في مثل هذا اليوم قبل 35 عاماً انفجر المفاعل رقم 4 بمحطة تشيرنوبيل النووية بأوكرانيا السوفيتية، لتترتب على ذلك مأساة إنسانية متواصلة ما زالت آثارها مستمرة حتى اليوم.
وبالرغم من الكارثة الإنسانية التي خلفها، فإن هواة السفر وجدوا في موقع الانفجار النووي الأكثر فداحة مآرب أخرى، فيما بات يُطلق عليه "سياحة المأساة".
"الشرق" ترصد ما قد يتوجّب عليك توقعه إذا ما قررت بعد انحسار الجائحة، أن تقوم برحلة لتشرنوبيل، لضمان قضاء رحلة دون مخاطر.
سياحة معتمة
تُعد السياحة المعتمة أو سياحة الحزن والمأساة نمطاً من السياحة يستهدف مواقع يرتبط تعريفها بالموت والمعاناة، كزيارة حُطام سفينة، أو موقع انفجار، أو حتى ساحة حرب.
ومن أشهر وجهات السياحة المعتمة مدينة بومبي الأثرية بإيطاليا، والتي توثق ثورة بركان فيزوف، ونصب السلام بمدينة هيروشيما اليابانية، وحقول قتل الخمير الحمر بكمبوديا، ومعسكر أوشفيتز في بولندا المرتبط بألمانيا النازية.
وانضم موقع تشرنوبيل إلى قائمة السياحة المعتمة حديثاً، بالتحديد خلال السنوات العشر الأخيرة، وفقاً لـ"واشنطن بوست"، التي عزت تصاعد الاهتمام بتشرنوبيل كوجهة سياحية إلى انتشار لعبة الفيديو Stalker: Shadow of Chernobyl قبل نحو 10 أعوام.
وأسهم المسلسل القصير تشرنوبيل، الذي أنتجته شبكة "إتش بي أو" عام 2019 في وصول الاهتمام بتشيرنوبيل كمزار سياحي لذروته، إذ رصدت شركات السياحة زيادة قدرها 30 إلى 40 % في عدد السياح المقبلين عليه.
المنطقة المحظورة
ويعتبر السؤال بشأن مدى أمان زيارة المنطقة المحظورة لتشيرنوبل، السؤال الأكثر منطقية وأسرع ما يتبادر لأذهان من يخططون لرحلة سياحية للمنطقة.
وبالرغم من إجلاء عشرات الآلاف من المنطقة مباشرةً أثناء الكارثة، واصل الإشعاع حتى الأمس القريب التسبب في ميلاد أطفال مصابين يعانون من متاعب صحية، وفقاً لليونسيف.
ووفقاً لموقع "قصة تشيرنوبيل"، وهو الموقع الذي خصصته الحكومة الأوكرانية لتنظيم رحلات سياحية للمنطقة المحظورة، أصبح من الآمن التواجد في مكان الحادث لبعض الوقت، بعد مرور عقود على الكارثة النووية.
وللمزيد من الشعور بالأمان، يحصل كل سائح يزور المنطقة المحظورة على قناع قماشي، وعداد "جايجر مولر" شخصي لقياس نسبة الإشعاع، والتأكد من أنها ضمن النطاق المسموح.
وتتراوح فئات وأسعار رحلات تشيرنوبيل، فتكلف رحلة اليوم الواحد 150 دولاراً للفرد، بينما يصل سعر رحلة من 6 أيام إلى 400 دولار للفرد، وبالمقابل، تكلّف الرحلة الخاصة التي لا ترتبط بمجموعة 800 دولار.
مدينة الأشباح
الذهاب إلى مدينة أشباح هو المزاج العام للرحلة إلى مدينة تشيرنوبيل الأوكرانية، والتي تسعى الحكومة بخطى حثيثة لإدراجها ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي.
ويمكن للزائر التجوُل بعدة مسارات كانت في السابق مطروقة وتعج بالحياة، كالمدارس والفصول الدراسية وحتى الملاعب، والغابات.
ويرشح موقع "قصة تشيرنوبيل" فصلي الخريف والشتاء، كأكثر فصول العام اتساقاً مع حالة تشيرنوبيل، ففي الخريف، تساعد الأجواء الشاحبة والظلامية على تكثيف شعور السياح بأجواء المدينة المهجورة وتاريخها المأساوي، فيما يعطي فصل الشتاء الفرصة للسياح لرؤية بعض الحيوانات كالذئاب والخنازير الوحشية.
ومن أبرز المعالم التي من المتوقع أن تغطيها الرحلة مدينة ملاهٍ، كان من المقرر افتتاحها بالتزامن مع عيد الربيع أو يوم مايو، بعد 5 أيام فقط من ذكرى الكارثة.
وتسمح أيضاً الجولات السياحية بالمرور حول مفاعل تشيرنوبيل ذاته، بوصفه المفاعل النووي الوحيد غير المستخدم في العالم.
قواعد الزيارة
وتضع الشركة التابعة للحكومة الأوكرانية حزمة من الشروط للرحلات السياحية لتشيرنوبيل، نظراً للطبيعة الخاصة للموقع السياحي، أبرزها بلوغ السائح 18 عاماً فما فوق، حتى يتسنى له زيارة تشيرنوبيل.
وتُفرض أيضاً أثناء الرحلة قواعد صارمة فيما يخص ملابس الزوار، تتمثل في الملابس ذات الأكمام الطويلة والأحذية طويلة الرقبة، فيما يحظر بشكل بات ارتداء السراويل القصيرة والأحذية المفتوحة، فيما يُنصح بارتداء ملابس قديمة، سهلة الغسل، ومن الممكن التخلص منها إذا لزم الأمر.