من كان ربما أكبر سارق للأعمال الفنية في التاريخ". 

كنز بملايين الدولارات

وقدّم أحفاد التجار اليهود في عام 2014 طلباً في ألمانيا لاسترداد هذه القطع، غير أن لجنة استشارية اعتبرت أن سعر البيع يعكس حالة السوق الفنية حينها، وبالتالي لا يمكن برأيها الحديث عن بيع قسري كما لا توجد أي أدلة على "ضغوط" مارسها النازيون في هذا الشأن. 

وإثر هذا الرأي، احتكم عدد من أحفاد التجار اليهود إلى القضاء الأميركي لاستعادة هذا الكنز الثقافي الذي يقدّرون قيمته بمبلغ لا يقل عن 250 مليون دولار، مستندين إلى قانون أميركي صدر عام 1976 يمنع الملاحقات المدنية في حق أي حكومة أجنبية إلا في حالات "انتهاك حقوق الملكية كما يحددها القانون الدولي".

وسارعت برلين إلى تقديم التماسات قضائية في مسعى لإعاقة المسار، قائلة إن القانون المذكور لا ينطبق على هذا الملف.

وبعد انتكاسات واجهتها في محاكم الدرجة الأولى والاستئناف، توجهت إلى المحكمة العليا في الولايات المتحدة التي أيدتها في نهاية المطاف.

وقال قضاة المحكمة العليا الأميركية: "سبق أن رفضنا في الماضي محاولات إدراج القوانين المعاصرة بشأن حقوق الإنسان في الاستثناء" على قانون عام 1976، "أياً كانت فظاعة هذه الانتهاكات. وها نحن نكرّر الأمر عينه اليوم".