روسيا تعلّق مشاركتها في اتفاق الحبوب.. وبايدن: انسحاب "مشين"

time reading iconدقائق القراءة - 8
حبوب قمح على متن سفينة بميناء أوديسا الأوكراني في طريقها إلى جيبوتي - 30 أغسطس 2022 - REUTERS
حبوب قمح على متن سفينة بميناء أوديسا الأوكراني في طريقها إلى جيبوتي - 30 أغسطس 2022 - REUTERS
موسكو/ دبي-الشرقوكالات

علّقت موسكو مشاركتها في اتفاق تصدير المنتجات الزراعية من الموانئ الأوكرانية، عقب هجوم على سفن في شبه جزيرة القرم اتهمت كييف بالوقوف وراءه، فيما وصف الرئيس الأميركي جو بايدن الانسحاب الروسي من الاتفاق بأنه "مشين".

ويمثل انسحاب روسيا ضربة للاتفاق الذي أُبرم قبل نحو ثلاثة أشهر بهدف تخفيف الضغط العالمي على إمدادات الحبوب.

ونقلت وكالة "تاس" للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها السبت، إن قرار موسكو جاء في أعقاب هجمات على سفن في شبه جزيرة القرم.

وذكرت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي "رداً على الهجوم الأوكراني الإرهابي في سيفاستوبول" بشبه جزيرة القرم، مشيرة إلى أن أوكرانيا هاجمت سفن أسطول البحر الأسود وسفناً مدنية مشاركة في ضمان أمن "ممر الحبوب"، بحسب "تاس".

وخلال وقت سابق السبت، أعلن الجيش الروسي، أنه صدّ هجوماً بمسيّرات استهدف أسطوله في خليج سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم متسبّباً بأضرار في إحدى السفن، واتهم أوكرانيا وبريطانيا بالوقوف وراءه.

وفي 22 يوليو الماضي، وقعت روسيا وأوكرانيا وتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو" والأمم المتحدة، اتفاقاً، لفك الحصار المفروض على صادرات الحبوب والأسمدة الأوكرانية من موانئ البحر الأسود، بهدف المساعدة في تخفيف حدة أزمة الأغذية العالمية المتنامية.

"تعليق لأجل غير مسمى"

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إنها "أبلغت ممثلي موسكو في مركز التنسيق المشترك بإسطنبول بشأن تعليق العمل بالاتفاق"، مضيفةً: "لا يمكننا ضمان سلامة السفن المدنية المشاركة في تنفيذ اتفاق الحبوب، لذلك سيتم تعليقه لأجل غير مسمى".

وقال وزير الزراعة الروسي دميتري باتروشيف في وقت سابق السبت، إن روسيا مستعدة لتوريد ما يصل إلى 500 ألف طن من الحبوب إلى الدول الفقيرة خلال الأشهر الأربعة المقبلة بمساعدة تركيا، وهو ما
يحل محل إمدادات الحبوب الأوكرانية.

وأضاف "مع الأخذ في الاعتبار حصاد هذا العام، فإن روسيا الاتحادية على استعداد تام لاستبدال الحبوب الأوكرانية وتقديم الإمدادات بأسعار معقولة لجميع الدول المهتمة".

أوكرانيا: "ذريعة كاذبة"

وفي أول رد فعل بعد القرار الروسي، نددت أوكرانيا السبت بـ"الذريعة الكاذبة" التي لجأت اليها روسيا لتبرير تعليق مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب، في إشارة الى الهجوم في القرم، داعية إلى رد دولي قوي على موسكو من أجل "الوفاء بالتزاماتها". 

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمة مصورة، إن تعليق موسكو اتفاق تصدير الحبوب، يتطلب رداً دولياً قوياً من الأمم المتحدة ودول مجموعة العشرين، متهماً روسيا بمحاولة إحداث مجاعة مصطنعة في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا".

فيما قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تغريدة "إن موسكو تلجأ الى ذريعة كاذبة من أجل إغلاق ممر الحبوب الذي يوفر الأمن الغذائي لملايين الأشخاص. أدعو جميع الدول إلى مطالبة روسيا بالكف عن ألاعيب الجوع وبأن تتعهد من جديد الوفاء بالتزاماتها". 

تركيا لم تتبلغ رسمياً

وأفاد مصدر أمني لوكالة "فرانس برس" السبت، بأن "تركيا لم تتبلغ رسمياً" انسحاب روسيا من الاتفاق الدولي الخاص بصادرات الحبوب، بعدما رعت أنقرة توقيعه مع الأمم المتحدة في إسطنبول.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنه "لا توجد خطط حتى الآن لإجراء اتصالات بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان حول تعليق مشاركة روسيا في اتفاق الحبوب"، وفقاً لـ"تاس".

بايدن: انسحاب "مشين"

بدوره، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، إن قرار روسيا الانسحاب من الاتفاق الذي يسمح بتصدير الحبوب من أوكرانيا "مشين".

وأضاف خلال حديثه إلى صحافيين: "ليس هناك سبب ليفعلوا ذلك"، في إشارة إلى وقف الاتفاق الضروري لتخفيف أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن النزاع.

واعتبرت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أن روسيا تستخدم "الغذاء سلاحاً".

وقالت أدريين واتسون في بيان إن "روسيا تحاول مجدداً استعمال الحرب التي بدأتها ذريعة لاستخدام الغذاء سلاحاً، الأمر الذي يوثر مباشرة في البلدان على صعيد الحاجة وأسعار المواد الغذائية في مختلف أنحاء العالم، ويفاقم الأزمات الإنسانية الخطيرة أصلاً وانعدام الأمن الغذائي".

تحذير أوروبي

وقالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي السبت، إن التكتل يدعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للحفاظ على اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، بعد أن أعلنت موسكو انسحابها منه.

وأضافت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في المفوضية الأوروبية، "إننا... نشدد على أنه يتعين على جميع الأطراف الامتناع عن أي إجراء أحادي من شأنه أن يعرض مبادرة
حبوب البحر الأسود للخطر، وهي جهد إنساني مهم له تأثير إيجابي بوضوح على الحصول على الغذاء بالنسبة لملايين الناس في أنحاء العالم".

دعوة أممية

قال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك في بيان إن المنظمة علمت بتقارير عن تعليق روسيا مشاركتها في اتفاق الحبوب الأوكرانية، مشيراً إلى التواصل مع السلطات الروسية في هذا الشأن.

وأضاف: "من الحيوي أن يمتنع كل الأطراف عن أي عمل من شأنه أن يعرض اتفاق الحبوب في البحر الأسود للخطر"، مؤكداً أن لهذا الاتفاق "أثراً إيجابياً" لتأمين الغذاء للملايين في مختلف أنحاء العالم.

ونقلت وكالة نوفوستي الروسية للأنباء عن مصدر في الأمم المتحدة قوله إن مجلس الأمن سيعقد جلسة في الأيام المقبلة.

والجمعة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، "جميع الأطراف"، إلى "بذل كل جهد ممكن" لتمديد الاتفاق الخاص بصادرات الحبوب الأوكرانية، مشدداً في الوقت نفسه، على ضرورة رفع "الحواجز" بسرعة أمام الصادرات الروسية.

وأفاد ستيفان دوجاريك بأن المدة الأولية للاتفاق بشأن الصادرات الأوكرانية "هي 120 يوماً ويمكن تمديدها تلقائياً في 19 نوفمبر المقبل إذا لم يعترض أي طرف".

وتابع: "نحن لا نقلل من شأن التحديات لكننا نعلم أنه يمكن التغلب عليها"، مشدداً على أن "الحكومات وشركات الشحن البحري، وتجار الحبوب، والأسمدة والمزارعين في كل أنحاء العالم يحتاجون إلى إيضاح الأمور".

أسباب رفض موسكو

وقالت يلينا تيورينا، رئيسة قسم التحليلات في اتحاد الحبوب الروسي، لـ"الشرق" إن صفقة الحبوب "لم تساهم في زيادة صادرات الحبوب الروسية إلى الدول الإفريقية كما أن الحبوب الأوكرانية أيضاً لم تذهب إلى إفريقيا، بل ذهبت بشكل أساسي إلى أوروبا وتركيا".

وأوضحت أن روسيا "رفضت هذه الصفقة لأنها لم تعطنا أي نتيجة"، معتبرة ذلك "أمر منطقي".

وأضافت تيورينا أنه بين الأول من يوليو إلى 28 أكتوبر، قمنا بشحن حوالي 17 مليون طن من القمح"، مشيرة إلى أن روسيا قامت "بتخفيض الشحنات إلى تركيا، لكن الشحنات إلى مصر والجزائر ارتفعت". 

وتابعت أن روسيا تصدر الحبوب "بنشاط إلى إسرائيل والإمارات"، مضيفة: "أرى فرصاً جيدة بغض النظر عن صفقة الحبوب، إذ أننا نقوم بحل المشكلات اللوجستية" في تصدير الحبوب من روسيا.

مخاوف روسية

وفي منتصف أكتوبر الجاري، قال المندوب الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة بجنيف، جينادي جاتيلوف، إنَّ موسكو قدَّمت لائحة مخاوف للأمم المتحدة بشأن اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، مؤكداً أنَّ بلاده مستعدة لرفض تجديد الاتفاق الشهر المقبل ما لم تتم تلبية مطالبها.

وأضاف جاتيلوف في مقابلة مع وكالة "رويترز" آنذاك، أنَّ موسكو سلَّمت، رسالة إلى أنطونيو جوتيريش تتضمَّن قائمة بالشكاوى، قائلاً خلالها: "إذا لم نرَ شيئاً يحدث على الجانب الروسي من الصفقة - تصدير الحبوب والأسمدة الروسية - فعندئذٍ، سيتعين علينا النظر إلى الأمر بطريقة مختلفة".

ورداً على سؤال حينها عمَّا إذا كانت روسيا قد تمتنع عن دعم تجديد الاتفاق، بسبب هذه المخاوف، قال جاتيلوف: "هذا احتمال قائم. لسنا ضدَّ تصدير الحبوب، ولكن هذا الاتفاق يجب أن يكون قائماً على التساوي، والعدل، وأن ينفذه جميع الأطراف بإنصاف".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات