أثار اكتشاف بقايا حمامات رومانية قديمة، أثناء بناء شبكة رئيسية لتصريف المياه في وسط العاصمة الأردنية عَمّان، معضلة تتعلق بسبل الحفاظ على الماضي القديم مع الأخذ بأسباب الحداثة في المستقبل.
ومن المتوقع أن تتخذ لجنة حكومية تم تشكيلها قبل أسبوعين، قراراً في القريب العاجل بشأن ما إذا كان سيتم التوسع في أعمال التنقيب بالموقع، أو المضي قدماً في شق قناة تحت الأرض لتفادي مياه السيول التي تجتاح عمان من الجبال المحيطة.
أول اكتشاف من نوعه
وتكشف بقايا أقبية الحرق والتسخين، عن علامات تدلل على وجود نظام متطور للتدفئة، فيما يعتقد علماء الآثار أنه أول اكتشاف من نوعه بين بقايا مدينة فيلادلفيا القديمة التي بنيت عَمان على أطلالها.
وقال يزيد عليان، مدير دائرة الآثار العامة، إنهم سيوازنون ما بين احتياجات حماية المدينة من الفيضانات، والحفاظ على الآثار تحت الشوارع.
وأضاف قائلاً: "الآثار المكتشفة مهمة جداً خصوصاً عندما تكون متماسكة ويوجد لها امتدادات ووظيفة واضحة تعبر عن فترة معينة، ويوجد حالياً بعض البوابات للطابق الثاني وغرف الحرق شبه متكاملة، ومن الممكن العثور على آثار أخرى في أي مكان يتم التنقيب فيه".
وتم تعليق العمل في شبكة تصريف المياه خلال عملية اتخاذ القرار. وقال المتحدث باسم أمانة عمان الكبرى، ناصر الرحامنة: "كل الجوانب تؤدي إلى بعضها في خدمة المدينة والمواطنين، نحن نؤيد أي قرار يُتخذ سواء كان في الجانب التراثي أو العملي والهندسي لحل مشكلة وسط البلد، نحن جاهزون لأي حل ومقترح، فهناك اجتماعات وتنسيق عالي المستوى مع كل المؤسسات".
أزمة التجار
وحول خسائر تجار وسط البلد، الذين أغلقوا محالهم التجارية الأسبوع الماضي، احتجاجاً على البطء في إنجاز مشروع تصريف مياه الأمطار في المنطقة، تحدث سعد القواسمي، ممثل قطاع الألبسة والأقمشة في غرفة تجارة عمان لـ"الشرق" قائلاً، إن "خسائر التجار المجاورين لمشروع العبارات الصندوقية وصلت إلى 100% ، إذ يقوم التجار بتحمل كافة التكاليف التشغيلية لمحالهم من دفع الإيجارات والضرائب والرسوم الحكومية، و كذلك أجور العاملين في تلك المحال، فضلاً عن توقف المبيعات لتلك المحال المتأثرة من جائحة فيروس كورونا".
وزادت خسائر التجار بعد توقف العمل في المشروع المخصص لتصريف مياه الأمطار الذي بدأت به أمانة عمان.
وطالب القواسمي، الحكومة الأردنية من خلال الجهات المعنية، بمد يد المساعدة للتجار المتضررين من هذا المشروع كتقديم حوافز مادية، وإعفائهم من دفع الضرائب والرسوم المستحقة عليهم، كما طالب بوضع خطط وبدائل بطرق تصل لمعالجة الأزمة بحيث يكون التاجر قادراً على بيع بضاعته.
بنية تحتية ضعيفة
وعمّان مدينة قديمة لا تزال فيها معالم كثيرة تعود للحضارة الرومانية، من المدرج الروماني إلى نافورة نيمفيوم ومعبد هرقل على أحد أعلى تلال عمان.
وتبرز مشاكل البنية التحتية المتدهورة وعشوائية التخطيط الحضري، في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة والمبنية فوق حضارات متراكبة تمتد بين العمونيين والموآبيين والرومان واليونانيين والعصر الإسلامي.
وعبر مسؤولو البلدية بالفعل عن قلقهم من احتمال أن يؤدي تأخير مشروع تصريف المياه، إلى ارتفاع منسوب المياه في وسط عمان وإغراقها بالمياه مرة أخرى خلال الشتاء.
وشهدت عمان نمواً سريعاً في العقود القلائل الماضية نتيجة لتدفق موجات اللاجئين من الصراعات والاضطرابات الإقليمية التي حولتها من مدينة هادئة إلى واحدة من أكبر المراكز الحضرية في الشرق الأوسط.