التحالف الدولي ضد داعش.. تغييرات جديدة لمواجهة تمدد التنظيم

time reading iconدقائق القراءة - 12
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين في صورة جماعية خلال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش بشأن سوريا والتنظيم الإرهابي، في العاصمة الإيطالية روما، 28 يونيو 2021 - via REUTERS
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين في صورة جماعية خلال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش بشأن سوريا والتنظيم الإرهابي، في العاصمة الإيطالية روما، 28 يونيو 2021 - via REUTERS
دبي -الزبير الأنصاري

بعد نحو 7 سنوات من تأسيسه، يشهد التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، تغيرات في الخطط، ومناطق العمل، وذلك استحابة للتطورات الكبيرة في نشاط تنظيم داعش الذي انتقل إلى مناطق نفوذ وحواضن جديدة.

تأسس التحالف في يوليو 2014، رداً على اجتياح داعش لمناطق واسعة في سوريا والعراق، وذلك ضمن مهمة متعددة الأطراف، كما يشير الموقع الرسمي للتحالف، للعمل على هزيمة التنظيم، وتفكيك شبكاته، ومجابهة طموحاته في التمدُّد عالمياً. 

ظروف التأسيس

ويشير بريت ماكغورك منسق الإدارة الأميركية الحالية للشرق الأوسط، والمبعوث الرئاسي السابق للتحالف الدولي لمحاربة داعش، إلى أنه بعد اجتياح داعش لشمال شرق العراق في 2014، اقترح معاونو الرئيس الأميركي حينها باراك أوباما تنفيذ ضربات جوية عاجلة لمواجهة التنظيم، لكن الرئيس السابق فضل بدلاً من ذلك العمل على تطوير "مؤسسة استراتيجية" للمساعدة في استقطاب شركاء آخرين في الحرب ضد التنظيم.

ووفقاً لمعهد "بروكينغز" الأميركي، فقد شكلت الإدارة الأميركية حينها خطة استراتيجية للتحالف تتضمَّن تقديم الدعم العسكري، وعزل المنطقة عن المقاتلين الأجانب، والقضاء على موارد داعش، ودعم الاستقرار واستعادة الخدمات الأساسية العامة في المناطق المحررة من داعش، ومجابهة الدعاية الإعلامية للتنظيم.

وبمجرد بدء الحملة، سافر ماكغورك، برفقة الجنرال جين آلين الذي كان حينها مبعوثاً رئاسياً خاصاً للتحالف حول العالم، من أجل حشد دعم الدول الأخرى. ووصف ماكغورك تشكيل التحالف بأنه "لحظة فريدة للقيادة الأميركية".

نجاحات التحالف

ومع انطلاق عمليات التحالف، بدأ مسار الأحداث في التغير، إذ تمكَّن الحلفاء بمساعدة الشركاء على الأرض من دحر التنظيم والقضاء على طموحاته في إنشاء دولة، ليتم الإعلان في 2017 عن إنهاء وجود التنظيم في جميع الأراضي العراقية.

وبحلول مارس 2019 أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب هزيمة داعش في سوريا وطرده من آخر المناطق التي كان يسيطر عليها قرب الضفة الشرقية لنهر الفرات.

ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، فقد تمكن التحالف منذ تأسيسه من التدمير الكامل للدولة المزعومة لتنظيم داعش، والقضاء على زعيمه أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019 مع مجموعة من القيادات الأخرى البارزة.

كما تمكن التحالف، بحسب الخارجية الأميركية، من تحرير أكثر من 42 ألف ميل مربع من سيطرة التنظيم، ودعم العودة الطوعية والآمنة لما يقرب من 8 ملايين شخص عانوا ويلات "الحكم الوحشي" لداعش.

وفي ظل تغير الوقائع على الأرض، بدأ التحالف ممثلاً في قائدته الولايات المتحدة تقليص وجوده العسكري في العراق، حيث أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في أغسطس الماضي خفض القوات الأميركية المنتشرة في العراق لمحاربة داعش من 5200 إلى 3 آلاف.

كما سلَّم التحالف ما يزيد على 6 قواعد عسكرية للقوات العراقية، وذلك ضمن خططه لإعادة هيكلة وجوده في البلاد، والدفع باتجاه الاعتماد على القوات المحلية في مواجهة التنظيم، مع التركيز على الجوانب الاستشارية والتدريبية في عمليات التحالف الدولي.

التحالف بعد هزيمة داعش

لكن على الرغم من تقليص النشاط العسكري، إلا أن التحالف استمر في توسيع نطاقه المؤسسي كتكتل عالمي لمحاربة داعش، فخلال العامين الماضيين وسع التحالف حضوره الدولي، بإضافة 4 شركاء جدد، هم: جمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وموريتانيا، واليمن، ليصبح العدد الإجمالي لشركاء التحالف 83 شريكاً (78 دولة و3 مؤسسات دولية).

ويأتي هذا التوسع لمنع أي تجدد لنشاط التنظيم في العراق وسوريا، ولمكافحة تمدده خارج هذين البلدين خصوصاً في أفريقيا، وهو ما تشير إليه دعوة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي في روما، الاثنين، إلى التوسع في خطط التحالف للتعامل مع التهديدات في أفريقيا، بالتزامن مع الجهود الأخرى المبذولة.

وقال التحالف الدولي في البيان الختامي للاجتماع الوزاري، الاثنين، إنه "لاحظ بقلق كبير أن شبكات تنظيم داعش والمجموعات المنتسبة إليه في أفريقيا جنوب الصحراء تهدد الأمن والاستقرار، ولا سيما في منطقة الساحل، وشرق أفريقيا/موزمبيق".

توسع أفريقي

وتشير تصريحات بلينكن، وإعلان التحالف بخصوص حضور داعش في أفريقيا، إلى أن الهزيمة الكاملة أو شبه الكاملة في العراق وسوريا لم تحل دون توسع التنظيم في مناطق جديدة، خصوصاً في أفريقيا، حيث يعمل التنظيم من خلال تحالفات واستراتيجيات جديدة على تعزيز نفوذه في القارة السمراء.

ففي نيجيريا على سبيل المثال، تمكن ما يعرف بتنظيم داعش في غرب أفريقيا، وإثر اتصالات بدأت منذ عام 2015، من التغلغل في جماعة "بوكو حرام" المتمردة، والقضاء أخيراً على زعيمها أبوبكر شيخو، وضم كثير من مقاتليها إلى داعش، ضمن مخطط لإنشاء مناطق سيطرة جديدة في البلاد.

 وفي مالي، تتواصل حملة حرب العصابات التي يشنها ما يعرف بتنظيم داعش في الصحراء الكبرى عبر نصب الكمائن للقوات المالية والدولية الموجودة في البلاد، وإطلاق قذائف الهاون واستخدام العبوات الناسفة.

وعلى الرغم من صراع التنظيم مع بعض الجماعات المنتمية للقاعدة في البلاد مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، إلا أنه تمكن من البقاء والاستمرار في تنفيذ عملياته الإرهابية.

وفي موزمبيق تواجه الحكومة، بحسب وكالة "فرانس برس"، تمرداً في المناطق الشمالية للبلاد الغنية بالنفط، حيث تنتشر مجموعات منتسبة إلى داعش منذ 2017، ويعمد مسلحوها خلال هجماتهم الى إحراق قرى بكاملها وقطع رؤوس الرجال.

 ووفقاً لموقع "ديفينس وان" الأميركي المتخصص في الشؤون الأمنية، فقد استفاد التنظيم في انتشاره من الحدود التي يسهل اختراقها في جميع أنحاء أفريقيا، كما استغل أيضاً التحولات السياسية الهشة وضعف القطاعات الأمنية في بلدان مثل مالي وموزمبيق، للعمل على زيادة زعزعة استقرار هذه الدول الهشة بالفعل.

من الشرق الأوسط إلى أفريقيا

وتشير صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن المكاسب الأخيرة التي حققها التنظيم في القارة جعلته يركز في دعايته على منطقة جنوب الصحراء بالقارة الإفريقية؛ باعتبارها جبهة جديدة، قد تعوض التنظيم عن نكساته الكبيرة في المناطق الأخرى.

وقال الخبير في الحركات المسلحة بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي فنيسنت فوتشر: "بالنسبة لمنظمة مثل داعش، فأفريقيا جنوب الصحراء هي المكان الذي تستطيع أن تترك فيه أثراً كبيراً باستخدام الحد الأدنى من الموارد. إنه أحد الأماكن القليلة في العالم، حيث تسيطر داعش بالفعل على أراض تتجاوز مساحتها آلاف الكيلومترات".

وأمام هذا التحول الجديد في مناطق نفوذ داعش، أكد التحالف الدولي في بيانه الختامي، الاثنين، التزامه "بالعمل مع الدول المتضررة لمواجهة التهديدات التي يمثلها داعش في أفريقيا، لضمان هزيمة عالمية دائمة للتنظيم، وذلك بناءً على طلب الدول المعنية وبموافقتها المسبقة"، مشيراً إلى أنه "سينسق عن كثب مع المبادرات القائمة في هذا الصدد مثل التحالف من أجل الساحل ومنتدى مكافحة الإرهاب العالمي".

كما أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال خطابه في اجتماع وزراء خارجية دول التحالف هذا التوجه نحو أفريقيا في خطط التحالف، مشيراً إلى أن "ضمان الهزيمة الدائمة لداعش يعني أيضاً المواجهة الفعالة لتهديدات داعش خارج العراق وسوريا".

وقال بلينكن إن شركاء التحالف "أبدوا دعمهم لتوسيع جهود بناء القدرات في مكافحة الإرهاب لتشمل الدول الواقعة على الخطوط الأمامية لمواجهة تهديد داعش في أفريقيا".