تعثر على الأحياء تحت أنقاض المباني المتصدعة، وتتبع الفارين من العدالة، وتحبط محاولات تهريب المخدرات والمتفجرات، وتساعد في السيطرة على أحداث الشغب والفوضى.. كل ذلك في مقابل الطعام والمسكن، والمسح الحاني من حين لآخر على رؤوسها.
ولكن حينما يحين وقت التقاعد، تنتهي رعاية الدولة للكلاب والخيول التي تخدم في الشرطة البولندية وحرس الحدود وخدمة الإطفاء. ويجري نبذها دون أي مقابل يضمن استمرار الرفاه الذي كانت فيه.
وعقب نداءات من أعضاء الخدمة المعنيين، اقترحت وزارة الداخلية تشريعاً جديداً يمنح هذه الحيوانات وضعاً رسمياً وتقاعداً مدفوعاً للمساعدة في تغطية فواتير الرعاية المكلفة التي يتكبدها ملاكها الجدد، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".
"التزام أخلاقي"
وقالت الوكالة الأميركية إن وزير الداخلية البولندي، ماريوسز كامينسكي، وصف مشروع القانون بأنه "التزام أخلاقي"، يجب أن يحظى بالتأييد بالإجماع عند طرحه في البرلمان، للموافقة عليه في وقت لاحق من هذا العام.
وقال كامينسكي إن هناك "أكثر من حياة بشرية أنقذت، وأكثر من مجرم خطير ألقي القبض عليه بفضل هذه الحيوانات الموجودة في الخدمة".
وسيستفيد من القانون الجديد أكثر من 1200 كلب، وأكثر من 60 حصاناً توجد حالياً في الخدمة.
وبحسب وزارة الداخلية البولندية، تحال حوالي 10% من الحيوانات إلى التقاعد في كل عام. وتنتمي معظم الكلاب إلى فصيلة "شيبرد" الألمانية أو البلجيكية.
وأفاد باول كوتشنيو، معالج كلاب "أوربيتا" البوليسية في وارسو، بأن الكلاب المتقاعدة تحتاج دائماً إلى رعاية طبية مكلفة للتعامل مع شكاواها مثل توتر المفاصل الخلفية. وأضاف: "ستمثل أموال التقاعد بالتأكيد مساعدة كبيرة، وستجعل الأمور أكثر سهولة".
وبحسب التقرير فإن القانون "سيؤكد القاعدة غير المكتوبة التي تنص على أن معالجي الحيوانات لهم أولوية الاحتفاظ بها قبل عرضها للتبني".
لكن الأهم هو أن القانون سيمد مسؤولية الدولة تجاه هذه الحيوانات إلى ما بعد إحالتها إلى التقاعد، وسيضمن توفير الدعم المالي لمالكيها.
وقال سالومير وكوياك، البالغ من العمر 50 عاماً، وهو شرطي سابق كان يعتني بالكلاب والخيول التي غادرت الخدمة في الملجأ الوحيد المخصص لهذا الغرض ببولندا، والذي يحمل اسم "ركن قدامى المقاتلين"، إن "وجود أموال منتظمة من قبل الدولة سيخفف من حدة القلق بشأن الفواتير التي تصل إلى آلاف الزلوتي (الدولارات) شهرياً".
ويضم الملجأ الخاص، الذي يشبه المزرعة، في غيرلاتو وسط غرب بولندا، 10 كلاب و5 خيول بوليسية متقاعدة في حقل واسع.
"أرذل العمر"
ويشارف الحصان الأكبر سناً في هذا الملجأ على نهاية العشرينات من العمر، ويعاني تقريباً من العمى. وقال وكوياك إن فرصته ستكون ضئيلة للعيش في إسطبل يقدم خدمة منتظمة.
وذكر وكوياك أن كثيراً من الكلاب الموجودة في الخدمة "ينتهي بها المطاف مسلسلة إلى أعمدة"، أو "يتم تكليفها بمهام غير مناسبة"، إذ يعتقد الناس أنها ستكون حارساً جيداً للمزارع أو الممتلكات الأخرى. لكن "ليس هذا هو الوضع دائماً".
وأوضح: "ربما يتذكر الكلب فجأة أنه تم تدريبه على العض، وسيبدأ العض. وعندما يُترك وحيداً في المنزل قد يمزق الأريكة لأنه يحتاج لأن يضع شيئاً في فمه".
وفي وارسو، قال ضابط شرطة الخيالة، داريوسز مالكوسكي، إنه سيتعين عليه دفع مستحقات الإسطبل لحصانه الأسود "ريوال"، البالغ من العمر 13 عاماً، إذا كان سيحتفظ به لنفسه بعد أن يتقاعد.
ويمكن أن يكلف أحد الإسطبلات القريبة من وارسو حوالي 2500 زلوتي (650 دولاراً) شهرياً. وبحسب التقرير فإن معدل الراتب الشهري قبل الضريبة في بولندا يبلغ حوالي 5500 زلوتي (1400 دولار).
أحد زملاء مالكوسكي، الرقيب كاترزينا كوتشنيسكا، التي تركب حصاناً يدعى "روميو الثاني"، "أو روميك"، والذي يستطيع التعرف عليها من صوتها.
وقالت كوتشينسكا: "لقد عملت هذه الحيوانات لصالح الدولة، وأدت عملها على نحو جيد، ويجب أن يكون لها الحق في الرعاية الصحية والتقاعد المناسب، والمراعي الخضراء في حالة الخيول".