بين قصف ولعب.. الطائرات الورقية نافذة أطفال رفح نحو الحرية

طفلة فلسطينية تقف أمام خيمة منصوبة وسط آثار دمار خلفته هجمات إسرائيلية في رفح. 31 مارس 2024 - AFP
طفلة فلسطينية تقف أمام خيمة منصوبة وسط آثار دمار خلفته هجمات إسرائيلية في رفح. 31 مارس 2024 - AFP
رفح-أ ف ب

تصل الطفلة الفلسطينية ملك عيّاد مع عمها وإخوتها يومياً عند حدود رفح مع مصر، لتطلق طائرتها الورقية، هرباً من أصوات القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.

وعلى بعد أمتار من السياج الحدودي بين مصر وقطاع غزة، تمسك ملك (11 عاماً) بخيط أبيض اللون تربطه بطائرة ورقية.

تركض الطفلة إلى الخلف، وتطلق طائرتها فتعبر نحو الأراضي المصرية المحاذية لبوابة صلاح الدين عند الحدود، وفي كل مرة تجتاز الطائرة الحدود، تطلق ملك ضحكة الانتصار، خاصة وأن صديقاتها، وبنات عمها ما زلن يكررن المحاولة.

تقول ملك عيّاد: "كل يوم ألعب مع إخوتي وبنات عمي في الطبق (الطائرة الورقية) بجانب الحدود المصرية، عندما أقوم بذلك أشعر بالحرية والأمان".

نزحت الطفلة مع عائلتها من حي الزيتون بمدينة غزة، وتقول: "نطير الأطباق، عمي محمد وأنا، ونلعب ساعتين ونرجع إلى الخيمة، وعندما أرجع إلى الخيمة أسأل عن أمي وأبي، أخاف عليهما.. كان القصف قريباً منهما، أخاف من القصف".

فجأة، يُسمَع صوت انفجار غير بعيد ناتج عن غارة جوية استهدفت منزلاً في حي الجنينة المجاور، وينادي عمها محمد عيّاد (24 عاماً) عليها، وعلى الفتيات قائلاً: "أسرعوا القصف يقترب".

تشد ملك الخيط، وتطوي طائرتها بيدها التي تحمل سواراً طُرِّز عليه علم فلسطين، وتعود مع صديقاتها إلى خيمتهم في منطقة "كير" في مخيم رفح، والتي تبعد نحو 500 متر عن الجدار الحدودي.

تقول وهي ترتعد خوفاً: "انتهى وقت اللعب، عندما يبدأ القصف من الجو نهرب إلى البيت".

"أمنيتي أن أسافر مصر"

اندلعت حرب إسرائيل على قطاع غزة في السابع من أكتوبر، بعد هجوم نفّذته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل، قبل أن ترد تل أبيب بتدمير واسع النطاق لقطاع غزة، أودى بحياة أكثر من 32 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

رغم الحرب والخوف تبدو ملك سعيدة بطائرتها الورقية، وتأمل بعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، وتقول مبتسمة: "يسافر طبقي كل يوم إلى مصر، نحن محبوسون في غزة، قصف وموت ودمار، ولا أعرف متى سنعود إلى بيتنا في غزة".

على بعد مئات الأمتار اصطحب هيثم أبو عجوة (34 عاماً) طفليه محمد (خمس سنوات)، وآدم (سبعة شهور) للعب بالطائرة الورقية.

نزح أبو عجوة من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، مع زوجته وطفليه، إلى عدة أماكن قبل أن يستقر به الحال في خيمة في مخيم رفح.

يساعد أبو عجوة ابنه محمد في إطلاق الطائرة الورقية لتعبر الحدود مع مصر، ويقول: "شعوري أن هذه الطائرة الورقية رفاهية، بالنسبة لي، تُذكّرني بأيامي عندما كنت صغيراً"، ويعتقد أبو عجوة أن إطلاق الطائرات الورقية فيه "تفريغ طاقة سلبية".

ويضيف: "في المخيمات لا تستطيع أن تشعر بالحرية، أو بالراحة مثل هذه المناطق الخالية القريبة من الحدود".

 "برافو يا برنسيسة"

ليست ملك وأطفال أبو عجوة وحدهم الذين يطلقون طائراتهم الورقية؛ إذ ينتشر عشرات الأطفال بعضهم مع عائلات يومياً بعد الظهر قرب الجدار الحدودي المصري، ويطلقونها لتعبر الحدود، ويتحدث بعضهم مع الجنود المصريين في أبراج المراقبة العسكرية على الطرف الثاني.

حلَّقت طائرة ملك قبالة برج المراقبة المصري، فلّوح لها جندي مصري كان في غرفة إسمنتية صغيرة، بيده وهو مبتسم.

وقال الجندي لملك بلهجته المصرية: "برافو يا برنسيسة"، ردت ملك شاكرة، ولوَّحت هي أيضاً له بيدها، وقالت: "نحب مصر، أمنيتي أن أسافر مصر مثل الطبق".

تصنيفات

قصص قد تهمك