الكوفية الفلسطينية.. قفزة بالمبيعات في أميركا رغم "التحديات"

عزت حرباوي يحمل كوفية فلسطينية في مصنع نسيج أمام صورة لياسر عرفات في الخليل بالضفة الغربية. 5 ديسمبر 2023 - Reuters
عزت حرباوي يحمل كوفية فلسطينية في مصنع نسيج أمام صورة لياسر عرفات في الخليل بالضفة الغربية. 5 ديسمبر 2023 - Reuters
دبي-رويترز

قفزت مبيعات الكوفية الفلسطينية على نحو غير مسبوق في الولايات المتحدة، منذ بدء حرب إسرائيل على غزة في 7 أكتوبر، وحتى مع إزالة قوات الأمن للكوفية بالقوة في بعض الاحتجاجات الداعمة للشعب الفلسطيني، وإعلان بعض مرتديها استهدافهم بإساءات لفظية وجسدية.

ويضع عدد متزايد من الأميركيين الكوفية للمطالبة بوقف إطلاق النار، وإنهاء الهجمات الإسرائيلية على غزة أو للإشارة إلى دعمهم للفلسطينيين.

وقال الموزع الأميركي لمصنع الحرباوي للكوفية الفلسطينية عازر أجاييف: "فجأة، أصبح لدينا المئات على الموقع الإلكتروني في وقت واحد يشترون كل ما يمكنهم شراؤه".

وأضاف أجاييف: "في غضون يومين، نفد المخزون الذي كان لدينا. لم ينفد فحسب، وإنما بِيع بأعلى من سعره الرسمي (نتيجة الطلب الكبير)".

وافتُتح مصنع الحرباوي في عام 1961، وهو الوحيد المتبقي في الضفة الغربية المحتلة لصنع الكوفية.

وتُباع كوفية الحرباوي، الحاصلة على براءة اختراع لعلامتها التجارية، على مستوى العالم عبر مواقعها الإلكترونية في الولايات المتحدة وألمانيا ومنصة أمازون.

وقال أجاييف إن جميع الإصدارات الأربعين الموجودة على الموقع الإلكتروني الأميركي، والتي تتضمن العديد من الألوان الزاهية، إضافة إلى اللونين الأسود والأبيض التقليديين، قد بِيعت بشكل كامل.

وأظهرت بيانات Jungle Scout لتحليلات التجارة الإلكترونية أن مبيعات الكوفية زادت 75% في 56 يوماً بين 7 أكتوبر، و2 ديسمبر على "أمازون"، مقارنة بالأيام الـ 56 السابقة.

وزاد البحث عن "وشاح فلسطيني للنساء" 159% في الأشهر الثلاثة حتى 4 ديسمبر، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة عليها. كما زاد البحث عن "شماغ، وشاح عسكري" 333%، و"كوفية فلسطين" 75%، و"كوفية" 68%.

وتشيع الكوفية في أنحاء العالم العربي، وتعود جذورها إلى 3100 عام قبل الميلاد، وأصبحت في البداية رمزاً للمقاومة الفلسطينية خلال الثورة العربية على الانتداب البريطاني عام 1936، وأصبحت فيما بعد الزي الرئيسي المميز لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات.

عزت حرباوي في معمل لصناعة الكوفية. الخليل، الضفة الغربية. 5 ديسمبر 2023.
عزت حرباوي في معمل لصناعة الكوفية الفلسطينية في الخليل بالضفة الغربية. 5 ديسمبر 2023 - Reuters

وبينما الحرباوي هو المصنع الأكثر شهرة، فهناك آخرون بينهم حرفيون صغار ومقلّدون عالميون. وباعت شركة تصنيع السلع الفاخرة "لويس فيتون" نسخة خاصة بها من الكوفية عام 2021.

ووضعت حزامي برمدا (38 عاماً)، وهي مسؤولة سابقة في الأمم المتحدة تعيش في فرجينيا، وشاحاً فلسطينياً مؤخراً أثناء احتجاجها خارج البيت الأبيض، وفي حي جورج تاون بواشنطن دعماً لوقف إطلاق النار في غزة.

وقالت برمدا إن وضع الوشاح يمنحها "قوة هائلة"، إذ أعاد ربطها بتراثها الفلسطيني، وقدَّم رابطاً رمزياً للأطفال في غزة، لكنه يعرّضها أيضاً لإساءات لفظية.، مضيفة: "أخوض مخاطرة محسوبة".

حادث فيرمونت

وفي أثناء إضاءة شجرة عيد الميلاد بمركز روكفلر في مدينة نيويورك في نوفمبر، نزع رجل أمن الكوفية من أحد الحاضرين الذي كان يضعها، وهي لحظة التقطتها صورة لـ"رويترز".

رجل أمن ينزع الكوفية الفلسطينية من على شخص
رجل أمن ينزع الكوفية الفلسطينية من على شخص بمركز روكفلر في نيويورك. 29 نوفمبر 2023 - Reuters

وقال المصور إدواردو مونوز إن رجل الأمن اقترب من المتظاهرين في مقدمة الحشد الذين كانوا يحملون لافتة وعلماً فلسطينياً وآخر يضع الكوفية، وأمسك بالأشياء الثلاثة، وأخذ الكوفية من حول عنق المتظاهر.

كما وثَّق مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية عدة حالات لأشخاص تعرّضوا للاستهداف لوضعهم الكوفية، "من أب اعتُدي عليه في ملعب ببروكلين، إلى طالبة دراسات عليا في جامعة هارفارد قيل لها إنها ترتدي وشاحاً إرهابياً".

وفي أخطر حادث، أُطلق النار على 3 طلاب جامعيين من أصل فلسطيني، اثنان منهما يضعان الكوفية، في برلنجتون بولاية فيرمونت، بينما كانوا يتنزهون الشهر الماضي.

وأُصيب هشام عورتاني (20 عاماً) بشلل نصفي من الصدر إلى الأسفل. واتهمت السلطات مشتبهاً به بمحاولة القتل في إطلاق النار، وتُحقق فيما إذا كانت جريمة بدافع الكراهية.

وقالت تمارا التميمي، والدة أحد الطلاب، وهو كنان عبد الحميد، لشبكة (CBS News) الأسبوع الماضي إنها تعتقد بأنه لم يكن من الممكن استهدافهم لو لم يكونوا يرتدون ملابسهم التقليدية "ويتحدثون اللغة العربية".

وتشجع جماعة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وهي منظمة ناشطة للطلاب الجامعيين الفلسطينيين في الولايات المتحدة، الطلاب على وضع كوفياتهم منذ هجمات 7 أكتوبر الماضي، تضامناً مع الطلاب الذين أُطلق عليهم الرصاص في فيرمونت في الأسبوع الذي تلا الهجمات.

الطلاب الجامعيين الثلاثة الذين تعرضوا لإطلاق النار في ولاية فيرمونت الأميركية.
الطلاب الجامعيون الثلاثة الذين تعرّضوا لإطلاق النار في ولاية فيرمونت الأميركية. 25 نوفمبر 2023 - Reuters

غير أن آنا راجاجوبال، عضو الجماعة قالت في هيوستن بولاية تكساس، إنها وأعضاء آخرين لا يضعون الكوفية خارج الأماكن التي يعتبرونها مؤيدة للعرب والمسلمين منذ أكتوبر الماضي، بعد أن حاصر أشخاص يلوّحون بأعلام إسرائيلية مقهى كانوا فيه، وأخذوا يرفعون أصواتهم بالسباب.

وأضافت راجاجوبال (23 عاماً) وهي كاتبة مستقلة تخرجت في جامعة رايس في مايو، وعضو أيضاً في منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام"، وهي جماعة تنادي باستقلال فلسطين: "أنا وصديق كنا نخلع كوفياتنا بعد مغادرة الأماكن (المؤيدة) الفلسطينية والعربية لنكون في أمان".

ومع ذلك، يقول بائعو الكوفية الفلسطينية إن الطلب لا يتوقف. وقال مرجان طوطح، وهو مؤسس شركة في رام الله لبيع المنتجات اليدوية الفلسطينية عبر الإنترنت، إنهم لو كانوا تمكنوا من تخزين 20 ألف كوفية لكانوا باعوها.

تصنيفات

قصص قد تهمك